لم يتأخر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما وعد خلال العدوان الإسرائيلي، في تحديد موعد جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية، لكنه قرر أن يكون هذا الموعد في 9 كانون الثاني المقبل، على عكس ما كان يتمنى الكثيرون، الذين ظنوا أن الأمور ستكون أسرع من ذلك، خصوصاً أن البلاد لا تحتمل أي تأخير إضافي، في ظل التحديات الكثيرة التي تنتظر البلاد في المرحلة الراهنة.
على عكس بري، لم تتأخر فرنسا في إرسال موفدها الرئاسي جان إيف لودريان إلى بيروت، من أجل إستكمال المشاورات مع الكتل النيابية المقبلة، على قاعدة ضرورة إنجاز الإستحقاق الرئاسي في وقت قريب، حيث بات هناك، بحسب المواقف المعلنة، شبه إجماع على ضرورة الإنتهاء من هذا الإستحقاق.
في هذا السياق، تؤكد مصادر نيابية معارضة، عبر "النشرة"، أنها كانت تتمنى لو أن رئيس المجلس النيابي بادر إلى تحديد موعد أقرب، خصوصاً أن عملية الإنتخاب كان من المفترض أن تتم قبل أشهر، لكنها تشير إلى أن الأهم، بعد تحديد الموعد، ألا يذهب الفريق الآخر إلى خلق الحجج التي تقود إلى تطيير الإنتخابات من جديد، لا سيما أن التجارب معه غير مشجعة، وهو الذي لا يزال يظن أنه نجح في الإنتصار على الإسرائيلي رغم كل ما حصل خلال 66 يوماً.
بالنسبة إلى هذه المصادر، ليس هناك ما يمنع حصول مباحثات بين الكتل النيابية المختلفة، كما هو حاصل في أي ملف أساسي في البلاد، لكن لا يمكن القبول بالعودة إلى نظرية الأعراف التي تفرض الحوار والتوافق المسبق على إنتخاب الرئيس، بل المطلوب، مهما كانت نتيجة المباحثات، هو الذهاب إلى جلسة إنتخاب، من دون أن يعمد أي فريق إلى تعطيل النصاب، على أن تحسم اللعبة الديمقراطية هوية الرئيس المقبل.
في هذا الإطار، كان رئيس المجلس النيابي قد أشار إلى أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقبلة ستكون مثمرة، مؤكداً أنه سيقوم بدعوة سفراء الدول إليها، كما أوضح أنه منح النواب شهراً للتوصل إلى توافق بشأن انتخاب الرئيس، مشدداً على أهمية الاستفادة من هذا الوقت، ما دفع البعض إلى طرح علامات الإستفهام حول ما إذا كان ذلك يعني العودة إلى شرط الحوار قبل الإنتخاب.
من وجهة نظر مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، وفى رئيس المجلس النيابي بما وعد به بالنسبة إلى تحديد موعد الجلسة، حيث تلفت إلى أن تأخير الوقت هو من لمنح الكتل النيابية فرصة التشاور فيما بينها، على أمل أن يقود ذلك إلى توافق حول الإسم، خصوصاً أن هذا هو الخيار الأفضل، من دون تجاهل عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى ممارسة مهمته بشكل سريع.
حتى الآن، ترفض هذه المصادر الحديث حول ما إذا كان فريقها السياسي سيلتزم عدم الذهاب إلى تعطيل النصاب في الجلسة، في حال لم يُصار إلى التوافق، كي لا يتم إنتخاب الرئيس بأغلبية 65 صوتاً في الدورة الثانية، رغم تشديدها على أن هذا حق من ضمن اللعبة الديمقراطية، معتبرة أنه لا يزال من المبكر الحسم في هذا المسألة، لا سيما أنه قد يحصل التوافق قبل موعد الجلسة.
وتؤكد المصادر نفسها أن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، طالما لم يعلن عكس ذلك، لا يزال هو مرشح فريقها السياسي، رافضة وضع الأمر في السياق التعطيلي في ظل عدم وجود أي توافق حول مرشح آخر، حيث تشدد على أن فرنجية نفسه لن يمانع الإنسحاب من السباق الرئاسي عند توفر التوافق على إسم آخر، وتشدد على أن الأمور من المفترض أن تتوضح أكثر في الأيام المقبلة، وتضيف: "لهذا قد يكون من المبرر تحديد موعدها في 9 كانون الثاني المقبل".
في المحصلة، لم يكن من المتوقع تأخير جلسات إنتخاب الرئيس المقبل إلى هذا الموعد، في ظل التطورات التي كانت قد شهدتها البلاد في الفترة الماضية، لكن في المقابل هناك من يشير إلى أن هذا الأمر قد يكون مرتبطاً بما هو أبعد من الإستحقاق الرئاسي، أي السعي إلى الإتفاق على سلة شاملة تضم، على الأقل، إسم رئيس الحكومة المقبلة وتركيبتها، على قاعدة أن هذا الأمر قد يسهل حسم الإستحقاق الرئاسي، بالإضافة إلى تأمين الأرضية المناسبة لإنطلاقة العهد الجديد بشكل أسرع.