على وقع مجموعة من التسريبات، التي كانت قد بادرت إلى نشرها العديد من وسائل الإعلام العبرية، في الأيام الماضية، حول إمكانيّة الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان في وقت قريب، بالرغم من عدم حصول أي أمر يصب في هذا الإتجاه عبر المسؤولين اللبنانيين، برز في الأيام الماضية توسع دائرة إستهداف الغارات الجوية، نحو المناطق التي تصنف بـ"الآمنة".

العنوان الأساسي لهذه الإستهدافات، هو منازل يقطنها نازحون من المناطق التي تتعرض للقصف بشكل دائم، سواء الجنوب أو البقاع أو الضاحية الجنوبية، أكان ذلك في علمات في جبيل أو عين يعقوب في عكار أو ضهور العبادية في عاليه، الأمر الذي تطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام، خصوصاً أنه يأتي بعد موجات كبيرة من التحريض، على مدى الأسابيع الماضية، لا سيما على مواقع التواصل الإجتماعي.

في هذا الإطار، ترى مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن الهدف خلف ملاحقة النازحين إلى المناطق "الآمنة" لا يقتصر على إستهدافهم فقط، من خلال سياسة المجازر التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية، بل يشمل أيضاً العمل على إشعال فتنة داخلية، من خلال تحريض البيئات المضيفة، خصوصاً أن هذه الغارات تترافق مع ضخ مجموعة واسعة من الشائعات، تتحدث عن وجود مسؤولين أو كوارد من "حزب الله" بين النازحين.

وتلفت هذه المصادر إلى أن من الطبيعي أن يراقب الجانب الإسرائيلي جيداً التطورات على المستوى الداخلي، خصوصاً بالنسبة إلى التوترات التي كانت قد ظهرت في الأسابيع الماضية، وبالتالي كان من المتوقع أن يبادر إلى إستغلالها، من خلال هذا النوع من الغارات، بهدف رفع مستوى تلك التوترات بشكل أكبر، من ضمن مخطط واضح هدفه دفع البيئات المضيفة إلى التضيق على النازحين، وصولاً إلى إنطلاق الدعوات لعدم إستقبالهم.

بالنسبة المصادر نفسها، ما تقدم يدفع إلى طرح الكثير من الأسئلة حول كيفية ملاحقة المسؤولين عن تلك الشائعات، سواء تلك التي ترافق الغارات أو تسبقها، حيث تشير إلى أنها كانت قد بدأت منذ الأيام الأولى لحركة النزوح، ما دفع إلى التحذير من أن الجانب الإسرائيلي سيعمد إلى إستغلالها، في اللحظة التي يراها مناسبة، لا سيما تلك التي تقدم المبررات لإستهداف بعض الأماكن.

ما تقدم يقود إلى السؤال عن أسباب ذهاب تل أبيب إلى القيام بهذا النوع من الإستهدافات في هذا التوقيت، الأمر الذي تؤكد المصادر المتابعة أنه يأتي أيضاً من باب الضغط على المسؤولين اللبنانيين وقيادة "حزب الله"، بهدف الذهاب إلى تقديم تنازلات، حيث أن إسرائيل تريد أن تحصل، من خلال المفاوضات الدبلوماسية، على ما فشلت في تحقيقه في الميدان العسكري، لا سيما أنها تدرك جيداً أن الغارات الجوية لن تقودها إلى ذلك.

في المحصلة، تشدد هذه المصادر على أن إسرائيل ستعود، في نهاية المطاف، إلى المعادلة الأساسية، أي عدم قدرتها على تحقيق الأهداف التي تسعى إليها، إلا عبر العودة إلى أنّ المسار الدبلوماسي الفعلي، الذي يبدأ، قبل أي أمر آخر، من خلال تراجعها عن سقف الشروط، الذي لا يمكن أن يوفق عليه لبنان.