أشار نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، الى ان "هناك واجبات على اللبنانيين الالتزام بها وعدم الاخلال بموجباتها، أولها الحفاظ على لبنان وطنا نهائيا لكل اللبنانيين، وهذا التزام ورد في مقدمة الدستور اللبناني، الذي يتعين على اللبنانيين جميعا الوفاء به وعدم الاخلال بموجباته، واول هذه الموجبات، بل على رأسها اقامة الدولة عبر المؤسسات التي ترعى جميع شؤون مواطنيها، وتقدم لهم الرعاية والحماية، وتؤمّن لهم تكافؤ فرص التعليم والاستشفاء والعيش الكريم والامن والاستقرار، بدون تفرقة او تفاوت".

ولفت الى ان "حماية حدوده والدفاع عن ترابه وحفظ سيادته في مواجهة كل معتد وطامع يريد النيل من سيادته وثرواته وكرامة أبنائه. وهذا حق طبيعي ووطني أقرته الشرعية الدولية وتعاهدت عليه الأمم، وورد في ميثاق الامم المتحدة. وهذا حق للشعب اللبناني على الدولة، وهو أحد أهم وظائفها الذي لا يجوز لها التخلي عنها، ويقع تحت المسؤولية والمحاسبة بجرم الخيانة العظمى لمن يُخلّ بهذه المسؤولية أو يتواطأ مع العدو بالمساعدة المادية او المعنوية للعدو في الاعتداء على السيادة الوطنية".

أضاف :"وحين لا تقوم الدولة بهذا الواجب، فمن حق الشعب ان يؤدي هذه الوظيفة، بل من واجبه أن يقوم بحق الدفاع عن وطنه وارضه وعرضه، وان يستشهد في هذا الطريق. والتواني عن القيام بهذا الواجب والاستسلام لارادة العدو، يُعد عارا لا يُمحى. والأمة التي تتقبل لنفسها الهزيمة والاستسلام لا تستحق الحياة، ولن يكتب لها البقاء مهما قدمت لنفسها وللآخرين من مبررات تُزيّن به جبنها وخنوعها مهما بلغ بها الضعف، لأنها مسألة تتعلق بالشرف والكرامة، يفقهها الاحرار والشرفاء لا العبيد والازلام".

وتابع :" لقد ارتضى اللبنانيون لبنان وطنا لهم بحدوده التي فرضها اتفاق "سايكس بيكو"، اما النظام القائم فقد اخفق في الدفاع عن حدود هذا الوطن وسيادته. والعلة الاساسية في ذلك، وهي عن سابق تصور وتصميم في بنية النظام الذي أسس له دولة، وليس دولة اقيم لها نظام كسائر الدول. فالتصور في البداية ان هناك مجموعة من الاقليات الطائفية حسب تصورهم يراد جمعها في كيان واحد تحت شعار حماية الأقليات، وقد استساغ بعض هذه الطوائف هذه المقولة، واستسلم لها البعض الاخر، ورفضها اخرون عوقبوا بالتهميش في صيغة النظام الذي تم بمعزل عن مشاركة منهم، وهم المسلمون الشيعة، وفصل لبنان عن قضايا محيطه العربي، وكان من نتائج ذلك ترك مناطق المسلمين الشيعة من دون تنمية، وإبقاء ابنائهم خارج بنية الدولة يعانون الاهمال والفقر والعدوان الصهيوني على بيوتهم وابنائهم وارزاقهم وحياتهم".

واعتبر الخطيب ان "البعض من الطوائف يرى انه كان أساسا في صنع هذا الكيان، وبالتالي فهو صاحب الامتياز الاول في مناصبه ومواقع القرار فيه، ومناطقه هي من تستحق الانتفاع من خيراته، واما البقية فوظيفتها تقديم الخدمة لها، وقد اوجد هذا خللا في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تنبه له ابناء الطوائف الأخرى، فعكس ذلك اعتراضا وازمات سياسية، وخلق حالة من عدم الاستقرار لم تستجب له الطائفة الحاكمة بالإصلاح للنظام السياسي وتحقيق العدالة والمساواة التي قادها الامام السيد موسى الصدر، حتى انفجرت الحرب الاهلية التي توقفت فيها الحرب العسكرية باتفاق الطائف الذي ادخل اصلاحات على النظام السياسي، واعتُبر فيها ان لبنان ذو جه عربي، وأقر فيها بعض التعديلات على صيغة النظام التي لم تطبّق، وبقي لبنان، وخصوصا الجنوب والبقاع، يعاني من الاعتداءات الاسرائيلية والتهجير واخيرا الاحتلال، وفشلت فصائل المقاومة المختلفة اللبنانية والفلسطينية في مواجهة العدو التي اعتمدت في ادبياتها شعار تحرير فلسطين، وكان المسلمون الشيعة ممن تبنى هذا الشعار، وقاتل ابناؤهم تحت راية المقاومة الفلسطينية والوطنية بفصائلها واحزابها المختلفة، ولكن بعض زعاماتهم سواء منها السياسية أوالدينية، خالف الرأي لنهج المقاومة القائمة، وادرك خطورته وانه تحول الى خطر على القضية الفلسطينية وعلى لبنان على حد سواء ".

ولفت الى انه "من هنا تبنى الامام السيد موسى الصدر ومعه المسلمون الشيعة مقولة ان مهمة المقاومة في لبنان هي ردع العدوان والدفاع عن جنوبه الذي اصبح مهددا بالاحتلال. اما تحرير فلسطين فهي مهمة المسلمين والعرب، ونحن شركاء، وليست هي مهمة المسلمين الشيعة وحدهم. وقد تبين صحة هذه المقولة، خصوصا بعد الاجتياح سنة ١٩٨٢ وخروج منظمة التحرير الفلسطينية الى الشتات. ولسنا في وارد ذكر الأسباب التي ادت الى هذه النتيجة المحزنة والمؤسفة، وانما الاسباب التي دعت الامام الصدر لتبني هذه الاستراتيجية التي تحفظ لبنان، رعاية للوضع الداخلي الطائفي والوضع العربي، وفي الوقت نفسه عدم التخلي عن القضية الفلسطينية ،كونها قضية الامة المركزية، ولئلا نضيف اليها لبنان ضحية أخرى.

واكد الخطيب ان |المقاومة التي اسسها الامام الصدر قامت على هذا الأساس، انها مقاومة لتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي والدفاع عنه، وكانت ضرورية واستمرت مع استمرار الضرورة. فالعدو احتل العاصمة، فيما اللبنانيون مشغولون بحروبهم الطائفية، وليس هناك من قوى تقوم بمهمة التحرير سوى المقاومة، بل قامت بعض الحكومات اللبنانية باتفاق مع العدو يشرع الاحتلال ويعطيه حق التجاوز على السيادة اللبنانية".

وقال :" وبعد اتفاق الطائف استمرت الازمة السياسية، فلم يكن بد من استمرار المقاومة. لقد سبقت الازمات الداخلية وجود المقاومة، واستمرت معها، وستبقى ما لم تتفق القوى السياسية اللبنانية على حل ازماتها السياسية التي تتهرب فيها من الحل، وتعلق هذا الفشل على شمّاعة المقاومة، وهي في واقعها اعجز ما تكون بهذه العقلية عن بناء دولة قادرة تحفظ امن لبنان وسيادته، ولقد استطاعت المقاومة أن تحرر ارض لبنان وتردع العدو عن إعادة الكرّة، حتى بعد ان قتل قيادة المقاومة، وقد عجز عن ان يحتل لبنان مرة أخرى.

وشدد الخطيب على ان "التحدي اليوم في أن تردع القوى السياسية هذا العدو عن خرق القرار الدولي ١٧٠١ ،فلا نكرر التجربة مرة اخرى في ان يعيد العدو سيرته الأولى، وها هو حبر الاتفاق لم يكد يجف وقد قام بخرقه اكثر من مرة، ولن تفلحوا في الركون الى القرارات الاممية التي لولا صمود المقاومة وفشل العدو في تحقيق أهدافه، لما اجبر على القبول بوقف النار، وليس الدول التي تعطيه الدعم والاسناد ماديا وعسكريا وقانونيا، رغم المجازر التي ارتكبها في غزة ومازال،من دون ان يرف للاميركي جفن، وفي لبنان في قصفه وقتله للمدنيين وملاحقتهم في اماكن نزوحهم. فهؤلاء هم صانعوه وداعموه، وبسلاحهم وطائراتهم وقنابلهم الرهيبة يقتلون ويدمرون ويبيدون السكان الآمنين".