نعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية، "نقيب المحرّرين السّابق سعيد نديم آل ناصر الدين، الّذي خلف النّقيب الرّاحل ملحم كرم بعد رحيله، وكان نائبًا للنّقيب لدورات عدّة، كما كان لعقود عضوًا في مجلس النّقابة الّتي انتسب إليها في العام 1962"، مشيرةً إلى أنّه "عُرف بصلابته وعنفوانه وطيب معشره. وسُجن لمرّتَين، وفي إحداهما انتخب وهو نزيل السّجن".
وذكرت في بيان، أنّه "عمل في صحف: " الصفاء"، مديرًا مسؤولًا ومحرّرًا في جريدة" البيرق"، وجريدة" الشرق"، وكان صاحب مجلّة "النجوى" وأحد صاحبي مجلّة "العصور". كان متضلعًا من لغة الضّاد، ومتمكّنًا منها، ويمكن تلمّس ذلك من أسلوبة، وإجادة استخدامه للغة في التّعبير عن رأيه بوضوح"، مشدّدةً على أنّ "برحيله، طُويت صفحة مشرقة من صفحات نقابة المحرّرين والصّحافة اللّبنانيّة، اللتين ودّعتا في اليوم الأوّل من العام الجديد هذه القامة المأسوف عليها".
من جهته، لفت نقيب المحرّرين جوزف القصيفي في وداع ناصر الدين، إلى أنّ "بكلّ ألم وحزن وتسليم بقضاء الله وقدره، تلقّيت وأنا خارج لبنان، نبأ وفاة ناصر الدين، إبن الدوحة الكريمة الرّفيعة الشّأن، الّتي أعطت الصّحافة واللّغة العربيّة كبارًا خلّفوا بصمات خالدة لا تُمحى منذ الهزيع الأخير للقرن التّاسع عشر إلى يومنا هذا".
وركّز على أنّ "الرّاحل الغالي هو من المناضلين في وجه كلّ من حاول أن يكمّ أفواه الصّحافيّين، يكسر جناح الحرّيّة، ويقيّد الأحرار بقوّة السّلطان القاهر، وقد كلّفته مواقفه غاليًا، فسُجن لمرّتَين وضيّق عليه، ولم يُثنه ترهيب وترغيب عن وفائه لمبادئه وأصدقائه. وكان إلى جانب النّقيب السّابق ملحم كرم في المعارك الّتي خاضها ضدّ السّلطة يومذاك في مواجهة حملات التّضييق الّتي طاولت زملاء المهنة".
وأوضح القصيفي أنّه "لم يكن مناضلًا وطنيًّا ونقابيًّا فحسب، بل كان صحافيًّا محترفًا عمل في العديد من صحف لبنان منذ أواخر الخمسينيّات إلى مطالع تسعينيّات القرن المنصرم. إتسم أسلوبه بالسّهل الممتنع، والإيجاز البليغ، مباشر في التّعبير عن رأيه: كلامه نعم نعم، ولا ولا"، مؤكّدًا أنّ "نقابة محرّري الصّحافة اللّبنانيّة فقدت واحدًا من أكرم وجوهها، وأكثرها التزامًا، جمع الجرأة إلى الحكمة، وصلابة الموقف إلى الإعتدال. وهي ستفتقده، وترى في رحيله خسارة لا يعوضها إلّا ذكره الطيّب".
وبيّن "أنّني فقدت شخصيًّا بغيابه الأخ والصّديق الّذي جمعتني به علائق مودّة ومحبّة وزمالة، ومشوار طويل في "دار الف ليلة وليلة" وفي نقابة محرّري الصّحافة اللّبنانيّة، ولم تنصرم حبال هذه العلائق يومًا، بل زادتها الأيام متانة ووثوقًا"، خاتمًا: "يا أكرم الرّاحلين وأنبلهم، أبكيك بكلّ في مقلتي من دمع، وأستذكرك بكلّ ما يعتصر فؤادي من حسرة، مستعيدًا الأيّام الخوالي، حيث كان للنّضال نكهة، وللوقفة وقع، وللموقف صدى لا يذهب هباء. فوداعًا يا رعاك الله، وليهنأ لك الرّقاد في تربة كفرمتى بجوار وحيدك والآباء والجدود، وثق بأنّه في كلّ مرّة يؤتى فيها على ذكر الكبار الّذين عطّروا دنياهم بالمسلك الحسن والصّيت الحميد، والخصائل البيض، وشهامة الفرسان، تتراءى صورتك البهيّة مخترقةً حجب النّسيان؛ لتستقرّ أيقونة في قلوبنا النّابضة بالوفاء لما قدمت وبذلت من ثمين التّضحيات في سبيل المهنة وأبنائها".