أكّد وزير الطّاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، أنّ "توافر المحروقات مرتبط باستدامة استقدام البواخر عبر البحر، إن لناحية المحروقات المخصّصة للنّقل أو للتّدفئة أو للقطاعات الحيويّة، وعلى رأسها الكهرباء. لذلك نعوّل على الدّبلوماسيّة اللّبنانيّة وجهود الدّول الشّقيقة والصّديقة، للإبقاء على هذا الشّريان الحيوي مفتوحًا، ومنع العدو الإسرائيلي من فرض أيّ نوع من أنواع الحصار علينا".
وأوضح، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أنّ في الوقت الحالي، يملك لبنان بطريقة متواصلة احتياطيّات لنحو أسبوعين من المشتقّات النّفطيّة في كلّ القطاعات، وهي تتجدّد دوريًّا مع وصول الشّحنات"، كاشفًا عن أنّ "اتفاقيّة تزويد لبنان بالفيول الثّقيل العراقي تمّ تجديدها مرّتين لغاية اليوم، وقد راسلنا الجانب العراقي للعمل على تجديدها للمرّة الثّالثة، بعدما أبدى رئيس الحكومة العراقيّة رغبته في ذلك، أثناء زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوفد الوزاري إلى بغداد". وبيّن "أنّنا نعوّل كثيراً ونثمن عاليًا هذا الدّعم العراقي الكبير، الّذي أمّن خلال ثلاث سنوات الطّاقة الكهربائيّة الّتي يحتاج إليها لبنان لتشغيل قطاعاته الحيويّة، وتأمين الحدّ الأدنى من التّغذية للمواطنين".
وذكر فيّاض أنّ "الجزائر الشقيقة قد ساعدت لبنان مؤخّرًا، عن طريق إرسال باخرة فيول مجّانًا لصالح "مؤسسة كهرباء لبنان"، في وقت كنّا أحوج ما نكون إلى المحروقات، فلها الشّكر الجزيل شعباً وقيادةً، ونحن نعوّل أيضًا على الدّعم الجزائري والرّابط الأخوي القوي الّذي يميّز العلاقات اللّبنانيّة الجزائريّة؛ من أجل السّير قدمًا في هذه المبادرات".
وأعلن أنّ "منذ تولّينا مهامنا في وزارة الطاقة والمياه، جعلنا من النّهوض المستدام في قطاع الكهرباء أولويّتنا القصوى، وأعددنا خطّةً متكاملةً لهذا القطاع، أخذت موافقة البنك الدولي ودعمه، وعملنا على تطبيق مدرجاتها على الرّغم من التّحدّيات الماليّة والإداريّة والسّياسيّة"، مشيرًا إلى أنّ "هذه الخطّة قد أثمرت عودةً للتّوازن المالي لمؤسّسة كهرباء لبنان للمرّة الأولى من عشرات السّنين، وذلك بسبب تطبيق نظام تسعير جديد من دون دعمٍ عشوائي ومرتبط بسعر النّفط العالمي وسعر صرف الدولار الحقيقي. وأصبحت المؤسّسة قادرة على تمويل مصاريفها ودفع مستحقّاتها للمتعهّدين والمشغّلين ومقدّمي الخدمات، وشراء المحروقات وحتّى الشّروع بالإيفاء بديونها".
كما شدّد على أنّ "في ظلّ الحرب الهمجيّة حاليًّا على لبنان، نسعى للإبقاء على مستويات مقبولة من ساعات التّغذية، مع العمل على زيادتها حيث أمكن"، موجّهًا التّحيّة إلى "عمّال وموظّفي "مؤسّسة كهرباء لبنان"، الّذين سقط منهم شهداء خلال أدائهم لواجبهم في تصليح الأعطال النّاجمة عن الاعتداءات الإسرائيليّة".
ولفت فيّاض إلى أنّ "الوزارة تتابع تسعير المولّدات الخاصّة بطريقة عادلة وشفّافة، وتأمل مواكبتها من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة، لتطبيق هذه التّسعيرة والتّخفيف عن كاهل المواطنين. أمّا لناحية تسعيرة "كهرباء لبنان"، فقد جرى على مرحلتين سابقًا تخفيض على الشّق الثّابت في الفاتورة. أمّا سعر الكيلوواط فهو مدعوم بأوّل مئة كيلوواط بسعر 10 سنتات للكيلوواط".
وشرح أنّ "التّهجير الّذي حصل في مناطق عديدة في لبنان قد خفّض من استهلاكها للكهرباء، ومن ثمّ تمّت إعادة توزيع الفائض على بقيّة المناطق، ما رفع ساعات التّغذية فيها. من ناحية أخرى، نعمل على إعادة تشغيل معملَي الذوق والجية الجديدَين، وندرس إمكانيّة زيادة استيراد المحروقات من العراق لصالح "كهرباء لبنان"، بحسب ما تسمح به ماليّة المؤسّسة، وهذا سيؤدّي حتمًا إلى زيادة ساعات التّغذية".
وعن جهود الوزارة لتطوير مصادر بديلة لتوليد الكهرباء بتكلفة أقل وفعاليّة أكبر على المدى الطويل، ركّز على أنّ "الوزارة أصدرت منذ فترة 11 رخصة لتوليد الكهرباء من الطّاقة الشّمسيّة عير القطاع الخاص، لكن الأزمة الماليّة منعت إنجاز هذه المشاريع بسبب نقص التّمويل. ومؤخّرًا، أبدت بعض الشّركات العالميّة اهتمامها بهذه التّراخيص، وعلى رأسها شركة" CMA CGM" الّتي استحوذت على اثنتين منها، وهي بصدد الإعداد لإنشاء المشاريع على الأرض بقدرة إجماليّة 30 ميغاوات".
وأضاف فيّاض: "أمّا نحن في الوزارة فقد أطلقنا مناقصةً لتلزيم إنشاء مزرعة لتوليد الكهرباء على الطّاقة الشّمسيّة فوق نهر بيروت بقدرة 8 ميغاوات، بتمويل من الدّولة، وقد تقدّمت عدة شركات ونحن بصدد فضّ العروض. بالتّوازي، نجري أيضًا مناقصةً لإنشاء محطّة صغيرة للطّاقة الكهرومائيّة في نبع جعيتا (في جبل لبنان) لتوليد الكهرباء لصالح محطّة تكرير المياه في الضبية".
وأوضح أنّه "أمّا مع البنك الدولي، فقد انتهينا من إعداد مشروع متكامل بقيمة 250 مليون دولار، يتضمّن مكوّنات عدّة، أهمّها إنشاء مزارع طاقة شمسيّة بقدرة 160 ميغاوات في المرحلة الأولى، وقد وافق مجلس إدارة البنك الدولي في واشنطن على المشروع"، مشيرًا إلى أنّ "رفع الدّعم العشوائي وتغيير الأسعار بالكهرباء والمولّدات الخاصّة، أظهر أنّ كلفة الطّاقة الشّمسيّة أرخص من الطّاقة الأحفوريّة، ما شجّع المواطنين على تركيب أجهزة الطّاقة الشّمسيّة الفرديّة، الأمر الّذي رفع من نسبة الاعتماد عليها إلى 20% من الاحتياج الطّاقوي للبنانيّين".
وكشف أنّ "حجم الأضرار في البنية التّحتيّة الّذي تمّ توثيق، فبلغ نحو 480 مليون دولار، وأرسلت هذه الوثائق إلى مؤتمر باريس، حيث يمكن تفصيلها بالأرقام، وقد بلغت الأضرار في قطاع الطّاقة حوالي 320 مليون دولار، وفي قطاع المياه نحو 160 مليون دولار".