استبعد مصدر وزاري، في حديث لصحيفة "الأنباء" الكويتية، أن "يتم انتخاب رئيس الجمهورية في التاسع من كانون الثانس المقبل، دون الاتفاق على اسم الرئيس بين الكتل النيابية ومرجعياتها السياسية"، موضحًا أنّه "إذا تعذر ذلك، فسيشهد المجلس النيابي منافسة شرسة على الأسماء المطروحة في دورات متتالية، عكس ما كان يحصل في السابق. أما إذا خرقت الهدنة بين لبنان وإسرائيل وعادت الحرب من جديد، فستؤجل جلسة الانتخاب، وستعم الفوضى والخراب، وسيفرض على لبنان ما ليس بالحسبان".

وأشار إلى أنّ "المعلومات تؤكد أن الانتخاب حاصل في الموعد المقرر لا محالة، وأي خرق سيبقى محصورا وتحت السيطرة"، مؤكّدًا أنّ "اختيار اسم لتولي رئاسة الجمهورية واسم لتكليفه رئاسة الحكومة يسيران بالتوازي، والتلازم في المشاورات والتواصل بين القوى السياسية المعنية بالانتخاب والتكليف. وقد نشطت المحركات العربية والدولية لمعاودة المساعدة، التي خفت حركتها إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان. ومن المتوقع تحرك فعال للجنة الخماسية في هذا الشأن".

وركز المصدر على أنّ "الأسماء المطروحة لتولي سدة الرئاستين الأولى والثالثة لم تُحسم بعد، وكل ما يتداول به بعضه مطروح والبعض الآخر توقعات وتمنيات"، مبيّنًا أنّه "عندما يقترب موعد الاستحقاق، ستتضح صورة واسم رئيسي الجمهورية والحكومة أكثر فأكثر. والمهلة المعطاة كافية لاختيار الأنسب لقيادة المرحلة المقبلة".

وشدّد على أنّ "انطلاق مسار الحل في لبنان يسير بالاتجاه الصحيح وبعزيمة ورعاية دولية. وهذه فرصة أخيرة للبنان، وستحمل في طياتها العديد من الانفراجات السياسية والاقتصادية والإنمائية، والحصول على ودائع عربية للبنك المركزي، للنهوض مجددا بالوضع المالي والإعمار".

كما أوضح أنّ "هذا كله متوقف على صمود وقف إطلاق النار، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وتشكيل حكومة فاعلة، وإعطائها ثقة النواب في المجلس النيابي، وبسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية؛ ومنع أي سلاح خارج الدولة. وعندها يتم تقديم المساعدات العربية والدولية الداعمة لبناء الدولة ومؤسساتها".

"التقدمي" لـ"الأنباء": المساعي حثيثة للوصول إلى تفاهم وطني حول شخصية الرئيس

في السّياق، كشف مصدر في "الحزب التقدمي الاشتراكي" لـ"الأنباء"، عن "مساع حثيثة في مسألة رئاسة الجمهورية وعلى مختلف المستويات، لتكوين رأي يوضع على طاولة الجهات الدولية المعنية بلبنان، سواء الخماسية او غيرها، وهذا الجهد يحظى بدعم كبير على المستوى الدولي وعلى المستوى العربي. ومن جهتنا، نسعى للتلاقي على انتاج تفاهم مشترك حول الرئاسة وللمرحلة المقبلة".

ولفت إلى أنّ "الأصل الثابت في نقطة البيكار، هو التفاهم بين الرئيس السابق للتقدمي وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حول مواصفات المرشح. وهما يريان ان شخصيته تتوافق ومقتضيات المرحلة"، مشيرًا إلى أنّ "التنسيق الذي شكّل عنوان مرحلة الحرب وموضوع النازحين وسوى ذلك، لن يكون بخلافه في المسألة الرئاسية وبقية الموضوعات المطروحة، باعتبار الفترة الحالية مهمة لإعادة النهوض المطلوب بالدولة، واجتياز الاستحقاقات الجديدة، بالقدر نفسه الذي يؤسس للاستقرار السياسي كما الأمني؛ وحل معضلة الملفات الاجتماعية والاقتصادية المستعصية".

وذكر المصدر أنّ "على هذا الأساس، ليس في جعبة التقدمي ما يطرحه كاسم وسطي وما شابه، في ظل البورصة المتداولة، ولن يكون ضمن أي اصطفاف سياسي"، ورأى في هذا السياق ان "الأيام المقبلة كفيلة وحدها بتظهير موقف الحزب على النحو الدقيق، وبما يتلاءم مع نظرته للمرحلة الحالية والمقبلة، وان المشاورات مفتوحة في هذا السياق مع الجميع، من أجل الوصول إلى التفاهم الوطني المطلوب".

وأكّد أنّ "المرحلة الجديدة دقيقة جدا، ومن الضروري معرفة كيفية التعاطي معها، لأنها مختلفة كليا عن السابق. والأجدى النظر إلى الخروقات الإسرائيلية الفاضحة لاتفاق وقف النار، بما يؤشر لاهتزازه في أي لحظة وإبقاء الاخطار جاثمة على لبنان، بالمقدار نفسه على سكة إعادة الاعتبار إلى الدولة، على أساس من التضامن الداخلي وبأكبر قدر ممكن من التفاهم والتوافق حول سائر الملفات".

السباق الرئاسي اللبناني محصور بين سفير ووزير سابقين مقابل ترشيح أميركي يقتصر على قائد الجيش

على صعيد متّصل، أفاد مصدر دبلوماسي عبر "الأنباء"، بأنّ "الاتحاد الأوروبي يضغط في اتجاه إنجاز الملف الرئاسي في هذه المرحلة بالتحديد. ومن الضروري الاستفادة من الفرصة السانحة التي قد لا تتكرر لإعادة بناء الدولة، ولا يجوز إهدارها بعدم إنجاز الملف الرئاسي أو تأجيله، لأن ذلك يعني ان البلاد ستدخل من جديد في حالة من الاسترخاء السياسي، يعيدها إلى ما كانت عليه من انقسام وربما أسوأ".

وشدّد على أنّ "من الضروري التوافق على رئيس أيا يكن المرشح، لأنه سيكون قويا بقوة الإجماع والدستور، وبانتصار الشرعية له وليس بانتصار فريق على آخر، حتى لا تتكرر تجربة العام 1982، التي أحدثت شرخا أدى إلى انفجار دَفعت خلاله البلاد أثمانا غالية، وموجة عنف دموية استمرت حتى إقرار اتفاق الطائف العام 1989؛ الذي طوى صفحة الحرب الأهلية إلى غير رجعة وان لم يطبق في كل بنوده".

من جهتها، رفضت مصادر نيابية الدخول في لعبة الأسماء، وتحدثت إلى "الأنباء" عن "فترة زمنية كافية لخلق إطار من التفاهم ينتج رئيسا توافقيا"، مبيّنةً أنّه "لو كان التوافق حاصلا أو كانت إمكانية التوافق متوافرة اليوم، لحددت جلسة الانتخاب خلال أسبوع. وتحديد الجلسة في 9 كانون الثاني 2025 من قبل بري لم يكن بقرار منفرد، بل جاء من خلال التواصل مع عدد من الجهات المحلية والمهتمين من القوى الدولية والاتحاد الأوروبي".

في المقابل، ذكر مسؤول سياسي كبير لـ"الأنباء"، أنّ "بري أبلغ السفيرة الأميركية ليزا جونسون التي فاتحته بموضوع تمديد الخدمة العسكرية لقائد الجيش العماد جوزف عون سنة إضافية ثانية، بالقول بالإنجليزية: "ديل"، موضحًا أن "بري تابع الكلام قائلا ان الأمر انتهى عند هذا الحد، بالتمديد لعون للقيام بما تقتضيه المرحلة من مهمات ينفذها الجيش اللبناني في الجنوب، بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير". وكشف أنّ "بري أصرّ أمام زائرته على فصل التمديد لقائد الجيش عن الملف الرئاسي".

وتابع: "عمليًا بري هو الملتقط الأول للإشارات الجدية الدولية. والمسائل الرئيسية تبحث معه، لما له من خبرة متراكمة، ووضوح في التعاطي لجهة القبول أو الرفض، معتمدا مرونة لا يتخلى فيها عن الحسم. وقد كرر موقفه مرات عدة لجهة رفض دعم قائد الجيش لمنصب رئيس الجمهورية".

ولفت المسؤول إلى أنّ "بري تشدد أمام سفير دولة عربية زاره أخيرا لاستطلاع موقفه من ترشيح العماد عون، بالرفض القاطع مع تعليل الأسباب. وقال للسفير العربي: اذا كنتم فعلا تريدون المساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية، أعطونا اسما آخر، وهذا الموقف سبق ان أعلنه أمام عدد من نواب فاتحوه في هذا الشأن".

واعتبر أن "السباق الرئاسي حاليا محصور بين سفير سابق ووزير سابق، في مقابل ترشيح أميركي يقتصر على قائد الجيش".

بدوره، دعا وزير سابق عبر "الأنباء"، إلى "تبيان الفيتو من التيار الوطني الحر على قائد الجيش، وتفادي حزب الله خسارة المزيد من حلفاء الداخل، وخصوصا التيار الوطني الحر"، متوقّعًا "عدم قبول الحزب برئيس جمهورية غير موافق عليه ومشارك في اختياره، وهو بطبيعة الحال رئيس غير معاد للمقاومة". وركّز على أنّ "إيجابية الحزب تجاه التمديد لقائد الجيش بالخدمة العسكرية، تختلف في شكل جذري عن الموقف من العماد عون في الملف الرئاسي".