ذكرت "الانباء" الكويتية، بانه مع اقتراب موعد زيارة الموفد الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين إلى لبنان مطلع السنة المقبلة، تتصاعد التساؤلات حول أهداف هذه الزيارة وأجندتها. وفي الوقت الذي يترقب فيه اللبنانيون تطورات تنفيذ ورقة الالتزامات المتبادلة بين لبنان وإسرائيل، تتجه الأنظار أيضا إلى احتمالية تناول الملف الرئاسي اللبناني في ظل انسداد الأفق الداخلي وغياب التوافق الإقليمي والدولي على اسم رئيس الجمهورية المقبل.

واوضح مصدر دبلوماسي في بيروت لـ"الأنباء" ان "ورقة الالتزامات تتقدم ببطء، وهناك مخاطر مستمرة من لجوء إسرائيل إلى تمييعها وتمديد مهلة الستين يوما لتنفيذها. فورقة الالتزامات المتبادلة التي تم التوصل إليها بوساطة أميركية بعد حرب استمرت 66 يوما، حملت خمسة عناصر رئيسية تهدف إلى تثبيت الاستقرار في الجنوب وإعادة إعمار المناطق المتضررة، وهي:

1- وقف إطلاق نار دائم: يشكل هذا العنصر الأساس لضمان الاستقرار على الحدود الجنوبية، إلا أن الخروقات الإسرائيلية المتكررة لقرار وقف إطلاق النار تضعف هذا الالتزام وتثير مخاوف من العودة إلى مربع التصعيد.

2- انسحاب إسرائيلي كامل: على رغم الاتفاق على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في جنوب لبنان خلال الحرب، إلا أن الوتيرة البطيئة لتنفيذ هذا البند تشير إلى تراجع في الضغط الدولي، وسط غياب خطوات عملية ملموسة على الأرض.

3- انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل: يعتبر تعزيز وجود الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات اليونيفيل خطوة أساسية لاستعادة السيادة الأمنية، إلا أن العقبات الإسرائيلية تعيق تحقيق هذا الهدف بالكامل.

4- إعادة الإعمار: إعادة الإعمار لمناطق الجنوب المتضررة تعد اختبارا لمدى التزام المجتمع الدولي بدعم لبنان، لكن الأزمات الاقتصادية المتفاقمة جعلت تنفيذ هذا البند أمرا معقدا.

5- خطة النهوض الاقتصادي والتنمية المستدامة: تهدف هذه الخطة إلى تجاوز التحديات الاقتصادية وتعزيز النمو، لكنها تصطدم بالشلل السياسي والفساد المستشري الذي يعيق تفعيل أي مبادرات تنموية حقيقية".

وأوضح المصدر ان "الدور الأميركي ضامن للاستقرار ولتنفيذ ورقة الالتزامات، لأن الولايات المتحدة التي لعبت دورا محوريا في وقف الحرب على لبنان بعد 66 يوما من التصعيد، تواصل مراقبة الوضع في الجنوب. ومع ذلك، لم تظهر الإدارة الأميركية حتى الآن أي إشارات على تغيير موقفها بشأن وقف الحرب، مما يعكس التزاما بالاستقرار دون تقديم ضمانات حقيقية لتنفيذ الالتزامات بشكل كامل. والخروقات الإسرائيلية المستمرة وعدم الالتزام بالانسحاب الكامل، يثيران تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على إلزام إسرائيل ببنود الاتفاق. في المقابل، يبدو أن واشنطن تستخدم ورقة الاستقرار في الجنوب كأداة ضغط على الأطراف اللبنانية لتسريع الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتنفيذ كامل بنود القرار الدولي 1701 خصوصا مسألة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية".

وأكد المصدر انه "لا يمكن عزل زيارة هوكشتاين عن التطورات السياسية الداخلية، حيث يشهد لبنان فراغا رئاسيا ممتدا، يفاقم من أزماته الاقتصادية والاجتماعية. وعلى رغم أن واشنطن لم تعلن عن نية ربط ملف الالتزامات مع ملف الرئاسة، إلا أن الجمود الحالي قد يفرض توسيع أجندة النقاشات لتشمل هذا الملف الحيوي. فالملف الرئاسي يعتبر نقطة ارتكاز أساسية لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة اللبنانية. ومع تزايد الحديث عن تدخلات دولية لحلحلة الأزمة الرئاسية، قد تجد الولايات المتحدة في زيارة هوكشتاين فرصة لإعادة تشكيل الديناميات الداخلية، لاسيما في ظل توافق أميركي - فرنسي - عربي على ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي".

وأشار المصدر إلى انه "في ظل اقتراب انتقال السلطة في الولايات المتحدة، يبقى السؤال مفتوحا حول تأثير الإدارة الجديدة على تنفيذ ورقة الالتزامات. فالسياسات الخارجية الأميركية غالبا ما تتأثر بالتوجهات الداخلية للإدارة القائمة، ما يعني أن المرحلة المقبلة قد تشهد تبدلا في الأولويات".

ولفت المصدر إلى ان "لبنان يقف اليوم على مفترق طرق، حيث تتداخل الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية بشكل معقد. وبينما تبقى الأنظار معلقة على زيارة هوكشتاين، يبقى الأمل معقودا على التزام الأطراف كافة بتنفيذ التعهدات القائمة، وعلى قدرة المجتمع الدولي على تقديم الدعم اللازم للبنان لتجاوز أزماته الراهنة".

واعتبر المصدر ان "هذه الزيارة قد تكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث، سواء عبر تسريع تنفيذ بنود ورقة الالتزامات، أو من خلال استخدام الزخم الدولي لإعادة تفعيل الحياة السياسية اللبنانية، مع التركيز على انتخاب رئيس جديد يعيد الثقة بمؤسسات الدولة".