ينتظر لبنان بشكل أساسي ورشة إعادة الأعمار التي يفترض أن تنطلق بعد إنتهاء العدوان الاسرائيلي على لبنان، وهي تحتاج عملياً الى تحضيرات على مختلف الصعد أبرزها لناحية وصول الأموال الى البلد لانطلاق الورشة، وهنا تكمن المشكلة فاليوم يختلف الوضع عما كان عليه في العام 2006 حيث كان القطاع المصرفي يعمل بكل طاقته.

مرّ لبنان منذ العام 2019 الى اليوم بأزمات متتالية أولها أزمة انهيار القطاع المصرفي حيث أقفلت المصارف أبوابها وحُجزت الأموال، ومُذَّاك الحين تتراخى الحكومة والمصارف ومن له الباع في هذا السياق ويتقاذفون المسؤوليات لعدم تحمل الخسائر ووضعها على أكتاف المودعين، إلا أنه وفي ظل الوضع الراهن ربما قد يكون حان موعد هذا الملفّ وهو يبدأ من اعادة هيكلة القطاع المصرفي.

"كلّ أفكار إعادة الهيكلة تركزت على المسّ بالودائع". وتشير مصادر مطلعة الى أنه "في حال حصل ذلك سيفقد الناس الثقة بالقطاع المصرفي الى مئة سنة وهذا الأمر سيكون ركيزة أساسية لعدم تحريك عجلة القطاع المصرفي، التي تعتمد بشكل أساسي على كسب ثقة المواطنين، وبالتالي دفعهم الى اعادة وضع الأموال والاستثمار عبر المصارف، وهذا لن يحصل ولا بأي شكل من الأشكال إذا تم المسّ بالودائع".

أبعد من ذلك تشرح المصادر ان إعادة الهيكلة المصرفيّة هي من أسهل العمليات، ويعود السبب الى أن "لبنان وضع على اللائحة الرمادية بسبب التعاملات "بالكاش"، وهذا الامر يثير الشبهة لجهة عمليات تبييض الأموال. ولنخرج من هذه اللائحة علينا أولا وبشكل أساس أن نوقف التعامل "بالكش". وهنا تلفت المصادر الى أنه "وليحصل ذلك فإن البديل حتماً سيكون القطاع المصرفي".

للقيام بهذه الخطوات على الدولة أولا وبحسب المصادر أن "تبدأ بتقييم أداء المصارف وتحديدا أول أكبر 14 مصرفاً، وبالتالي تحدد من يستطيع الاستمرار وهو جيّد، ومن هو ليس بقادر، وبالتالي عليه أن يخرج من السوق مع الحفاظ على ودائع الاشخاص الموجودة لديه". كذلك تشدد المصادر على أن "ضرورة منع "الكاش" عبر وضع سقف للعمليّات كما يحصل في الدول أيّ عندما تتخطى العمليّة الألف دولار مثلاً فعندها يجب أن يكون هناك عمليّة مصرفية للدفع".

تصل المصادر الى الخطوة التي تعتبر الأهمّ في هذا الاطار وهي تتركّز على المحاسبة. وتشير الى أنه "يجب على القضاء في هذا الاطار أن يتحرك وأن يقوم هو بالمحاسبة، خصوصا في ظل تجار يقومون بالاحتكار وهناك عمليّات كثيرة مشبوهة، وأيّ تحرك يجب أن يتزامن مع تحقيقات جديّة تحصل ومحاسبة فعليّة، لأنه بهذا الشكل فقط يمكن ردع من يمدّون أيديهم الى أموال الناس و"المحتكرين" ...

في المحصّلة فانّ المسار الذي وجب على الحكومة أو أي حكومة السير به للنهوض واعادة الاعمار، يبدأ من اعادة هيكلة القطاع المصرفي مع شرط أساسي هو الالتزام بقدسيّة الودائع.