انتهت الانتخابات الرئاسية الأميركية بفوز دونالد ترامب على منافسته كامالا هاريس، ومعها يترقب اللبنانيون بقلق كبير تداعيات هذا الفوز على بلدهم في ظلّ استمرار الحرب الإسرائيلية المفتوحة، لا سيما في الفترة الانتقالية حتى تسلم الرئيس الأميركي منصبه الجديد في 20 كانون الثاني 2025.
ويخشى اللبنانيون من إطلاق يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لارتكاب المزيد من المجازر والجرائم وتدمير القرى والبلدات الحدودية لإنشاء منطقة عازلة، رغم تعهدات ترامب بالسعي لوقف الحروب والنزاعات في الشرق الأوسط وتحقيق السلام والازدهار.
وأكدت مصادر سياسية لـ"النشرة"، أن "الحركة الدبلوماسية الأميركية تجاه لبنان لم تتوقف، اذ يتوقع أن يتوجه المبعوث آموس هوكشتين إلى تل أبيب مطلع الأسبوع المقبل، ومن المحتمل أن يزور لبنان وفي جعبته مسوّدة إتفاق لوقف إطلاق النار.
بالمقابل، لا يعول مراقبون سياسيون لبنانيون آمالا كبيرة على هذه الحركة الدبلوماسية، إذ لم تمارس إدارة الرئيس جو بايدن ضغوطا جديّة على نتنياهو لوقف الحرب، فكيف الحال في نهاية ولايته والفترة الفاصلة بين التسلم والتسليم، فيما إدارة ترامب تحتاج المزيد من الوقت لترتيب أوراق إدارته وتعيين المفاوضين.
غير أن مستشار ترامب، اللبناني الأصل مسعد بولس، أكد أن الرئيس الأميركي ترامب سيفي بالوعود التي وضعها في الكتاب الذي أرسله للبنانيين بوقف الحرب قريبًا وإنهاء الدمار والعذاب ضمن اتفاق السلام الشامل في المنطقة، متوقعًا أن يقوم بزيارة إلى بيروت في غضون أسابيع قليلة لهذه الغاية.
تغيير المعادلة
وسط هذا المشهد السياسي، وبانتظار ما ستؤول إليه الاتصالات الدبلوماسية والسياسية، شهدت الحرب الإسرائيلية على لبنان تطورات بارزة، ومنها:
أولًا: إعلان نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في كلمته بمناسبة مرور أربعين يومًا على استشهاد السيد حسن نصر الله ورفاقه، عن رؤيته حول استمرارية الحرب الإسرائيليّة على لبنان، ووقفها الذي يعتمد على عاملين رئيسيين: الميدان والجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وأكد قاسم أنه "لا يوجد مكان في الكيان الإسرائيلي محصّن ضد طائرات أو صواريخ حزب الله"، مما يعني أن جميع المواقع في إسرائيل قد تكون مستهدفة من قبل الحزب، مشددًا على أن "الأيام المقبلة ستكشف المزيد".
واعتبرت مصادر سياسية لـ"النشرة" أن هذه التصريحات كانت واضحة في توجيهها نحو توسيع نطاق استهداف الحزب للعمق الإسرائيلي واستخدام أسلحة جديدة. وقد شهد الميدان عقب هذه التصريحات عمليات نوعية أعلن عنها، من أبرزها: استهداف قاعدة "ستيلا ماريس" البحرية بمجموعة من الصواريخ النوعية وسرب من الطائرات المسيّرة الانقضاضية، وقصف قاعدة "تسرفين"، التي تضم كلّيات للتدريب العسكري بالقرب من مطار بن غوريون جنوب تل أبيب، بصواريخ نوعية. كما تم إدخال صاروخ "فاتح 1" إلى الخدمة، بمدى يصل إلى 300 كلم، ليستخدم في قصف قاعدة عسكرية إسرائيلية بالقرب من تل أبيب، ناهيك عن إطلاق صواريخ "نصر 1" ذات المدى 100 كلم، والمزودة برأس متفجر يزن 100 كغم، واستخدام الصواريخ الباليستية التي لجأ إليها في نهاية شهر أيلول، مستهدفًا مقر الموساد في تل أبيب، حيث اتهمه بالمسؤولية عن اغتيال قادة من المقاومة وارتكاب مجزرة "البيجر".
الاعتداء على اليونيفيل
ثانيًا: استمرار جيش العدو الإسرائيلي في الاعتداء على قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان، حيث وثّقت القوات ثمانية اعتداءات متعمدة على مواقع وأفراد "القبعات الزرقاء"، كان آخرها استخدام حفارتين وجرافة لتدمير جزء من سياج وهيكل خرساني تابع لليونيفيل في منطقة رأس الناقورة.
وللمرة الأولى، وجهت اليونيفيل اتهامًا مباشرًا لإسرائيل، مدعومة بصور وفيديو، مؤكدةً أن تدمير الجيش الإسرائيلي لممتلكات واضحة المعالم تابعة لها يُعدّ انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولقرار مجلس الأمن رقم 1701. وأشارت اليونيفيل إلى أن الجيش الإسرائيلي، منذ 30 أيلول الماضي، يطالب مرارًا جنودها بمغادرة مواقعهم بالقرب من الخط الأزرق "لضمان سلامتهم". وأكدت أن جنودها سيواصلون أداء مهامهم في المراقبة والإبلاغ وفقًا للقرار المذكور، التزامًا بمسؤولياتهم تجاه الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
مشاهد مصورة
ثالثًا: مراوحة جيش العدو الإسرائيلي مكانه في التوغل البري بعدما اعتمد سياسة "أدخل، صوّر، فجّر واهرب"، دون أن يتمكن من البقاء في أي قرية، وفق ما قال نائب حزب الله حسن فضل الله، بينما نقل الإعلام العبري أنه بسبب فشله، يقترب جيش الاحتلال من الإعلان عن انتهاء العملية البرية في جنوب لبنان، في إشارة إلى قرب الحلّ السياسي.
بالمقابل، كان مقاتلو الحزب يتصّدون لأي محاولة تقدم، مصحوبًا بقصف تجمعات وحشودات إسرائيل، سواء داخل الأراضي اللبنانية أو على الحدود أو خلفها، وإنزال أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية والمادية، حيث تحدث الحزب عن 1000 إصابة بين قتيل وجريح. ولفت الانتباه أنّه باشر بث مشاهد مصورة لبعض عملياته في إشارة إلى استعادة السيطرة.