ترصد عواصم العالم مسار الساحة السوريّة، وسط مؤشرات مقلقة لم تبدّدْها تصريحات القائد العام احمد الشرع (ابو محمد الجولاني) في محاولاته طمأنة الداخل السوري وعواصم العالم العربي والغربي، لأنهم ينتظرون أفعالاً تطبيقية وليس كلاماً نظرياً فحسب.
تركت الجرائم التي تمارسها الفصائل الإسلامية المتشددة في القتل والتنكيل آثاراً سلبية على انطلاقة الشرع بشكل رئيسي، لكن لا يزال الوقت مُمكناً امامه لتدارك تلك الخطايا. فهل يقدر على ضبط تلك الفصائل المتطرفة؟ هو يحاول عبر تأسيس جيش سوري، اللافت ان لجنة تأسيسه تضم ضباط إسلاميين من تركيا وتركستان والشيشان والأردن.
رغم ذلك، تُعطي العواصم فرصة للشرع، ترصد فيها كل التفاصيل السورية. هي وصلت إلى استنتاج مفاده ان ارتداء الشرع اللباس الرسمي في دمشق، هو نتيجة قناعة لديه، وليس دوراً يقوم به حالياً. كانت كل أدواره السابقة استثنائية، وسُبلاً للوصول إلى دمشق. هو وصل إلى ما كان يصبو اليه: سقوط نظام "البعث" و استلام القيادة السورية: كان رداء وخطاب وممارسات "ابو محمد الجولاني" الاسلامية المتشددة، وسائل فقط، للوصول إلى السلطة وحُكم سوريا، مُستخدماً "داعش" و"القاعدة" و"جبهة النصرة" و"هيئة تحرير الشام" ادوات، انتهى مفعولها لديه. لم يعد يحتاج الشرع اليها حالياً، بل صارت اهدافه تصبّ في مكان آخر: إمساك الساحة السورية، وتجهيز نفسه رئيساً لها يتمتع بكل مواصفات رئاسة الدولة.
لكن امام الشرع اختبارات، اساسها الامتحان التطبيقي في معيارين:
اولاً، ضبط الفصائل المتشددة في اطار دولة مدنية سورية، مُتخذاً تركيا نموذجاً. لكن معوّقات جوهرية تقف في دربه، بإنتظار ما سيفعله خلال الأشهر المقبلة ازاء مجموعات إسلامية غير سورية تنتظر تطبيق الشريعة الإسلامية في حكم الشرع.
ثانياً، علاقته مع الدول العربية التي تقدر وحدها ان تساعد دمشق مالياً واجتماعياً وسياسياً.
يرتبط العنوانان المذكوران ببعضهما البعض، فإذا لم يُطمئن الشرع العواصم العربية عملياً، بشكل يتجاوز الكلام الذي امتدح به المملكة العربية السعودية، إلى فعل ميداني، يُرضي كلاّ من مصر والأردن والإمارات والعراق ولبنان، فإن الشرع سيتخبّط في سوريا خلال الفترة المقبلة بكل اتجاه اقتصادي وأمني واجتماعي، لأن الدولة السورية متهالكة وتحتاج إلى دعم يمتد على سنوات طويلة ومئات المليارات للنهوض.