اكد وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين في ورشة "اتجاهات الكوارث المناخية ما بعد الكوب 29 في باكو"، على "ضرورة إدراج موضوع الحروب وأثرها على مفاوضات المناخ"، مشدداً على "طلب لبنان ارسال لجنة تقصي حقائق عن اضرار الحرب والعدوان على لبنان وأثره البيئي الفادح".

واشار في افتتاح ورشة المناخ التي عقدت في بيروت وشارك فيها مجموعة كبيرة من الخبراء والمختصين والاعلاميين المتخصصين في قضية تغير المناخ، الى "متابعة الوزارة لهذا الملف منذ توليه المسؤوليات فيها"، مؤكداً "ضرورة أن يدرج موضوع الحروب وأثرها على المفاوضات المناخية"، مقدماً عرضاً "لأثر الحرب على الغابات والزراعة في لبنان وعن الحرائق الكبيرة في الغابات الناجمة عن استخدام القنابل الفوسفورية"، وكشف "عن طلب لبنان لجنة تقصي حقائق دولية لرصد ومسح اضرار الحرب وأثرها على الزراعة والتربة والمياه وعلى الغابات والانظمة الايكولوجية عامة، بالاضافة إلى مشكلة الردميات التي تركتها".

وقد خرج المجتمعون بانطباعات مخيفة حول الكوارث المناخية التي ستحصل وحجم الاهتمام الدولي غير الجدي مع هذه القضية الخطيرة. واتفقوا واجمعوا على ضرورة أن ينشأ تحالف كبير بين منظمات المجتمع المدني والقطاع الرسمي مع القطاع الاكاديمي والاعلامي على مستوى العالم العربي اولاً ومن ثم على المستوى العالمي للدفع باتجاه معالجة هذه القضية.

في جلسة الافتتاح تحدث منسق الورشة حبيب معلوف بداية "عن الهدف من عقد هذه الورشة التي تتابع ما الذي حصل في قمة المناخ التي انعقدت أخيراً في باكو اذ تم دعوة معظم الفريق المفاوض والمتابع في لبنان لعرض ماذا حصل في مختلف المحاور من المفاوضات لاسيما حول موضوع التمويل الذي كان المحور الأساسي للمفاوضات وحول الهدف العالمي بشأن التكيف وقضية بيع الكربون وموضوع الانتقال العادل والزراعة وغيرها من المواضيع لاسيما أن عرض نتائج القمة مع المختصين والمعنيين يساعد وزارة البيئة وعبرها الحكومة اللبنانية في معرفة الاتجاهات الدولية والعلمية ذات الصلة ووضع رؤية واستراتيجية في كيفية التعامل من أخطر القضايا التي تواجه البشرية أن من ناحية استراتيجية التفاوض او من ناحية وضع الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الكوارث والتكيف معها".

ثم تحدث ممثل مؤسسة "هانز زايدل" طوني غريب عن "اهمية موضوع تغير المناخ"، معلناً "انها آخر ورشة مع وزارة البيئة هذا العام"، وآملاً "في برنامج تعاون جديد للعام المقبل".

في الجلسة الاولى، تحدث حبيب معلوف "عن نتائج هذه القمة التي لم تكن جيدة اذا ما قيست بمخرجات القمم السابقة والمخرجات التي صدرت عنها. وان حجم التعهد بالتمويل كان هزيلاً، وان هذه القمة لم تتابع ما كان قد تقرر في المؤتمر السابق في دبي بوضع برنامج لكيفية تطبيق ابرز المقررات التي تتحدث عن "الذهاب بعيداً عن الوقود الاحفوري". كما انتقد "عدم التقدم في معظم الملفات بالاضافة الى التمويل".

وتحدثت في هذه الجلسة ليا قاعي عن المقارنة بين المؤتمرات المناخية ومدى التقدم فيها، معتبرة انه "خلال المؤتمرات المناخية (COP27 في مصر، و COP28 في الإمارات، وCOP29 في أذربيجان)، أُحرز تقدم محدود على مستوى تمويل المناخ والتكيف مع تغير المناخ"، وقالت "رغم الالتزام بخفض الانبعاثات وتوسيع الطاقة المتجددة، لا تزال الفجوات في التمويل والتنفيذ تحدياً كبيراً. في COP29، تم إطلاق خارطة طريق "باكو-بيليم" للتكيف، لكن التمويل كان غير كافٍ لتحقيق الأهداف. مع اقتراب COP30، تبقى الحاجة مُلحة لتسريع الإجراءات وتعزيز الثقة بين الدول لتحقيق أهداف المناخ العالمية".

في الجلسة الثانية، تكلمت ليا زغيب "عن الهدف العالمي للتكيف وعن اهم مخرجات COP29 عبر إطلاق خارطة طريق "باكو" للتكيف التي تهدف إلى تحقيق تقدم ملموس في بناء القدرة على التكيف وتعزيز المؤشرات العالمية بحلولCOP30. "، وأوردت أنه "رغم التقدم المحرز، لا تزال هناك فجوة تمويلية كبيرة، حيث بلغت التعهدات 150 مليون دولار فقط مقارنةً بالهدف السنوي البالغ 300 مليون دولار. كما أكد المؤتمر أهمية الهدف العالمي للتكيف كإطار عمل لتعزيز القدرات وتقليل الفجوات، مع استمرار التحديات المتعلقة بالتمويل والقياس".

وكانت مداخلة لسارة بدران "عن التمويل والخلاف على تحديد مدى الالتزام بالمرحلة الاولى للتمويل بين العام 2020 و2025 والوعود حول مرحلة ما بعد العام 2025 والخلاف حول طبيعة هذا التمويل وما اذا كان على شكل هبات او قروض وحول ما اذا كان سيذهب الى التخفيف ام الى التكيف ام الى صندوق الخسائر والاضرار ومواقف الدول من هذا الموضوع".

كما تحدث في هذه الجلسة الدكتور داني عبيد "عن مخرجات مؤتمر الأطراف COP29 في ما يتعلق بالزراعة ، اذ تضمنت المخرجات الرئيسية إنشاء بوابة إلكترونية تهدف إلى تبادل الخبرات وعرض المشاريع الناجحة وتوفير الدعم التقني والمالي للمبادرات المتعلقة بالزراعة والمناخ"، معتبراً "أن المؤتمر شجّع الدول على استخدام هذه البوابة لنشر مشاريعهم ومبادراتهم لتسهيل تبادل المعرفة وتعزيز الابتكار". كما اعلن انه "سيتم تنظيم ورشة عمل في شهر 6 في بون بعنوان " النهج الشامل لتنفيذ العمل المناخي في مجال الزراعة وأنظمة الغذاء والأمن الغذائي، والتفاهم والتعاون والتكامل في الخطط"، معتبراً "ان موضوع الزراعة والامن الغذائي مهمّ جدًا لم يكن يأخذ حقه الكامل في النقاشات والمفاوضات المناخية".

في الجلسة الثالثة، تحدثت ليا زغيب مجدداً "عن مخرجات COP29 حول التكيف والتمويل والشفافية، حيث تم إطلاق خارطة طريق "باكو" للتكيف لتعزيز القدرات العالمية وإدماج المؤشرات القياسية. بالنسبة للبنان، تتماشى هذه المخرجات مع خطط التكيف الوطنية (NAP) والمساهمات المحددة وطنيًا (NDC 3.0)، مع التأكيد على ضرورة تعزيز الشفافية والتمويل لتنفيذ الأهداف المناخية. يواجه لبنان تحديات في الوصول إلى التمويل بسبب الحواجز المؤسسية والديناميكيات الجيوسياسية، لكنه يسعى لتوسيع طموحاته بالتعاون الإقليمي والدعم الدولي".

كما تكلم في هذه الجلسة الدكتور وسيم دبوق، عضو الوفد اللبناني، في مفاوضات مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29) ضمن مناقشات برنامج العمل الخاص بالانتقال العادل. وأكد "دعم لبنان لمداخلات مجموعة الـ77 والصين والمجموعة العربية"، مشددًا "على أهمية التعاون الدولي للتغلب على العقبات التي تواجه الانتقال العادل، لا سيما في ظل النزاعات المسلحة والاضطرابات الاقتصادية". وأشار "إلى ضرورة مراعاة الظروف الخاصة بالمجتمعات المتضررة من النزاعات وتأثيراتها على الفئات الأكثر عرضة لتغير المناخ"، داعيًا "إلى إدراج هذه القضايا في القرارات المقبلة"، مشدداً أيضًا "على أهمية التركيز على التكيف وتوفير وسائل التنفيذ للدول النامية، بما في ذلك بناء القدرات ونقل التكنولوجيا والتمويل".

في الجلسة الرابعة والاخيرة، تحدث حبيب معلوف عن دور المجتمع المدني في المفاوضات، مؤكداً "أن هذا الموضوع جديد على المجتمع المدني ومنظماته في المنطقة العربية وهم يحتاجون الى الكثير من الاعداد والتدريب قبل التوجه للمشاركة هذه القمم، مؤكدا على ضرورة القيام بذلك مع الشركاء في المرحلة المقبلة واعطى امثلة فيها الكثير من السلبية عن دور المجتمع المدني الذي كان متلقياً وغير فاعل في المرحلة السابقة".

كما تحدث عبر زوم في هذه الجلسة مصعب صبح "حول تجربة المحكمة الدولية في التعاطي مع الشكاوى المناخية وكيفية مقاربة هذا الملف الحقوقي. وقد تم التقدم بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية في التزامات الدول بشأن التغير المناخي. وتم استعراض اهمية هذه القضية التاريخية، حيث انها تعتبر القضية المناخية الاولى في تاريخ المحكمة الدولية".

في الجلسة الاخيرة وبعد عرض حبيب معلوف خلاصة المناقشات خرج المجتمعون بالتوصيات التالية:

· ضرورة إدخال قضايا الحروب وآثارها في مفاوضات المناخ وتعويضاتها وتجريم المعتدين.

· ضرورة تغيير النظام الحضاري والاقتصادي المسيطر لان الدول المتنافسة في الاسواق لا تستطيع أن تحل قضية تغير المناخ الى تحتاج الى تعاون دولي.

· تشكيل تحالف مناخي يضم المجتمع المدني الى الاكاديمي والاعلامي لمراقبة الحكومات والشركات الكبرى.

· ضرورة انتاج نموذج حضاري جديد ورؤية جديدة وخطاب جديد حول المناخ يؤكد الحقوق يضبط شراهة الاستهلاك.

· اعادة الاعتبار لقضية نقل التكنولوجيا كحق وتعويض من البلدان الغنية والمتقدمة للبلدان النامية.

· توسيع المسؤولية التاريخية للدول المتقدمة لتشمل الدول الناشئة كالصين والدول النفطية.

· ادخال موضوع الضريبة على الثروات وعلى كبار الملوثين على قضايا التمويل.

· ضرورة عقد ورشات تثقيفية وتدريبية حول موضوع تغير المناخ.

· ضرورة تغيير السياسات والاستراتيجيات للدول.

· اعداد العدة القانونية للمقاضاة الدولية والمطالبة بالتعويضات المناخية التي ستصبح سنة بعد اخرى كارثية.