انتهى عصر بشار الأسد في سوريا، وتمكنت هيئة تحرير الشام لأسباب وأسباب من تحرير دمشق وإجبار الأسد على المغادرة، وهذا ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة تتعلق بمستقبل سوريا والأهم مستقبل لبنان وملف النازحين السوريين فيه.
في لبنان ما يزيد عن مليوني نازح، نصفهم تقريباً من غير المسجّلين رسمياً، وبالتالي يمكن الحديث عن مليون تقريباً لا يملكون أوراقاً شرعيّة، ورغم أن هذا الملف كان مدار بحث طويل لسنوات، إلا أنه لم يتم اتخاذ أيّ خطوة في سبيل إقفاله، وهو ما يجب أن يتغير اليوم بشكل كامل.
خلال الحرب الإسرائيليّة على لبنان ونزوح أهل الجنوب من مناطقهم، خرج السوريون أيضاً، وقبل سقوط النظام، وبعد توقف الحرب الاسرائيلية، بادرت بلديات جنوبية لاتخاذ قرارات تتعلق بالوجود السوري في نطاقها، فعلى سبيل المثال قررت بلدية كفررمان في الجنوب منع عودة أي سوري إلى نطاقها ما لم يكن حاملاً لأوراق شرعيّة، وبحسب مصادر متابعة فإنّ هذا القرار جاء بسبب رغبة البلديّة بتأمين منازل للإيجار لابناء البلدة والمحيط الذين فقدوا منازلهم خلال الحرب، مشيرة عبر "النشرة" إلى أن البلدة قبل الحرب كانت تضم حوالي 9 آلاف سوري، ولا يمكن أن يستمر الرقم على ما هو عليه.
في أكثر من منطقة اتخذت قرارات، رسمية، أو فردية، بمنح أولوية السكن للبنانيين الذين خسروا منازلهم، على اعتبار أن النازحين الذين غادروا لبنان إلى سوريا خلال الحرب فاق عددهم الـ300 ألف وبالتالي هؤلاء لا مشكلة لديهم بالعودة. إنما بعد سقوط النظام في سوريا، والذي كان حجة للنازحين للبقاء في لبنان ورفض المغادرة، تبدل الواقع، فهل يعود هؤلاء؟.
في الساعات الأولى لأحداث إسقاط النظام في سوريا أقفل الامن العام اللبناني حدوده مع سوريا، ثم عاد وفتحها أمام المغادرين من السوريين، بينما أعلن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي متابعته الأوضاع عند نقطة معبر المصنع الحدودي، وأوعز إلى المديرية العامة للأمن العام لاتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لمنع محاولات دخول السوريين بطريقة غير شرعية وتعزيز عديد العناصر بصورة فوريّة، وكلّف المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي التدخل وارسال تعزيزات من وحدة القوى السيارة للمؤازرة وضبط المعبر وإقامة الحواجز".
وبحسب المصادر المتابعة فإن هناك هجمة من السوريين على تسوية أوضاعهم في لبنان، لسبيين، الأول هو أنّ الجهات المانحة والمنظّمات التي كانت تهتم بأمورهم باتت تقصّر ولم تعد التقديمات التي كانت تقدم سابقاً قائمة ومنها الطبية، والثاني هو أن سقوط النظام يُفترض أن يفتح ملف النزوح بشكل جدّي، ويتخوف هؤلاء من عدم استطاعتهم البقاء في لبنان دون أوراق رسمية وشرعية.
لا شكّ ان ملف النازحين هو من أهم الملفات التي ينبغي على الدولة اللبنانيّة إثارتها، وهنا لن يكون المقصود منع السوريين من التواجد، خصوصاً العمال منهم، إنما قوننة هذا الوجود وتقليصه بحيث تعود العائلات التي لا تعتبر البلد وجهة اقتصادية لنزوحها.