مع اقتراب موعد الجلسة المحدّدة لانتخاب رئيس للجمهوريّة في 9 كانون الثّاني المقبل، أوضح مصدر معارض لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "المعارضة عموماً منفتحة إيجاباً على فكرة انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، لكن هذا الخيار لا يجوز اعتباره خياراً خاصاً بالمعارضة حصراً، بل هو خيار توافقي. ولذلك، إذا تمّ، فيجب أن يوازيه تشكيل حكومة توافقية أيضاً".
فيتو قواتي غير مُعلن على قائد الجيش... و"مرشّح فرنسا" يجول على الكتل: صعوبات تعترض انتخاب عون
في السّياق، أكّدت صحيفة "الأخبار" أنّ "رغم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري إذا ما سُئل عن جلسة التاسع من الشهر المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، يسارع إلى القول إن "التوقّعات كبيرة"، ورغم ما توحي به ماكينة إعلامية ضخمة حول تأييد دولي لانتخاب قائد الجيش جوزف عون، ورغم أن حظوظه تبدو الأقوى، ثمّة ملاحظات كثيرة، تشير كلها إلى أن لا شيء نهائياً بعد، والأمور لن تنضج قبل بداية السنة الجديدة؛ وحتى ذلك الحين ستجري مياه كثيرة في النهر".
وذكرت أنّ "من هذه الملاحظات مثلاً، أنه بمجرد إعلان النائب السابق وليد جنبلاط تبنّيه ترشيح عون عقب لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس الأسبوع الماضي، ما اعتُبر يومها "إشارة إلى توافق أميركي- فرنسي على قائد الجيش"، أوفد ماكرون مرشح باريس لرئاسة الجمهورية المصرفي سمير عساف إلى لبنان، للقيام بجولة شملت كل الأفرقاء السياسيين، وآخرها أمس النائب فيصل كرامي ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي استبقاه إلى الغداء؛ علماً أن عساف رافق ماكرون في زيارته للرياض مطلع هذا الشهر. وهو أكّد أمام من التقاهم بأنه "مرشح فرنسا"، وأن حظوظه هي "الأقوى بعد حظوظ قائد الجيش".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ "من الملاحظات أيضاً، بما يخالف نظرية التوافق الخارجي على أي مرشح، أن الموفد القطري أبو فهد، الموجود في بيروت والذي شملت اتصالاته كل الأفرقاء أيضاً، لا يزال يروّج لترشيح المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. أضف إلى ذلك أن الرياض، وفق ما يؤكد أكثر من مصدر على علاقة بها، لم تقل كلمتها بعد، ولم تذكر اسم أي مرشح، ولا يزال سفيرها في بيروت وليد البخاري في كل اللقاءات التي يعقدها، يتحدّث بالعموميات وبالعناوين العريضة؛ ويؤكد أن "لا مرشح لدينا".
وركّزت مصادر "الأخبار" على أنّ "عون هو المتقدّم حتى اللحظة"، لكنها أشارت الى "صعوبة تأمين 86 صوتاً لمصلحة تعديل دستوري يسمح له بالترشح، في ظل موقف "التيار الوطني الحر" وبعض النواب المستقلين كنائب رئيس المجلس الياس بو صعب، والموقف المبدئي لبعض النواب "التغييريين" بمعارضة تعديل الدستور. والأهم من ذلك اصطدامه بـ"العقبة الشيعية".
وأفادت بأنّ "هناك "برودة" قابلت ترشيح جنبلاط لعون، إذ إن أياً من الكتل النيابية التي تتحدّث بإيجابية عن أداء قائد الجيش وعدم معارضتها لانتخابه، لم تعلن صراحة دعمها له. ناهيك عن أن كل القوى المسيحية، من دون استثناء، أزعجها أن يخرج ترشيح عون من المختارة، واعتبرت أن موقف جنبلاط زاد الأمور تعقيداً، مشيرة إلى أن ماكرون تحدّث أمام جنبلاط عن أن باريس تؤيد ترشيح عساف وعون وجهاد أزعور، وأن الزعيم الاشتراكي هو من اختار قائد الجيش من بين المرشحين الثلاثة".
وأضافت: "باستثناء الحديث في العموميات بإيجابية عن قائد الجيش، فإن الموقف القواتي لا يزال في حالة تريث ودراسة معمّقة للترشيحات، ولن يكون هناك موقف قبل السنة الجديدة".
هل استعجل وليد جنبلاط بزيارة سوريا؟
من جهة ثانية، أفادت صحيفة "الديار" بأنّ "على رأس وفد من الحزب "التقدمي الاشتراكي" ونواب من "اللقاء الديمقراطي" وعدد من مشايخ الطائفة الدرزية، على رأسهم شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى، دخل وليد جنبلاط قصر الشعب في دمشق، مستعيداً ذكريات فيها الكثير من المحطات التاريخية الهامة، التي رافقت مسيرته السياسية من الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد إلى نجله بشار؛ وما بينهما من تحالف وخلاف وصل حدّ العداء. ولكن هذه المرة لم تعد عائلة الأسد موجودة في الحكم في سوريا، بل أحمد الشرع، المعروف بمحمد الجولاني".
وشدّدت على أنّ "البعض في لبنان يأخذ على جنبلاط تسرعه في تحديد زيارة إلى سوريا ولقاء الجولاني ورئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير، ويرى هذا البعض أن مستقبل سوريا لا يزال غامضاً، وبالتالي من المبكر الحكم على تجربة الجولاني و"هيئة تحرير الشام"، والركض إليها للجلوس معها. ولكن بالنسبة إلى جنبلاط فإن هذا البعض لا يفهم بالسياسة، حاله كحال من ينتقد زيارة وليد جنبلاط اليوم إلى دمشق".
وأوضحت مصادر قيادية في "الاشتراكي" لـ"الديار"، أنّ "وليد جنبلاط الذي حافظ على موقفه السلبي تجاه الرئيس السوري السابق بشار الأسد ونظامه منذ العام 2011 حتى اليوم، رغم كل ما حصل مؤخراً من انفتاح عربي على الأسد، جعل كثيرين من المعارضين للأسد يتراجعون عن مواقفهم، يُدرك جيداً اللحظة التاريخية الهامة التي تمر بها سوريا والمنطقة ككل، انطلاقاً من الحرب على غزة، وهو لم يزر دمشق من أجل "هيئة تحرير الشام" بل لأجل الدروز؛ ولأجل الحكم الجديد المتمثل بـ "الهيئة".
ورأت أن "جنبلاط كزعيم درزي في المنطقة، لا في لبنان وحسب، لا يستطيع التفرج على ضياع الدروز السوريين، مع بروز رغبات انفصالية لدى بعضهم من أجل العيش تحت كنف الدولة الإسرائيلية، مع ما يعني من ضياع للحالة الدرزية السورية، وبالتالي العربية؛ ما يُبقي دروز لبنان وحيدين كأقلية كبيرة جداً في المنطقة العربية".
وبيّنت المصادر أنّه "يهم جنبلاط أن يبني علاقات جيدة مع النظام الذي يسير باتّجاه الحكم في سوريا، وهو لا يعتبر أن له الحق أساساً في الحكم على النظام الجديد، سواء كان يتبع لـ "الإخوان المسلمين" أو غير ذلك، أو أن يتدخل بطبيعة الحكم هناك"، معتبرةً أنّ "من يهاجم جنبلاط على زيارته السريعة إلى دمشق، عليه أن يقرأ الموقف السعودي من الاحداث، كما الموقف الإيراني". وكشفت أن "الإيرانيين امتنعوا عن إعطاء أي موقف مما جرى في سوريا، بانتظار ثبات الحكم ومحاولة مدّ الجسور معه، اما السعوديون فبدؤوا بإرسال الوفود السياسية للجلوس مع القيادة الجديدة التي أسقطت نظام بشار الأسد".
وأكّدت أنّ "من ينتظر تسبقه الأحداث"، لافتةً إلى أن "هناك مسائل لا تحتمل التأجيل، كالحالة الدرزية في سوريا، ومخاطر ما تقوم به إسرائيل على سوريا ولبنان معاً"، وجازمة أن "جنبلاط لا ينتظر من زيارته الى دمشق أي تداعيات أو نتائج لبنانية إطلاقاً، لا في الملف الرئاسي ولا غيره".