بحث المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في اجتماعه الدوري برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في الشؤون الإسلامية والوطنية والعربية، لاسيما ما يتعرض له لبنان من مجازر يرتكبها العدو الإسرائيلي في حق لبنان واللبنانيين، من اجتياح للأرض واختراق للأجواء اللبنانية، وغارات جوية مدمرة، وقتل للمدنيين والأبرياء، وهدم للقرى والبلدات اللبنانية والمنازل، في الجنوب اللبناني، وفي البقاع، وفي بيروت والضاحية الجنوبية، وسائر المناطق اللبنانية.
وجدد المجلس دعوة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ القرار بوقف الحرب على لبنان فوراً، وإلزام العدو الصهيوني بوقف إطلاق النار وتطبيق شرعة الأمم المتحدة، التي تقضي بحل النزاعات بالطرق السلمية، التي لم يعد العدو الصهيوني يرعاها أو يعيرها آذاناً صاغية، مما يفقده حقه بعضوية الأمم المتحدة، لأنه معاد للسلام ومتمرد على قرارات الشرعية الدولية، وقرارات المحاكم الدولية، ولاسيما محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية.
ودعا الى "قيام مجلس الأمن الدولي بتلبية دعوة الحكومة اللبنانية بالشروع فوراً بتطبيق قراره رقم 1701 كاملاً، بما يؤمن إنهاء الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على لبنان، ووقف المجازر الإنسانية التي يرتكبها بحق شعبه، وتمكين الجيش اللبناني بممارسة حقه الطبيعي والوطني في الدفاع عن لبنان، وتأمين وتعزيز كل القدرات والإمكانات التي تتيح له القيام بهذا الدور الوطني، وبتأييد ودعم كامل من كل الشعب اللبناني، وبما يعيد للدولة دورها في الإمساك بالقرار الوطني، وفي الدفاع عن سيادتها الوطنية، وكرامة شعبها.
وجدد المجلس الشرعي دعمه ووقوفه الى جانب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يعمل جاهدا للخروج من المحنة التي يعيشها لبنان واحتواء تداعيات العدوان الصهيوني على لبنان".
واكد المجلس على تمسك اللبنانيين بوحدتهم الوطنية، وموقفهم الموحّد في رفض العدوان الصهيوني الهمجي، هما الضمانة الأساسية، للصمود في وجه هذا العدو الغاشم، ولحماية أمنهم وسيادتهم وحريتهم واستقلالهم. وليعلم الجميع أن العدوان الصهيوني هو عدوان على كل لبنان، وعلى كل لبناني، وان اللبنانيين جميعاً بوحدتهم وتضامنهم وتمسكهم بأرضهم ووطنهم قادرون على الصمود ورد العدو على أعقابه، وان الدولة اللبنانية هي المسؤولة عن حماية الوطن والدفاع عن السيادة الوطنية، وعن شعبها والضامنة لأمنه واستقراره وازدهاره.
ورأى المجلس ما حصل في لبنان ويحصل، هو امتحان عسير لنا جميعاً، عرَّض لبنان كله للدمار، لعلنا نتعظ ويكون لنا درساً، في معالجة مشكلاتنا الحالية والقادمة، ويأتي في طليعتها انتخاب رئيس للجمهورية يكون عنواناً جامعاً للبلاد، تقيداً بأحكام الدستور، وهو أمر لا يجوز الاستهانة به أو التمادي في تأجيله أو تعطيله، هو واجب وطني ودستوري في آن معاً، وتعطيله هو تعطيل للدستور، وتعطيل للحياة الوطنية، وتعطيل لمصالح الناس واستقرار حياتهم، وتعطيل لأمن البلاد.
وتابع :"ينبغي علينا جميعاً أن نستعيد الدولة التي هي ملاذنا ومصدر حمايتنا، كفانا تشرذماً وفوضى ويجب ان تستعيد الدولة قرارها ودورها وسلطتها وهيبتها، وتحرص على تطبيق الدستور واتفاق الطائف، وتحافظ على العيش المشترك الإسلامي المسيحي الآمن، ينبغي أن نبدأ ببناء الدولة القادرة والعادلة، وأن نعتاد العيش في كنف الدولة ونتقبّل فكرة الدولة ونحترم قوانينها ودستورها ونخضع لسلطاتها، لأننا خارجها نكون جماعات وطوائف وقبائل متناحرة، لا رابط بيننا ولا كيان لنا"، مضيفا ك"لم نفقد الأمل ببناء الدولة الدستورية، دولة الحق والمؤسسات والكرامة الإنسانية التي تستطيع أن تنقذ لبنان وتستعيد استقراره الاقتصادي ونموه ونهوضه وازدهاره".
واكد المجلس ان "فلسطين والقضية الفلسطينية، قضية حق وعدل، ستبقى في ضميرنا، وفي ضمير العرب والمسلمين، وفي ضمير العالم، وفي ضمير الإنسانية".
ولفت المجلس الى انه "بمناسبة الدعوة المسؤولة التي وجهتها المملكة العربية السعودية لعقد قمة عربية إسلامية للبحث في عدوان إسرائيل على غزة ولبنان، نناشد القمة، بكل ما يمزق قلوبنا، من آلام وأحزان ومرارة، الأخذ بعين الاعتبار أنّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية التي تتمحور حولها معظم القضايا في المنطقة العربية، وهي قضية محقّة لاتزال تنتظر الحل العادل والشامل، ليكون للفلسطينيين وطنهم، وتكون لهم دولتهم السيدة المستقلة وعاصمتها القدس، إذْ لم يعد جائزاً الاكتفاء بإعلان المطالب ورفع الشعارات، بل بات مطلوباً، في مواجهة ما يظهره الكيان الصهيوني من تنمر وجبروت وتدمير للحياة، ان تنتقل من رد الفعل والاقتصار على التمنيات إلى الفعل، بما تملك دول القمة من قدرات هائلة، واستعمال كل وسائل الضغط والتأثير، لإحقاق الحق، حق فلسطين وحق لبنان، وحق عالمنا، بأن ينعم بالأمن والسلام والعدالة".
واضاف :"لأنّ هذا العدو لا حدود لأطماعه، لا في الزمان ولا في المكان، بات لبنان معرّضاً للمخاطر والضياع، وعينها على كل ما فيه، طبيعة وموقعاً جغرافياً واستراتيجياً، وموارد مائية واقتصادية، وحضارة وثقافة عالمية، واجتماعاً سياسياً يقوم على عيش مشترك إسلامي- مسيحي، يشكِّل نموذجاً إنسانياً فريداً للحياة المشتركة بين الثقافات الإنسانية، وهي تسعى لضربه وتدميره وتفتيته وتقسيمه ووضع اليد عليه، إنهما، فلسطين ولبنان، أمانه بين أيديكم، ولن يخيب أملنا بمن حفظ ويحفظ أمانة الله في عنقه".
كنا، منذ سنة 1948، نقول وننادي، مَنْ لفلسطين؟ مَنْ للقدس؟ مَنْ للمسجد الأقصى؟ مَنْ للمقدسات الإسلامية والمسيحية؟ وبتنا نقول اليوم مَنْ للبنان، فماذا بعد؟
وأثنى المجلس أخيراً على البيان الصادر عن القمة الروحية التي انعقدت في بكركي مؤخرا، والتي أكَّدت على ضرورة الخروج من الحرب والتوصل إلى وقف إطلاق النار فوراً والشروع في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 كاملاً.