وضع خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس المنتخب جوزاف عون القوى السياسية الفلسطينية في لبنان أمام تحدٍّ جديد يتمثل بتحمّل مسؤوليتها في كيفية معالجة موضوع السلاح داخل المخيمات، تماشيًا مع المرحلة الجديدة التي أطلقها لبناء المؤسسات وحصرية السلاح بيد الدولة.

الخطاب الذي أعلن فيه الرئيس عون التمسك بمبدأ رفض توطين الفلسطينيين حفاظًا على حق العودة وتثبيتًا لحل الدولتين الذي أُقرّ في "قمة بيروت" وفقًا لمبادرة السلام العربية، وبحق الدولة في ممارسة سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية، ومن ضمنها مخيمات اللجوء، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية.

بالمقابل، أعربت القوى الفلسطينية بمختلف انتماءاتها عن أملها في أن يشكّل هذا الانتخاب فرصة لتعزيز العلاقات اللبنانية–الفلسطينية على أسس الاحترام المتبادل، والعمل المشترك لتحقيق الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، مع الحفاظ على حق العودة ورفض التوطين.

وقالت أوساط فلسطينية لـ"النشرة"، إن خطاب القسم الذي كان حاسمًا في رسم خارطة طريق المرحلة المقبلة على المستوى اللبناني ومنها الفلسطيني، حمل مؤشرات إيجابية في كيفية التعاطي مع المخيمات والسلاح الفلسطيني من خلال تضمينه عبارات تشكّل عناوين أساسية للتعاون والتنسيق المشترك مثل رفض التوطين حفاظًا على حق العودة، وهذا ما يطالب به الفلسطينيون في لبنان منذ سنوات طويلة.

ووفقًا للأوساط، فإن من المؤشرات الإيجابية عبارة "الإخوة" التي تكررت في ذات الفقرة مرتين، في رسالة واضحة للأسلوب الذي سيعتمده في مقاربة هذا الملف، مع إقرانه بعبارة "مخيمات اللجوء" كتعبير عن حق العودة والحفاظ على الكرامة الإنسانية، بما يمهد الطريق لإقرار حقوقهم المدنية والاجتماعية والإنسانية بعد حرمان طويل.

ورأت الأوساط أن العقبة الكؤود التي شكلت قضية خلاف فلسطيني لبناني وفلسطيني داخلي، والتي تتمثل بالسلاح خارج المخيمات، قد تمت معالجتها تلقائيًا مع سقوط نظام بشار الأسد وتسلم الجيش اللبناني المواقع العسكريّة على طول الحدود السوريّة–اللبنانية وفي منطقة الناعمة في منطقة الشوف دون أي اعتراض.

وتأمل القوى الفلسطينية أن يشكّل خطاب القسم فرصة لإطلاق حوار رسمي لبناني فلسطيني تأخر كثيرًا لأسباب لبنانية أحيانًا بسبب الخلاف الداخلي في كيفية التعامل مع اللجوء الفلسطيني، ولأسباب فلسطينية أحيانًا أخرى بسبب الانقسام في كيفية التعاطي مع الملفات الساخنة، ومنها السلاح داخل وخارج المخيمات.

وتجمع القوى الفلسطينية على ضرورة أن يقوم الحوار على قاعدة الحقوق والواجبات، وينتهي برؤية مشتركة لتعزيز وتمتين العلاقات اللبنانية الفلسطينية على قاعدة احترام السيادة اللبنانية، وتمكين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من الحصول على الحقوق المدنية والاجتماعية وحق العمل والتملك.

كما تستند الرؤية إلى دعم نضال الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه الوطنيّة المتمثّلة بالعودة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وفق ما قالت حركة "فتح" في بيان تهنئتها بالانتخاب. بينما رفضت حركة "حماس" مشاريع التوطين ودعت للعمل على توفير الحياة الكريمة للاجئين عبر إقرار حقوقهم الإنسانية والاجتماعية ريثما يتمكنوا من العودة إلى ديارهم في فلسطين.

وتمنت "حركة الجهاد الإسلامي" أن يُشكّل عهد العماد عون فرصة حقيقية لمعالجة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يضمن لهم حقوقهم الاجتماعية والإنسانية، دون المساس بحقهم الثابت في العودة إلى وطنهم فلسطين.

وأكدت "الجبهة الديمقراطية" حرص الشعب الفلسطيني بجميع فصائله على صياغة استراتيجية عمل مشتركة لبنانية فلسطينية، بما يخدم الأهداف المشتركة ويحفظ ويصون مصلحة وحقوق لبنان، ويصون الهوية الوطنية الفلسطينية، ويعزز صمود اللاجئين ونضالهم من أجل حق العودة.

وشددت "جبهة التحرير الفلسطينية" على تطوير العلاقات الأخوية الفلسطينية اللبنانية، وتنظيمها على قواعد متينة تعزز العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين، وتضمن العدالة والكرامة لأبناء الشعب الفلسطيني، وتحفظ للبنان أمنه واستقراره وسيادته، وبما يضمن مصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وأعربت "الجبهة الشعبية" عن تطلعها إلى أفضل العلاقات بين الشعبين على قاعدة أمن وسيادة ووحدة واستقرار لبنان، وحماية وحفظ الوجود الفلسطيني في لبنان، والشروع بإقرار القوانين والتشريعات التي تضمن الحياة الكريمة والإنسانية للشعب الفلسطيني في لبنان، لحين تحقيق أهدافه في العودة إلى أرضه.

وأمل "حزب الشعب الفلسطيني" النجاح في إنجاز الاستحقاق الدستوري اللبناني أن ينعكس على العلاقة الأخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، ويشكّل هذا فرصة لإنهاء معاناة اللاجئين في لبنان إلى حين عودتهم وإنهاء الحرمان الواقع عليهم، بسبب حجب الحقوق المدنية والإنسانية عنهم.

وأيدت كل من "القيادة العامة" و"منظمة الصاعقة"، و"التيار الإصلاحي الديمقراطي" (الذي يقوده في لبنان العميد محمود عيسى "اللينو")، فتح حوار رسمي يحفظ مصلحة وحقوق لبنان، ويصون الهوية الوطنية الفلسطينية، ويعزّز صمود اللاجئين ونضالهم من أجل حق العودة.