أوضح نقيب المهندسين في بيروت فادي حنا، في تصريح لصحيفة "الأخبار"، أن حجم الدمار المنتشر جراء العدوان الإسرائيلي في مناطق عدّة من الجنوب والبقاع وبيروت مع ضاحيتها الجنوبية، "يشمل 417 مبنى في الضاحية، وأضعافاً في الجنوب والبقاع"، لذا سأل: "هل تكفي شركة واحدة للقيام بأعمال المسح؟ السؤال المطروح يتعلق بقدرات هذه الشركة التي جرى تكليفها وحصلت في المقابل على مليون ونصف مليون دولار للقيام بالمسح. كم من مهندس مسجّل في هذه الشركة في مقابل العدد المطلوب للقيام بالمسح في كل المناطق اللبنانية التي تعرّضت للتدمير؟".
وأشار حنّا إلى أنه يفضل أن تكون نقطة الانطلاق على شكل أسئلة متصلة بفرص انخراط نقابة المهندسين في "معركة" الإعمار.
وأضاف "المشكلة الأساسية تكمن في وجود لجنة طوارئ لا تخطّط، علماً أن إعادة الإعمار حتمية، فلو كان هناك تخطيط مسبق للإعمار كان يجب، على سبيل المثال، استقدام المعدات التي لا توجد حالياً في لبنان وتحتاج إلى وقت لاستقدامها. التخطيط يهدف إلى استباق المخاطر واستشراف الحاجات، أيضاً، كان يفترض أن يكون واضحاً على طاولة التخطيط المسبق، بأنه يجب النظر إلى الوضع البيئي المرتبط بالأنقاض ورفعها وفرز المواد التي تتضمّنها... أما الآن، فقد فقدنا ميزة التخطيط المسبق واصطدمنا بالواقع".
وقال حنا "أوضحنا لوزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال أنه لا يمكن التعامل مع الركام كما يجري حالياً. فعلى مستوى نقابة المهندسين، لدينا صورة واضحة عن زيادة في الأمراض السرطانية بنسبة 32.9%، وهذا نراه في حالات الاستشفاء والأكلاف التي تدفعها النقابة، أي أن المزيد من التعامل باستهتار مع الوضع البيئي سيضعنا أمام كارثة إنسانية وأكلاف كبيرة. الركام يحتوي على مواد سامة، مثل مكوّنات البرادات والبطاريات والغسالات... لا يمكن استعماله لردم البحر في الكوستا برافا، بصورته الحالية، لأنه إذا حصل ذلك ستزداد نسبة الأمراض السرطانية في المستقبل ومعها سترتفع الأكلاف وتتوسع الكارثة".
وإلى جانب ارتفاع المخاطر المرتبطة بآليات التلزيم والفساد، يظهر انعدام اليقين بمسألة التمويل بشكل واضح للعيان، حيث رأي حنا أنه يتم ربط هذا العمل بالسياسة، لذا "علينا أن نتعامل بالملف بعيداً عن السياسة التي لا يمكن تطبيقها على مآسي الناس. الفساد لا يظهر في الربح، بل يتم تركيبه في دفاتر الشروط أصلاً، لذا، عندما تُسأل النقابة عن رأيها، فما يهمنا البيئة والسلامة وتشغيل المهندسين اللبنانيين والشركات اللبنانية، وإجراء تحسينات، ولو بسيطة على مخططات المدن والقرى مع الحفاظ على هويتها. صحيح أنه لا يمكن أن نعيد هيكلة المخطط المدني بكامله، لكن التحسين ممكن".
وأوضح أن في غياب التخطيط، انطلق قطار "التلزيمات بالتراضي، وعلى هذا المنوال، فإن ما هو مطروح الآن لا يؤمّن الشفافية، والذرائع التي تقدّم أنه يجب إعادة الناس بسرعة إلى منازلهم، علماً أن هذا أمر ضروري جداً وملحّ، لكن الحرب لم تقع منذ شهرين فقط، أي كان يمكن الأخذ بهذا الاعتبار ضمن الخطة".