فتحت حادثة إحراق شجرة الميلاد في مدينة السقيلبية، على سؤال جوهري حول مصير المقاتلين الأجانب في صفوف فصائل المعارضة السورية المسلحة سابقاً، خصوصاً أن مسؤولي "هيئة تحرير الشام"، التي تسعى اليوم إلى تلميع صورتها، على المستويين الداخلي والخارجي، كانت قد رمت بالمسؤولية عن الحادثة على عاتق مقاتلين أجانب، أعلنت إعتقالهم وتعهدت بمحاسبتهم.

بالتزامن، كان قائد الهيئة أحمد الشرع، أبو محمد الجولاني سابقاً، قد ألمح إلى إمكانية منح هؤلاء الجنسية السورية، "مكافأة لهم على مساندة الشعب السوري في حال الاتساق مع أيدولوجية وقيم السوريين"، مشيراً إلى أن وسائل الإعلام تبالغ في تقدير أعداد هؤلاء، قبل أن تظهر الترفيعات التي أعلنت عنها وزارة الدفاع السورية، في اليومين الماضيين، أن عملية منح الجنسية لهؤلاء بدأت، حيث تبين من خلال اللوائح المعلنة، على مستوى القيادات الكبيرة، وجود أشخاص من مصر والأردن وألبانيا وطاجكستان وتركستان (الصين).

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن وضعية هؤلاء من أبرز التحديات التي تواجه الشرع، في المرحلة الراهنة، خصوصاً أن العديد من الجهات الدولية والإقليمية تتابع مسار التعامل معهم، على إعتبار أن الأسباب التي دفعت هؤلاء إلى القدوم لسوريا لا تتعلق بإسقاط النظام السوري السابق، بل هي تنبع من الأفكار "الجهادية"، التي كان الشرع نفسه يحملها، خلال رحلته من "داعش" إلى "القاعدة" وصولاً إلى "تحرير الشام"، قبل أن يقرر، بحسب ما يعلن، حصر إهتماماته بالساحة السورية.

من وجهة نظر هذه المصادر، هناك عدة سيناريوهات حول كيفية التعامل مع هؤلاء، منها ترحيلهم إلى بلادهم، التي من المؤكد أنها لن تكون سعيدة بذلك، إلا إذا كان ذلك من ضمن سيناريو يعني تخلي الشرع عنهم، وبالتالي تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية في تلك الدول، أو أن يتم نقلهم، من قبل بعض الجهات الدولية والإقليمية، إلى ساحة أخرى، بهدف الإستثمار بهم، أو الذهاب إلى دمجهم في المجتمع السوري، بحسب ما كان قد أعلن قائد "تحرير الشام".

من حيث المبدأ، ليس هناك من إحصائيات دقيقة حول العدد الفعلي لهؤلاء، لكن المؤكد أنهم بالآلاف، وبالتالي لن يكون من السهل التعامل مع هذا الملف، الذي قد يمثل قنبلة موقوتة بوجه السلطة الجديدة، خصوصاً أن الأمور، في مرحلة ما، قد تذهب إلى الصدام، سواء قرر الشرع التخلي عنهم أو دمجهم في المجتمع السوري، على إعتبار أن الحل الثاني لن يكون من السهل تطبيقه على أرض الواقع، بينما الحل الأول قد يدفعهم إلى مواجهته عسكرياً.

على هذا الصعيد، تلفت المصادر المتابعة إلى أن هذا الواقع لا يمكن التقليل من أهميته، نظراً إلى أن الجهات الخارجية المؤثرة، التي تغض النظر اليوم عن تاريخ الشرع في المجموعات التي تُصنفها إرهابية، تراقب أي خطوة من الممكن أن يبادر إليها، خصوصاً أنها تدرك حاجته للحصول على الشرعية من قبلها، وتضيف: "هي من الممكن أن تتغاضى عن بعض الممارسات في الداخل، في حال كان الشرع في المقابل يؤمن مصالحها، لكنها على الأكيد لن تتهاون في أي خطوة، قد ترى أنها من الممكن أن تشكل تهديداً لها".

في المحصلة، تذهب هذه المصادر أبعد من ذلك، لتشير إلى أن تلك الجهات من الممكن ألاّ تعارض حكما إسلاميا في سوريا، لكنها تشدد على أن النموذج المسموح به يجب أن يكون متعلقا بالإطار الداخلي فقط، أي لا يمثل تهديداً خارجياً، سواء على مستوى ما يعرف بـ"تصدير الثورة" أو تحويل البلاد إلى نقطة تمركز أو إنطلاق لعناصر تشكل خطراً خارجياً، لا بل ينفذ ما يعلن عنه الشرع، في الوقت الراهن، من مواقف.