لم يكن العام 2024 عاماً جيداً على لبنان، بل يمكن القول أنه كان الأسواً ضمن الأعوام الخمسة الأخيرة، والتي يمكن اعتبارها من السنوات العجاف التي مرت بتاريخ هذا البلد، ويبدو أن انطلاقة العام الجديد لن تكون أسهل، فالملفات الأساسية تنتقل من عام إلى آخر.

قد يكون الهاجس الأمني هو الهمّ الأساسي مطلع العام الجديد، خصوصاً بظل الإحتلال الإسرائيلي للقرى الجنوبية والحديث عن نيته البقاء بعد انتهاء مهلة الستين يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، فالعدو الإسرائيلي يعتبر أن التبدلات في المنطقة تصب لصالحه ولا بد من استغلالها، لذلك سيكون هذا الملف قاسياً وحساساً مطلع العام.

من أجل هذا الملف بالتحديد يزور المبعوث الأميركي آموس هوكستين لبنان، وبحسب مصادر سياسية فإن ملف الحدود يُقلق المسؤولين اللبنانيين الذين سيطالبون المبعوث الأميركي بالضغط على إسرائيل لأجل تطبيق بنود الاتفاق كون الولايات المتحدة الأميركية هي الراعية له، مشيرة إلى أن قلق المسؤولين تزايد بعد التصريحات الإعلامية الإسرائيلية بخصوص البقاء في الجنوب لفترة أطول.

وتكشف المصادر أن لبنان حتى اللحظة لم يتلقّ أي إخطار جدي بنية تمديد فترة الستين يوماً، معتبرة كل ما حكي في هذا السياق مجرد تكهنات، على اعتبار أن المبعوث الأميركي لم يتطرق لهذه المسألة بعد، إذ لم يُعرف ما سيحمله بجعبته خلال الزيارة. وترى المصادر عبر "النشرة" أن هذا المطلب بحال تم طرحه بشكل رسمي لن يكون مستساغاً للبنان كونه يعني تمديداً للاحتلال وشرعنة له، خصوصاً أن ما يقوم به العدو الاسرائيلي اليوم يشكل خرقاً فاضحاً للاتفاق، ولا يجب أن يستمر دون ردة فعل.

اما الملف الثاني الذي تأهل معنا من العام الجاري إلى المقبل فهو الملف الرئاسي، حيث تكشف المصادر أن النوايا باتجاه حلّه باتت أكبر من قبل، والأيام الأولى للعام قد تشهد تطورات فيه، لذلك هناك نسبة 50 بالمئة أن ينتهي الفراغ في جلسة 9 كانون الثاني أو في الأيام القليلة التي تليها، ونسبة 50 بالمئة أن ينجح من يرغب بالتأجيل لشهرين حتى مطلع الربيع المقبل، وعندها ستكون الساحة اللبنانية مفتوحة أمام كل الاحتمالات، خصوصاً أن الملفّ الرئاسي بات مرتبطاً بالملف الأمني في الجنوب.

الملف الثالث الأساسي أيضاً هو ملف سوريا وتداعياته على لبنان والمنطقة ككل، إذ ليس تفصيلاً أن يقول أحمد الشرع أن إعداد دستور جديد في سوريا يحتاج إلى ثلاث سنوات، وأن الانتخابات العامة تحتاج إلى أربع، فما يجري في سوريا اليوم أثار قلق العالم العربي ولا يزال، خصوصاً عندما أكد الجميع ضرورة إعطاء السلطة الجديدة فرصة العمل قبل اتخاذ أي موقف.

تُريد هيئة تحرير الشام أن تُمسك بزمام السلطة كاملة في سوريا لفترة طويلة، بما يُعيد لأذهان السوريين تمسك عائلة الأسد وحزب البعث بالسلطة فيها، وهذا سيفتح الباب أمام الكثير من الخلافات بين السوريين، سيكون لها تداعياتها على الدول المحيطة، ومنها لبنان الذي يتحسب لمآل الأمور لدى الجارة بحذر وقلق.

رابعاً هناك طبعاً ملف إعادة الإعمار، وهو بات مرتبطاً أيضاً بالملفين الأمني والرئاسي، خصوصاً بسبب البازار الذي فُتح في هذا السياق، فمن يطرح المساعدة يُريد مقابلاً سياسياً، وحزب الله لوحده لن يكون قادراً على إنجازه، لذلك سيكون هذا الملف من الملفات البارزة مطلع العام الجديد.