أثار تسليم لبنان 70 عسكرياً سورياً هربوا من المجموعات المتطرفة في بلادهم استياءً واسعاً أبعد من حدود لبنان، خصوصاً مع تقصّد القيادة السورية الجديدة نشر مشاهد التعرّض بالضرب لهؤلاء واذلالهم لدى استلامهم، قبل التنكيل بهم.

ورصدت "النشرة" تعاطفاً لبنانياً وعربياً واسعاً مع هؤلاء العسكريين السبعين، نتيجة مشاهد القتل التي تمارسها مجموعات سورية انتقاماً من النظام البائد، في وقت كان لبنان فتح مناطقه وأقام المخيمات لكل الهاربين من نظام "البعث" منذ 13 عاماً، وسمح للمنظمات الدولية برعايتهم، ومنع الاقتراب منهم.

وطرح التسليم اللبناني للعسكريين السوريين اسئلة عدة: كيف تسلّم الدولة اللبنانية هؤلاء لمجموعة لم تنظّم نفسها في مفهوم الدولة؟ لماذا لم تحتجز هؤلاء لغاية نشوء دولة سورية تحاكم المرتكبين منهم؟ هل القوانين الدولية تفرض تسليم هارب من القتل إلى قاتليه؟ ولماذا يوجد مفهوم اللجوء في أنظمة العالم؟

تتحمّل حكومة تصريف الأعمال في لبنان مسؤولية اخلاقية وانسانية في ذاك التصرف، في وقت تقصّر هذه الحكومة في طرح حل قضية النازحين السوريين الذين قدموا من بلادهم هرباً من النظام البائد بعد بدء احداث عام 2011: سقط نظام "البعث"، فلماذا لا يعود هؤلاء إلى بلادهم؟ ما هي خطة الحكومة اللبنانية؟ وهل يخشى رئيسها نجيب ميقاتي من بيئته الطرابلسية المتعاطفة مع النازحين، من دون اتخاذ مصلحة لبنان في عين الاعتبار؟

واذا كانت الحملات السياسية والإعلامية ركّزت على استقبال لبنان آلاف السوريين الجدد الذين دخل معظمهم لبنان بصورة شرعية بعد سقوط الحُكم البعثي، فلماذا لا تصبّ الحملات بإتجاه اعادة مليوني نازح سوريّ يوالون النظام الإسلامي الجديد الذي يقوده احمد الشرع (ابو محمد الجولاني)، بعدما انتفى مبرر وجودهم؟

يقول خبير اقتصادي لـ"النشرة" ان الذين هربوا الآن إلى لبنان مقتدرون مالياً، ساهموا في انعاش الحركة الاقتصادية منذ وصولهم إلى لبنان بعد سقوط نظام "البعث"، وقد سافرت اعداد كبيرة منهم إلى الإمارات ومصر و روسيا ودول أوروبية عبر مطار بيروت، لأن معظمهم لديه اقامات او تأشيرات دخول إلى تلك الدول، فيما يخطط الباقون اما للعودة إلى بلادهم بعد الاعياد، او البقاء بصورة شرعية في لبنان، لإتضاح المشهد في لبنان.

امّا مليونا نازح سوريّ، فبات أمر بقائهم في لبنان غير مبرّر بعد سقوط نظام بشار الاسد واستلام "الثوار المعارضين" زمام المناطق في سوريا. فلتبدأ عودتهم اليوم قبل الغد، بعدما أدّى لبنان دوره الإنساني كلّه.