في الوقت الذي كان فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يقوم بجولة في القطاع الشرقي في الجنوب برفقة قائد الجيش جوزاف عون، كان العدو يرفع العلم الإسرائيلي في بلدة الناقورة اللبنانية، ويخرق اتفاق وقف إطلاق النار مرة جديدة عبر استهداف البلدة بصاروخ من مروحية عسكرية، وهو ما يضع الحكومة والجيش أمام امتحان صعب يتمثل باستمرار الخروقات، بظلّ الحديث عن نوايا إسرائيليّة مبيتة.

تستمر الخروقات الإسرائيلية في المناطق الجنوبية، من إقفال للطرق بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية، إلى التفجيرات في يارون وكفركلا والناقورة، إذ أن كل ما عجز العدو عن تنفيذه في الحرب يقوم به بعد وقف إطلاق النار، والكل يتفرج، وهذا ما تراه مصادر متابعة جزءاً من الاتفاق الذي حصل بين الأميركيين والإسرائيليين، حيث يبدو أن الإدارة الأميركية قدمت للاسرائيلي فرصة تطبيق القرار 1701 على الحدود مع لبنان، وعلى الحدود مع سوريا أيضاً حيث قُطعت طريق الإمداد ويُشرف العدو الإسرائيلي بنفسه على هذا المشروع.

كل هذا الواقع يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت اسرائيل ستلتزم أقله بالخروج من الأراضي اللبنانية مع انتهاء مهلة الستين يوماً، او أنها سترفض ذلك، ما يضع الجميع أمام مأزق ضخم، إذ ترى المصادر أن بقاءها لما بعد الستين يوماً واستمرار الخروقات يعني ضرورة عودة "حزب الله" للعمل على إخراجها، وهذا ما سيُدخل لبنان في حرب جديدة قد لا يكون الجيش اللبناني قادراً على المشاركة فيها، علماً أنه بحال لم يتحرك الحزب فإن الجيش سيكون في وضع حرج، كما كل من يتحدث عن الشرعية الدولية الحامية للبنان.

تكشف المصادر أن اللجنة المولجة مراقبة وقف إطلاق النار تعمل ببطء وكأنها تُريد للعدو أن يستكمل ما بدأه خلال مهلة الستين يوماً، مشيرة إلى أن هذه اللجنة تقول أن الاسرائيليين سيغادرون الأراضي اللبنانية بشكل كامل بعد الستين يوماً لكنها غير قادرة على تقديم أي ضمانات بهذا الخصوص.

يشعر العدو الإسرائيلي أن ما حصل في لبنان وبعده في سوريا يعطيه فرصة لفرض المزيد من الضغوط، وترى المصادر أن استفزازاته ستستمر لعله ينجح بجر الحزب للرد فيكون العالم أجمع على استعداد لاتهام الأخير ولبنان بخرق الإتفاق وتحميله مسؤولية النتائج المترتبة على ذلك، وهذا ما يدركه الحزب الذي يقول أنه يعطي الوقت للتنفيذ ولكن سيكون لصبره حدود.

إن عودة الحرب إلى لبنان لا ترتبط فقط برغبة رئيس وزراء الحرب الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، فعندما توقفت الحرب كان ذلك لأسباب تتعلق بها نفسها، وأخرى برؤية الإدارة الاميركية الجديدة التي ترفض تمويل الحروب الخارجية بعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يتحدث عن إنهاء الفوضى بالشرق الأوسط، ولكن حتى تاريخ استلامه ستبقى المنطقة مفتوحة على كل أنواع المفاجآت، داخل وخارج لبنان وصولاً لإيران حيث لا يبدو بحسب المصادر أن نتانياهو ازاح عن باله فكرة ضرب المشروع النووي الإيراني، وبدأنا نقرأ تقارير عن قلق في البيت الأبيض من إمكانيّة وصول طهران الى القنبلة النووية.

تعيش المنطقة حالة حرجة، تقول المصادر، مشيرة إلى أن أحداً لا يمكنه التوقع ما إذا كان العدو سيلتزم بما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار أم لا، والكل سيكون أمام امتحان صعب، وهذا ما يُحرك الحكومة اللبنانية، وقد يدفع ببعض المسؤولين الّذين عملوا على خط الإتفاق لزيارة لبنان في المرحلة المقبلة.