إسمها معركة، لأنها مرحلة أو محطة، في حرب طويلة .

سوف نقسم مفاعيلها لثلاثة، داخلية، وإقليمية ودولية .

داخلياً: أبدع شبابنا بملاحم عسكرية لم يعرف لها التاريخ مثالاً، و خصوصاً في سنوات الصراع العربي-الاحتلال الطويلة.

مجموعات صغيرة متحركة، قاومت وصمدت على الارض، لفترة شهرين، بعد معركة إسناد وإستنزاف شرسة أمتدت لعام وشهرين، رابع أقوى جيوش العالم قاطبة، وبظهرهم عشرات البوارج لحلف الناتو مجتمعاً، وحاملات الطائرات والأقمار الاصطناعية وآخر صيحات التكنولوجيا الحديثة .

لم يكتفِ شبابنا بالصمود، بل كبدوا العدو خسائر فادحة في صفوف قواته وعتاده، حتى أصبحت الخدمة العسكرية في الشمال المحتل، كما في القطاع، بالنسبة لعناصره، ضربا من ضروب الإنتحار .

وتم ، ولأول مرة، بعد صواريخ صدام حسين اليتيمة، إستهداف العمق المحتل، على مستويين، العسكري والاقتصادي، بصواريخ دقيقة ومسيرات موجهة، حتى عمق 150 كيلومترا وصولاً حتى تل الربيع.

إقليمياً: ترتبط هذه النقطة بالأهداف الاستراتيجية التي وضعتها المقاومة أمامها منذ سنوات عديدة.

إسناد المقاتلين في فلسطين، عبر تسليحهم وتدريبهم وتنظيمهم، ثمّ لاحقا إشغال العدو بفتح جبهات جديدة، مثل جبهة لبنان، ودوريا جبهة الجولان، وجبهة العراق عبّر المسيرات، والحوثيين عبر إقفال باب المندب والسيطرة على البحر الأحمر.

وقامت النظرية العسكرية على مفهوم "وحدة الساحات" التي فيها الكثير من المنطق الواقعي.

هنا فشلت المقاومة اليوم، وأحدد "حتى اليوم"، بعد ذهابها، لظروفها الخاصة، الى تبني طرح القرار 1701، حيث تزعزعت هذه الوحدة، عبر تحييد الجبهة الأساسية، أي الجبهة اللبنانية، عبر وقف لإطلاق النار، بدون وضوح في آلية تنفيذ هذا القرار، الذي يريد الكثيرون، تحويله إلى قانون جديد .

رغم إن رئيس الوزراء الاسرائيلي حدّد في خطابه، إن هناك 3 من الأسباب الرئيسية التي أدت للموافقة على وقف إطلاق النار، وذكر أولها "التركيز على التهديد الإيراني". والثاني "لتجديد القوات العسكرية والمعدات"، والسبب الثالث لوقف إطلاق النار هو "فصل جبهة الحرب عن حماس".

مما يدلّ بدون مواربة، إن وقف إطلاق النار ما هو إلا إستراحة محارب خبيث مراوغ، يستعد لوثبة جديدة.

دولياً: كما كتبنا يومها، "إذا أردتم أن تعرفوا ماذا سيحدث في لبنان، عليكم أن تعرفوا ماذا يحدث في أوكرانيا".

أميركا وأوروبا رفعتا سقف المواجهة مع الروس بالسماح لتوجيه ضربات صاروخية، بأسلحة متطورة أميركية وأوروبية، في العمق الروسي، واجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصواريخ بالستية بدون رؤوس نووية حتى الآن. لماذا مفاوضات المبعوث الرئاسي الاميركي آموس هوكشتين، التي باءت بالفشل، وخرج منها معتكفا، بعد مقابلته رئيس الوزراء الاسرائيلي ومغادرته عاصمة الكيان، وبسحر ساحر، و بليلة وضحاها، تغيّرت المواقف والموازين، ووافقت القيادات السياسية والعسكرية العدوّة على عملية وقف إطلاق النار بشرط فصل الساحات.

مما يدل على ضغوط كبيرة أميركية، من جهة السلطة المنتخبة، بهدف التفرغ للملف الروسي-الأوكراني، والوصول إلى تسوية أو اتفاق، قبل أن يصل بوتين إلى مشارف بولندا .

مع السماح للعدو بترتيب وضعه الداخلي، عبر الانتهاء من تنفيذ عملية الإبادة الجماعية التي يقوم بها، بانتظار تسلم الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب مسؤولية السلطة التنفيذية في الدولة، للتوجه يدا بيد، سوياً، بشكل مباشر، نحو العدو الإقليمي الأساسي، إيران، ولاحقاً صوب العدو الدولي الرئيسي، الصين …