أشار النّائب ​ابراهيم منيمنة​، إلى أنّه "أمّا وقد انتخبنا رئيساً للجمهورية اللبنانية على قدر آمال وطموحات اللبنانيين واللبنانيات، باتت الوظيفة الفعلية اليوم لنا كنواب هي في تأمين كل الدفع الممكن لإحاطة العهد بعوامل النجاح، وأدوات التطبيق لخطاب القسم، الذي لطالما ناضلنا من أجل تحقيق عناوينه في الشارع وخلال ثورة ١٧ تشرين، واليوم من المجلس النيابي، وعلى رأسها الدولة الحرة المستقلة الحاضنة لجميع مكوناتها، والباسطة لسيادتها على كل أراضيها".

وأكّد في بيان، أنّ "لا مناص من المصارحة فيما بيننا اليوم، والقول إنّ التجارب والتناوب بين الطوائف على الإستئثار والهيمنة كلها فشلت وآخرها تجربة حزب الله في احتكار قرار الحرب والسلم. إنها لحظة إقرارنا كلبنانيين بتساوينا في الفشل"، معتبرًا أنّ "جميع الطوائف فشلت وجميع الطوائف أُنهكت، وبات لزاماً علينا انتهاز الفرصة والاستفادة مما يجري اليوم والانحياز فوراً إلى منطق بناء الدولة من دون مساومة أو تردد أو تلاعب بهذا المفهوم، والأهم حماية البلد من أي مخاطر".

ولفت منيمنة إلى أنها "مسؤوليتنا كشعب لبناني في هذا المفصل المصيري، أن نحول تلك اللحظة إلى لحظة تحرر من أعباء محاولاتنا الفاشلة وأوهامنا بالاعتداد بالقوة الفئوية كضامن لامتيازات طائفية لا تسمن ولا تغني من جوع، لنبني دولتنا على أسس المساواة واللحمة الوطنية ومصيرنا المشترك والمصلحة الوطنية تحت مسلمات سيادة الدولة وحكم الدستور والقانون والديمقراطية. دولة تطلق العنان للإبداع والحيوية اللبنانية في إطار من التنوع وتناغم المكونات اللبنانية. دولة وطنية حقيقية قوامها أرض وحدود وشعب وعقد اجتماعي وفق وثيقة الوفاق الوطني، لإدارة شؤون الناس من خلال القانون وقوى الشرعية التي لها الحق الحصري باستعمال السلاح وحماية البلد".

وركّز على أنّ "المرحلة المقبلة، يقف فيها لبنان أمام استحقاق تطبيق القرار ١٧٠١ والذي سيفضي إلى عودة الاستقرار إلى الجنوب إذا تم الالتزام به، إضافة إلى تحدي تأمين انسحاب إسرائيل والعودة إلى اتفاقية الهدنة للعام ١٩٤٩ وحصر السلاح بيد الدولة الشرعية. والمدخل الطبيعي لحماية لبنان هو الجيش الذي يجب العمل على تعزيز قدرته في عمل سياسي وطني تراكمي طويل الأمد، عبر تقديم مقاربة وطنية متكاملة تعطي أجوبة شافية عن كيفية حماية البلاد من منطلق استراتيجية الأمن القومي، تحت سقف الدولة وانطلاقاً من قدراتنا الذاتية التي يجب أن تلحظ مرتكزات قوتنا على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية".

كما شدّد على أنّ "المرحلة المقبلة هي مرحلة استعادة ال​سياسة​ الخارجية كجزء من استعادة الدولة عبر مراجعة دورنا في المنطقة والعالم، الأساس فيها المصلحة الوطنية وتحويل التنوع اللبناني الذي كان يعبر عن نقص وضعف واستجلاب للمشاكل والصراعات، إلى نقطة قوة بحيث يصبح هذا التنوع هو المدخل إلى رسم سياسة خارجية مُبادِرة باتجاه المنطقة، وخصوصاً منظومة الدول العربية التي ننتمي إليها. سياستُنا الخارجية يجب أن تكون حيادية ولكن فاعلة في المساهمة في حل المشاكل وفي التوسّط وفي لعب دور الوسيط، استناداً إلى قدراتنا وتاريخنا الديبلوماسي".

ورأى منيمنة أن "المرحلة المقبلة هي لإعادة بناء الدولة على أسس حديثة، فلا مهرب من الدخول في ورشة تحديث كبيرة للدولة على كافة المستويات. وليس المقصود من عملية التحديث معالجات شكلية أو تحول رقمي محدود يتجنب الخوض في عملية ترشيد وترشيق وتفعيل آليات الرقابة والمحاسبة في الدولة، والتي ستطال عمق منظومة الحكم والحوكمة".

وأوضح أنّ "البداية تكون بإعادة الاعتبار لقيم الدولة الحديثة، التي كرستها وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)، والتي بدورها ستصبح مقياس تطور مؤسسات الدولة وكفائتها، وتشمل: الشفافية، والمساواة، المحاسبة، الخدمة العامة، النزاهة، حكم القانون، الكفاءة، والعدالة".

وذكر أنّ "هذه الورشة تطال السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والمؤسسات التابعة لها. وتنطلق من تقييم الثغرات الموجودة في الفصل بين السلطات وتوازنها انطلاقاً من وثيقة الوفاق الوطني. وبطبيعة الحال أحد أهم أركان العملية الإصلاحية هو إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية المبني على ملاحظات لجنة البندقية للمجلس الأوروبي".

إلى ذلك، أضاف منيمنة: "المرحلة المقبلة هي مرحلة الإعمار بعد الحرب المدمرة، من دون فساد ولا هدر، كما هي مرحلة الإنماء الذي يُخرِجنا من منطق الانقسام على أنفسنا، إلى تحصين اللحمة الداخلية، من خلال تدخلات جريئة على المستوى السياساتي من قبل الدولة، انطلاقاً من تدعيم التعليم الرسمي، وصولاً إلى شبكة نقل عام فاعلة على كافة مساحة الوطن، وبالتوازي العودة إلى سياسات الإنماء المتوازن المبنية على استراتيجية وطنية متكاملة وأُطر حوكمة محلية ولامركزية إدارية كما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، تقوم على مبدأ التكافل والتضامن والتكامل، لا التناتش والتنافس السلبي. وهذه التنمية تؤدي إلى تمكين اللبنانيين في مناطقهم وعدم إعادة إنتاج الإحساس بالتهميش، وبالتالي خلق أراضٍ خصبة لعدم الاستقرار".

وأشار إلى أنّ "المرحلة المقبلة هي لوضع البلد على سكة التعافي الاقتصادي من خلال إقرار الإصلاحات المالية، وحماية حقوق المودعين وإعادة هيكلة المصارف، وإطلاق ورشة اصلاح تنقل البلد إلى الاقتصاد المنتج وتعزز المبادرة الفردية وتعمل على تقوية مبدأ الدولة الراعية، ولكنها في المقابل لا تتبع سياسة عفى الله عما مضى، بل تحاسب وتستعيد الأموال المنهوبة وتعيد الحقوق لأصحابها".

وبيّن أنّ "الكثير من اللبنانيين يُعبِّرون مؤخراً عن استعادتهم الإحساس بالأمل في بناء وطننا، على أسس صحيحة تجنبنا الوقوع في خياراتنا التقليدية من الحروب الداخلية أو الخارجية أو الهجرة أو القبول والسكوت بواقع لا يتلائم مع قدراتنا. ولكن يتلازم هذا الأمل مع حذر يصل أحياناً إلى نوع من إنذار، قد تكون هذه الفرصة الأخيرة لبناء هذا البلد، وهنا يجب التذكير بأن لبنان ليس فقط تجربة بناء دولة وطنية حديثة نمطية في هذا الشرق، لكن أهمية لبنان تتعدى ذلك لتصل إلى فرادة تجربته بمحاولة الموازنة في الحفاظ على التنوع الثقافي في إطار دولة وطنية حديثة ديمقراطية واستقرار سياسي واجتماعي واقتصادي".

وأكّد أنّ "الأهم أن نعي بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة حاسمة في مستقبل بلدنا، للانتقال إلى بناء الدولة الحديثة، بالتالي علينا جميعاً من الآن وصاعدا مقاربة كل الاستحقاقات من هذا المنطلق وبهدف إتمام هذه المرحلة الانتقالية بنجاح".

وأعلن أنّ "عليه، وبعد التشاور مع عدد من الزملاء والقواعد الشعبية، أعلن استعدادي لتولي المسؤولية في موقع رئاسة الحكومة، انطلاقاً من التزامنا بالعمل على تطبيق مشروعنا السياسي في هذه اللحظة المصيرية، على أن نستكمل مع الزملاء النواب المشاورات السياسية مع مختلف الأطراف، منفتحين على أي طرح يحقق المصلحة العليا لبلدنا وتطلعات شعبنا".