ينتظر لبنان، في العام المقبل، تحديات كثيرة على صعيد الاقتصاد، خصوصاً بعد أن أدرج على اللائحة الرمادية، ولكن ورغم كل ما مرّت به البلاد لا تزال كلّ التقارير تنذر بالذهاب نحو الأسوأ، وبالأمس صدر تقرير البنك الدولي الذي حمل مجموعة نقاط، أبرزها حول النموّ والناتج المحلّي.

"هناك إختلاف في موضوع الناتج المحلّي الاجمالي، ما بين البنك الدولي الذي يشير إلى أن انه بلغ 22.7 مليار دولار بنهاية العام 2024، والصندوق الدولي الذي يلفت إلى أنه بلغ 17 مليار دولار". هذا ما يراه الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، موضحاً أنه "في نفس الوقت هناك تراجع في النمو بلغ 6.6% في العام الحالي، ويتوقّع أن يبلغ 5.7% في العام المقبل". ويشير إلى أن "الانكماش الاقتصادي سيكون بنسبة 0.9%"، مشدداً على أنه "يعادل خسارة 4.2 مليار دولار في صافي الاستهلاك والصادرات"، ويلفت إلى أن الأزمة "تفاقمت بسبب النزوح الجماعي للسكان وتدمير البنية التحتية وانخفاض الاستهلاك الخاص، الذي يمثل 134% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023".

ويشرح عجاقة أن "البنك الدولي وضع السبب الأساسي للتراجع الحرب التي حصلت، والسنة القادمة ستكون إمتداداً لتداعياتها، كما أن البنك الدولي لا يتوقّع أن يكون هناك إصلاحات إقتصاديّة قريبة، وكأنه يقول إن هناك توجهاً لمزيد من التأزيم بالموضوع السياسي، خصوصاً وأنه لا يمكن القيام بإصلاحات دون إعادة تكوّن السلطة التنفيذية، أي إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة والقيام باصلاحات". أما الخبير الإقتصادي ميشال فياض فيلفت إلى أنه "منذ عام 2019، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأكثر من 38%، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية القائمة، والمؤشرات الاقتصادية، مثل النمو والتضخم وميزان الموازنة والعجز التجاري، تظهر اتجاهات سلبية، وتزايد الاحتياجات التمويليّة بعد الصراع يهدد باستنزاف احتياطيات النقد الأجنبي المتبقية أو زيادة المعروض النقدي، مما يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار".

"الضغوط على الميزانيّة تتزايد، خاصة لتمويل المساعدات الإنسانيّة والخدمات الأساسيّة، في حين أنّ عائدات الضرائب بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة آخذة في التناقص". هذا ما يؤكده فيّاض، متوقعاً أن "يتفاقم عجز الحساب الجاري، وهذا الأمر يعد مشكلة مزمنة خصوصاً وأن الواردات الأساسيّة لا تزال مرتفعة في حين تنخفض الصادرات وعائدات السياحة". هنا يلفت عجاقة إلى أن "كل هذا الكلام يعني مزيدا من التآكل الاقتصادي، والامر ينذر بضرب هيكلية النمو لفترة طويلة بالمستقبل"، مشدداً على أنه "سيكون هناك تراجعاً كبيراً في المعاملات التجارية والاقتصادية، وبالتالي يمكن أن يتراجع الاستيراد يترافق مع ارتفاع بالأسعار وانخفاض القدرة الشرائيّة، وبالتالي سينخفض الناتج المحلي الاجمالي"، مشدّداً على أنّ "هذا السيناريو يمكن أن يصبح واقعاً إذا لم يحصل أيّ شيء من الناحية السّياسية لنخرج من الأزمة، كذلك فإننا نحتاج إلى أموال من الخارج للاستثمار بالاقتصاد، ولا أموال دون اصلاحات".

إذاً، وحتى الساعة لا بوادر للخروج من الازمة الاقتصاديّة التي تمر بها البلاد، ومن المتوقع أن تتفاقم في العام 2025، إذا لم تحصل الاصلاحات المطلوبة.