اعتبر الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول، في حديث لـ"النشرة"، أنه لا يزال من المبكر جداً تقييم التجربة السورية الجديدة، بعد سقوط النظام السابق، مشيراً إلى أنه لا يمكن الحكم عليه من خلال التصريحات، بل أن الواقع الفعلي هو الذي يستطيع الحكم على الشيء، بالرغم من أن الأقوال في المجمل إيجابية، لكنها تأتي مع حالة المشهد الداخلي المتشرذم.
وفي حين أوضح غول أن السوريين بحاجة إلى ما يجمعهم ضمن إطار ما يمكن تسميته عقد إجتماعي، أشار إلى أن هذا العقد غير متوافر، إلا أن إمكانية وجوده مرتبطة بالسوريين أكثر من التدخلات الخارجية، لافتاً إلى أن المشهد السوري الحالي تتجاذبه عدة جهات: الولايات المتحدة، تركيا، إسرائيل بشكل أساسي، وبالتالي خلافات هذه الجهات ستنعكس بشكل سلبي على المشهد السوري.
من ناحية أخرى، أشار غول إلى أن أمام الإدارة السورية الجديدة تحديات كثيرة جداً، بسبب عدم وجود الدولة أو مؤسساتها، معتبراً أن سوريا اليوم أرض أكثر مما هي وطن أو دولة، مشدداً على أن هذه المؤسسات حتى تكون فاعلة تحتاج إلى عقد إجتماعي، موضحاً أنه لا يتحدث هنا فقط عن الدستور، بل أيضاً إحترام المؤسسات هو الركيزة الأساسية، الأمر الذي يفتقد إليه المشهد الراهن كلياً.
ورأى غول أن هناك أملاً بأن السوريين تعلموا من الدروس الماضية، سواء في فترة حكم "حزب البعث" أو في فترة ما بعد الثورة، وبالتالي بات لديهم الوعي لكي لا يعيدوا أخطاء الماضي، موضحاً أن التجربة السورية في الخمسينيات يمكن الحديث عن أنها كانت إيجابية عربياً، وبالتالي تكرارها أمر ممكن، لكنه يحتاج إلى وعي السوريين أنفسهم.
ورداً على سؤال حول المخاوف من التقسيم، اعتبر أن هذا الأمر بات من الماضي بالمفهوم التقليدي، لافتاً إلى أنه لا يعتقد أن أجندة التقسيم ممكنة اليوم كما كانت عليه في الماضي، معتبراً أن سوريا قبل شهر من اليوم كانت مقسمة، حيث كان هناك تواجد روسي وإيراني وأميركي وتركي، وبالتالي هي فعلياً كانت مقسمة وإن لم يتم الإعلان عن ذلك، بينما اليوم عوامل التقسيم تتلاشى أكثر من السابق، لكن هذا لا يعني أن هناك سلم أهلي.
وأشار غول إلى أن إشكالية الحرب الأهلية أو أن يكون هناك مواجهات أمنية بين مجموعات وفصائل مسلحة مختلفة التوجهات أمر سيكون من الطبيعي خلال المرحلة المقبلة، لكن من المؤكد أن الأمور في سوريا مهما كانت سيئة أو تم وضع سيناريوهات سيئة، فإن الوضع في هذه الجزئية لن يكون أسوأ مما كانت عليه الأمور قبل شهر من الآن.