منذ رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، تسود حالة من القلق، في العديد من الأوساط الإقليمية والدولية، من التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك، خصوصاً في ظل سيطرة الغموض على مستقبل الأوضاع في البلاد، لا سيما أن الفصيل الأقوى على أرض الواقع، أي هيئة "تحرير الشام"، تُثار حوله الكثير من علامات الإستفهام.
إنطلاقاً من ذلك، لا تزال العديد من الجهات تُفضل الذهاب إلى المواقف التي يمكن وصفها بالرمادية، على قاعدة أن المطلوب إنتظار ما قد ينتج عن هذه التجربة الغامضة، الأمر الذي من المتوقع أن يتّضح أكثر في المستقبل القريب، لكن على المقلب اللبناني هناك من قرّر الإستعجال.
في هذا السياق، تستغرب أوساط سياسية متابعة، عبر "النشرة"، حجم الرهانات التي يذهب إليها البعض، خصوصاً أن معالم التجربة الجديدة لم تتضح بعد، وبالتالي لا يمكن البناء عليها، نظراً إلى أنها قد تحمل معها الكثير من التداعيات السلبية، خصوصاً إذا لم تنتج سلطة قادرة على فرض الأمن والإستقرار قبل أيّ أمر آخر، وتضيف: "هذا الواقع هو الذي يقلق جميع المعنيين على المستوى الدولي، وبالتالي من المفترض أن يكون الهاجس الأكبر عند اللبنانيين".
بالنسبة إلى هذه الأوساط، حتى الساعة لا يمكن الحديث عن أيّ توجه واضح بالنسبة إلى المستقبل السوري، لا بل تذهب إلى الإشارة إلى أن بعض الجهات المعارضة بدأت تعرب عن قلقها، من الإتجاهات التي قد تذهب إليه الأمور، على قاعدة أن التجارب الماضية مع هيئة "تحرير الشام" غير مشجعة، وتشدد على أن الشعارات التي ترفع عبر وسائل الإعلام، تختلف عما هو قائم على أرض الواقع، حيث القلق لا يزال عنوان المرحلة.
وتشدد الأوساط نفسها على أن ما ينبغي التنبه إليه، بالنسبة إلى الواقع السوري، هو أن هناك مجموعة واسعة من الأقليات، الطائفية والقومية، التي تشعر اليوم بالخوف، في حين لم يتضح ما هو المشروع المستقبلي، الذي من الممكن أن يساهم في بناء سوريا الجديدة من جهة، كما يساهم في طمأنة هذه الأقليات وباقي المواطنين من جهة ثانية، ما يدفع إلى طرح الكثير من السيناريوهات، أبرزها الفوضى والتقسيم.
إنطلاقاً من هذه القراءة، ينبغي إدارك ضرورة مبادرة مختلف القوى اللبنانية إلى التروي في التعامل مع الواقع الجديد، بالإضافة إلى أهمية دور الأجهزة العسكرية والأمنية في مراقبة التطورات، سواء كان ذلك على مستوى الحدود مع سوريا أو في الداخل.
في هذا الإطار، تلفت الأوساط السياسية المتابعة إلى أن مواقف بعض الأفرقاء توحي بأن هناك، في الداخل اللبناني، من يظن أنه يستطيع الإستقواء بما حصل لفرض توازنات جديدة، الأمر الذي قد يعقد من الأزمة السياسية المفتوحة، في حين أن التطورات الجديدة على الساحة السورية، يجب ان يكون دافعا للجميع للبحث في كيفية تحسين الواقع الداخلي، بهدف تمرير المرحلة الغامضة على كافة المستويات.
بالإضافة إلى ذلك، تشدّد هذه الأوساط على ضرورة مواكبة حركة الدخول والخروج عبر الحدود اللبنانية السورية، سواء كان ذلك عبر المعابر الشرعية أو غير الشرعية، بالرغم من المسؤوليات الملقاة على عاتق الأجهزة العسكرية والأمنية، حيث أن في الساحة السورية مجموعات واسعة من التنظيمات المتطرفة، التي قد يكون لديها رغبة في الإنتقال إلى الساحة اللبنانية.
في الختام، تشير الأوساط نفسها إلى واقع آخر، نجحت الجهات المعنية، حتى الآن، في التعامل معه، يكمن بحملات التحريض التي يتولى البعض القيام بها، خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي، تحت عنوان الإنتقام من حلفاء النظام السوري السابق على الساحة اللبنانية، حيث تشدد على أنّ عدم التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة بشكل سريع، قد يقود إلى مجموعة واسعة من التوترات التي لا فائدة منها.