سألت مجلة “إيكونوميست” البريطانية في افتتاحية لها، حول ما إذا كان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، سيَفي بتعهده خلال حملته الانتخابية بوقف الحروب حول العالم بما في ذلك بالشرق الأوسط. واوضحت إن “ترامب وحّد في يومه الأول كرئيس منتخب، الشرقَ الأوسط”، مشيرة إلى أن “الجميع يتفق على أن فترته الثانية ستغير سياسة أميركا في المنطقة، لكن لا أحد يتفق على ماهية هذه السياسة”. واعتبرت أنه “رغم أن انتخاب ترامب ربما يبشر بتحول جذري، فإن الاتجاه الذي سيسلكه يعتمد على من يسمع منه آخرا”.
ولفتت إلى أن رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سارع إلى “كسب ود ترامب، وكان من بين أول قادة العالم الذين هنأوا الرئيس المنتخب على ما أسماه أعظم عودة في التاريخ”. وأكدت أن “نتانياهو يعتقد أن إدارة ترامب ستمنحه حرية تامة لمواصلة حروب إسرائيل في غزة ولبنان دون أي تدخل أمريكي يطالب بوقف إطلاق النار”. لكنها لفتت إلى أن ترامب خاض الانتخابات متعهدا بتهدئة المنطقة، وقال في خطاب النصر ليلة الانتخابات: “سأوقف الحروب”.
وأشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة أرسلت 18 مليار دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل منذ تشرين الاول 2023، ولقي ما لا يقل عن أربعة جنود أميركيين حتفهم بسبب القتال. وذكرت أنه يتساءل البعض في إسرائيل عما إذا كان ترامب سيشعر بثقل الكلفة ويطالب نتانياهو بإنهاء الحرب قبل توليه المنصب.
وبحسب المجلة “ففي حال حدّ ترامب من قدرة إسرائيل على محاربة إيران ووكلائها، فسوف يُحبط الصقور في واشنطن والقدس. ففي ولايته الأولى، تخلى ترامب عن خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، الاتفاقية التي فرضت قيودا على برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. وقد حاول بايدن إحياء الاتفاقية دون نجاح. وقد يجد ترامب نفسه أمام خيار التفاوض بشأن صفقة جديدة أو الموافقة على عمل عسكري ضد المواقع النووية الإيرانية”. ولفتت إلى أن “ترامب وعد بعدم السماح لإيران بصنع قنبلة نووية، ومع ذلك يبدو غير متحمس للصراع. ففي 5 نوفمبر، قال: لا أريد إلحاق الضرر بإيران، معربا عن رغبته في أن تكون دولة ناجحة”.
ووفقا للمجلة، فإن الأشخاص المحيطين بترامب لديهم آراء مختلطة. كان لدى أعضاء حكومته الأولى صلات وثيقة بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن تدعو لتغيير النظام في إيران. قد يجد بعض هؤلاء الأعضاء أدوارا في إدارة ترامب الثانية.
وذكرت أنه في المقابل، هناك جي دي فانس، نائب الرئيس المنتخب، الذي لا يبدو متحمسا لخوض حرب جديدة في الشرق الأوسط. ففي مقابلة الشهر الماضي، قال إن مصالح أميركا وإسرائيل قد تتباين أحيانا، “ومصلحتنا الأساسية هي عدم الدخول في حرب مع إيران”.
ووفق المجلة، يدعو مشروع 2025، وهو خطة للتيار اليميني لفترة ترامب الثانية، لفرض عقوبات على إيران دون التوصية بعمل عسكري، مشددا على ضرورة أن يقوم حلفاء أميركا العرب بدور أكبر في حماية أنفسهم من التهديدات الإيرانية. وبحسبها، فهذا الخطاب يثير قلق دول الخليج، التى تخشى أيضا أن تؤدي حرب ترامب التجارية مع الصين إلى تراجع أسعار النفط.
وشددت المجلة على أن “لا أحد متأكد من كيفية حكم ترامب هذه المرة. في الشهر الماضي، وعد بجلب السلام إلى لبنان، لكنه لم يوضح كيف سيحقق ذلك. هل سيطالب إسرائيل بسحب قواتها والموافقة على وقف إطلاق النار؟ أم سيدعم غزوا أوسع بهدف القضاء على حزب الله للأبد؟”. ووفقها، فمن المرجح أن يعتمد الجواب على مستشاريه. ويأمل نتانياهو في التأثير على ترامب، لكن العلاقة بينهما متوترة؛ إذ يحمل الرئيس المنتخب ضغينة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ عام 2020، عندما هنأ الأخير بايدن على فوزه الانتخابي بينما كان ترامب لا يزال يعترض على النتيجة.
ولفتت إلى أنه في عام 2022، تزوجت تيفاني ترامب من مايكل بولوس، ابن رجل الأعمال اللبناني- الأميركي الثري، مسعد بولوس، الذي يقدم المشورة لترامب بشأن الشرق الأوسط، ومن هنا جاء اهتمام ترامب المفاجئ بلبنان.
واعتبرت “إيكونومست”، أن فوز ترامب السريع والواضح يستبعد احتمال فترة ما بعد الانتخابات التي قد تشهد تصعيدا في الصراع بين إيران وإسرائيل، ويمنح بايدن 75 يوما (قبل استلام ترامب الحكم) قد يستخدمها لمواجهة نتنياهو.
وذكرت أنه في الفترات بين الانتخابات والتنصيب، يتبع الرؤساء الأميركيون غالبا سياسة أقل ميلا للمجاملة تجاه إسرائيل. ففي عام 2016، قرر باراك أوباما عدم استخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرار لمجلس الأمن يدين المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. في عام 2000، استخدم بيل كلينتون هذه الفترة ليطرح “معايير كلينتون”، وهي محاولة مزعومة أخيرة للوصول إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأشارت إلى أنه لم تثمر هذه الخطوات كثيرا، لكنها كانت إشارات على الإحباط الأميركي. ولكن بحسب المجلة فالآن، يمكن لبايدن أن يذهب أبعد من ذلك، إذا كان مستعدا لقضاء أيامه الأخيرة في مواجهة مع نتنياهو.