على وقع اهتزاز اتفاق وقف إطلاق النار بشكل خطير يوم أمس، جراء الخروقات الاسرائيلية التي شملت المناطق الجنوبية وصولاً الى البقاع، وقابلها ردّ من قبل "حزب الله" باستهداف موقع الجيش الاسرائيلي في تلال كفرشوبا، قدّم مصدر سياسي رفيع، عبر صحيفة "الجمهورية"، "تقييماً تشاؤمياً للوضع السائد في المنطقة الجنوبية، بعد الاعلان عن الاتفاق على وقف اطلاق النار".

وأشار إلى أنّ "قلقاً كبيراً يساوره من ان تؤدي الخروقات الاسرائيلية الى انهيار وقف اطلاق النار"، لافتًا إلى "أننا حتى الآن، لم نبلغ مرحلة يغلب فيها التفاؤل بل العكس. فنحن الآن في ما يشبه هدنة من جانب واحد، حيث انّ لبنان ملتزم كلياً بالاتفاق، و"حزب الله" لم تبدر عنه أي خطوة معاكسة لالتزامه بما تمّ الاتفاق عليه. فيما إسرائيل ممعنة بخروقات وتجريف وانتهاكات بلا ضوابط او قيود. والراعيان الاميركي والفرنسي لهذا الاتفاق على بيّنة كاملة من حقيقة ما يجري".

وركّز المصدر على "أنّنا نعول على وعود اميركية بكبح تلك الخروقات"، محذّراً من انّه "ما لم تُمارس على اسرائيل ضغوط حقيقية وخصوصاً من الجانب الاميركي، تُلزمها بالالتزام بالاتفاق، فلا اعتقد أنّ الاتفاق سيصمد طويلاً، وانتكاسته احتمال قائم بقوة".

المهلة الرئاسية

رئاسياً، ومع دخول العداد التنازلي لجلسة الانتخاب المحدّدة في 9 كانون الثاني المقبل، أفادت معلومات موثوقة لصحيفة "الجمهورية"، بأنّ "رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبعد تحديده موعد "الجلسة المثمرة"، لم يحدّد حتى الآن الخطوة التالية التي سيقوم بها، او ماهية الحراك الذي سيقوم به في اتجاه إنضاج التفاهم المرجو على مرشح او اثنين او اكثر، بالتوازي مع تفاهم يسبقه على قاعدة التزام سياسي بتوفير نصاب الثلثين لتلك الجلسة انعقاداً وانتخاباً. وهو في هذا الوقت ينتظر ان تتبلور توجّهات الكتل النيابيّة والسياسية، ومدى استعداداتها لإتمام الانتخابات الرئاسية ليُبنى على الشيء مقتضاه".

وفي هذا الإطار، أكّد برّي لـ"الجمهورية"، أنّ "الامر الطبيعي قبل الجلسة المحدّدة هو ان يحصل حراك ما للوصول الى قواسم مشتركة، ولكن المهمّ بالدرجة الاولى هو ان يكون هناك استعداد لدى كلّ الفرقاء للتشارك في إتمام الاستحقاق الرئاسي".

الوقت يضغط

وركّزت الصّحيفة على أنّ "اللافت للانتباه في هذا السياق، هو انّه على الرغم من ضغط الوقت، حيث أنّه لكلّ يوم ثمنه المحسوب، فإنّ حالاً من الجمود مطبقٌ على حركة الاتصالات والمشاورات. وعلى ما يقول احد المعنيين بحركة الاتصالات الرئاسية "ما حدا عم يحكي مع حدا". حيث انّ لغة الكلام ما زالت معطة حتى الآن بين الأفرقاء، إذ هي محصورة فقط في داخل الكتل النيابية والجهات السياسية، أو بحدّها الأقصى مشاورات جانبيّة بين بعض المكونات النيابية، ولا سيما في جانب مكونات المعارضة، حول خياراتها مع إبقاء خيار الوزير الأسبق جهاد ازعور قائماً، وكيفية التعامل مع الجلسة الانتخابية، مع تساؤلات استفسارية متداولة في اوساط نواب مصنّفين تغييريين؛ عمّا دفع بري إلى تحديد الجلسة وعلى اي أساس ارتكز في وصفه الجلسة بالمثمرة".

وشدّدت مصادر دبلوماسية معنية باللجنة الخماسية لـ"الجمهورية"، على أنّ "مهمّة اللجنة باتت بحكم المنتهية بعد تحديد موعد لانعقاد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، لكن هذا لا يعني انّ سفراءها مجتمعين او كل على حدّة، سينكفئون عن تقديم ما أمكن من مساعدة للبنانيين لتحقيق اكبر قدر من التوافق في ما بينهم على اختيار رئيسهم".

واستفسرت "الجمهورية" من أحد سفراء اللجنة، فلم يؤكّد احتمالية حراك متجدد لها خلال هذه الفترة، وفضّل عدم الغوص في أي تفصيل في هذه الفترة، واكتفى بالقول: "اننا نتابع ما يجري، ونأمل أن تبرز معطيات مشجعة في الايام المقبلة، ونعتقد أنّ دعوة رئيس البرلمان الى جلسة لانتخاب رئيس لبنان، خطوة مهمّة جداً في رأينا، ونأمل أن يتحقق المرجو منها".

بولس يُحدث "نقزة" حول مصير جلسة انتخاب الرئيس... فهل يُرحّل الحسم الى ما بعد تنصيب ترامب؟

في السّياق، ذكرت صحيفة "الديار"، أنّ "منذ ايام قليلة، بدأت حركة نيابية ناشطة بعيدا عن الاضواء والاعلام، وفتحت قنوات التواصل على غير صعيد، في محاولة لتوفير الظروف والمناخات الملائمة من اجل انتخاب الرئيس في الجلسة التي حددها رئيس المجلس".

وكشف قطب سياسي يشارك بنشاط في هذه الاتصالات واللقاءات، للصحيفة، أنّ "هناك محاولات لغربلة الاسماء المرشحة، سعيا الى تقليل العدد في مرحلة اولى، ثم تضييق الخيارات باتجاه توفير اوسع توافق على اسم مرشح واحد، وفي حال تعذر ذلك حصر عدد المرشحين باثنين او ثلاثة"، مبيّنًا أنّ "ما جرى في الايام الاخيرة تركز على الاسماء المطروحة، ولم يتناول اسماء جديدة، مع العلم ان هذا الامر وارد في اي وقت".

وأشار إلى أنّ "اجواء المشاورات والمداولات النيابية حتى الآن، وعدم بلورة او بروز او رجحان اي اسم على الآخرين، تؤشر الى ان جلسة 9 كانون الثاني ربما لن تكون حاسمة"، لكنه يستدرك قائلا: "امامنا فترة جيدة ومتاحة لتحسين فرص نجاح الجلسة المقررة، خصوصا ان المشاورات مفتوحة وهي ما زالت في اولها".

وأوضحت مصادر نيابية مطلعة لـ"الديار"، ان "هناك معطيات برزت مؤخرا، اعادت تحريك الملف الرئاسي بقوة"، لافتة الى ان "الاستحقاق الرئاسي بات في الاولوية مجددا، بعد وقف اطلاق النار والعدوان الاسرائيلي على لبنان، وانه وُضع على النار بموازاة تثبيت اتفاق وقف النار وتنفيذ بنوده".

وفسّرت أنّ "ابرز هذه المعطيات والاشارات هي:

1- تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، واعطائه فرصة جيدة للكتل النيابية للعمل، من اجل تعزيز اجواء التوافق، التي من شأنها ان تشكل معبرا اساسيا ومهما لانتخاب الرئيس. وترى المصادر النيابية ان رئيس المجلس اسقط الذرائع والحجج لدى البعض واتهامهم له باقفال ابواب المجلس بوجه انتخاب الرئيس، ووضعهم امام مسؤولياتهم لحسم توجهاتهم، وتغليب كفة التوافق على اية رهانات اخرى داخلية ام خارجية.

2- فتح وقف العدوان الاسرائيلي، الابواب مجددا للمساعي والجهود الداخلية والخارجية، لدفع الملف الرئاسي باتجاه الحسم، لا سيما ان هذا العدوان ربما شكل مادة لرهان البعض او هذا الطرف او ذاك، لتغليب خياره على الطرف الاخر.

3- شكلت المبادرة الفرنسية بايفاد الرئيس إيمانويل ماكرون مبعوثه جان ايف لودريان الى بيروت مباشرة بعد وقف النار، اشارة واضحة على رغبة "اللجنة الخماسية" إستئناف مسعاها للمساعدة في انتخاب رئيس الجمهورية، وعدم استهلاك المزيد من الوقت".

من جهته، وقف احد النواب عند الكلام الذي صدر عن مستشار الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق الاوسط مسعد بولس، وتحديده فترة شهرين او ثلاثة لانتخاب رئيس الجمهورية، مركّزًا عبر "الديار"، على أن "قوله هذا أحدث نقزة، وقد يكون اشارة الى رغبة ادارة ترامب وضع بصماتها على هذا الاستحقاق، وبالتالي تأجيل حسمه الى ما بعد تنصيب الرئيس ترامب في ٢٠ كانون الثاني المقبل".

واعتبر أن "بولس اللبناني الاصل كما هو معلوم، ربما يرغب في ان يتعاطى شخصيا وبشكل مباشر في هذا الملف"، مشيرا الى ان "هذا الكلام ربما ايضا يدفع البعض الى التريث وانتظار اطلالته على الملف الرئاسي".

مجلس النواب يطوّق رئيس مجلس القضاء الأعلى: عبود لم يعد يغرّد وحيداً

على صعيد منفصل، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "الخميس الماضي، وُضع القضاء العدلي على مائدة مجلس النواب الذين صوّتوا بالغالبية لمصلحة تعديل المادة الثانية من قانون القضاء العدلي، عبر التمديد للأعضاء الذين انتهت ولايتهم بتاريخ 14/10/2024، بحيث يتمكّنون من ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين بدلاء عنهم. كذلك أُدخل تعديل على الفقرة 1 من المادة 2 يجيز للنائب العام لدى محكمة التمييز (أي القاضي جمال الحجار حالياً) أن يكون عضواً حكمياً ونائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى، سواء كان يشغل هذا المنصب بالأصالة أو بالانتداب أو بالتكليف".

وأوضحت أنّ "في الشقّ الأول، مدّد مجلس النواب ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه القاضي سهيل عبود وعددهم ستة، بينما في الشقّ الثاني أضاف عضواً جديداً إلى المجلس هو النائب العام التمييزي ليكون نائباً لعبود. هكذا، بأربع جمل، طوّق البرلمان "طموحات" عبود باختصار المجلس بشخصه".

وأشارت الصحيفة إلى أنّه "لم يأت هذا الإجراء عبثاً، بل كان عملاً ممنهجاً لقطع الطريق على تفرّد عبود بالمجلس. فعند انتهاء ولاية أعضاء المجلس في تشرين الأول الماضي، ونظراً إلى الأوضاع الأمنية المتمثلة بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، أعدّ وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري قراراً يقضي بالسماح لمحاكم استئناف النبطية أن تعقد جلساتها في مدينة صيدا، وأرسله إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى للموافقة قبل إرساله إلى الحكومة لتقرّه بمرسوم. عندها وقّع عبود القرار منفرداً باعتبار أنه الرئيس والمجلس معاً، وأعاده إلى خوري الذي حوّله إلى مجلس الوزراء. إلا أن الحكومة أجّلت البحث فيه في جلستها الأخيرة بسبب توقيع عبود نيابة عن مجلس القضاء الأعلى، ليُطرح التعديل المقدّم بصورة مستعجلة من النائب علي حسن خليل على جدول أعمال المجلس، ويُصار إلى إقراره، رغم اعتراض بعض النواب على عدم وضوح آلية التصويت، وعلى ما اعتبروه ضرباً لفصل السلطات وتدخلاً سياسياً في عمل القضاء؛ مطالبين بإقرار قانون استقلالية القضاء".

وأضافت: "القانون المقترح يخالف القانون عبر قفزه فوق وزير العدل والقضاء لإبداء رأيهما ويسهل الطعن فيه. بينما رأى الفريق المؤيد للاقتراح أنه يحول دون تعطيل المجلس، ويؤمّن استمرارية أعضائه إلى حين تعيين بدلاء عنهم. بهذا المعنى التمديد لهم لا يقلّ أهمية عن التمديد في المواقع الأمنية، فالضرورات تبيح المحظورات. على هذا النحو، عرض رئيس مجلس النواب القانون على التصويت، وتلته مشادّة بشأن عدم موافقة الأكثرية عليه وعدم المناداة بالتصويت اسماً اسماً".

وأكّدت أنّ "في النهاية، وإذا ما أقرّته الحكومة في جلستها الأربعاء المقبل، سيصبح القانون نافذاً، ويرجّح أن تكون له تداعياته على عمل مجلس القضاء الأعلى الذي "يتحكّم به رئيسه منذ مدة، فيدعو إلى جلسات متى يريد ليصدّق القرارات التي تناسب أجندته، بينما يرفض توقيع المحاضر التي يتمرّد خلالها الأعضاء على رغباته"، كما يقول أحد النواب الموافقين على القانون، إذ بات عبود "الحاكم بأمره في العدلية يديرها كما يشاء، بالإضافة إلى سعيه لتشكيل هيئة عامة تواليه الطاعة ليتحكّم بقراراتها".