اشار بطريرك الروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي إلى فخامة الرئيس جوزاف عون مهنئاً ومباركاً وداعياً له بالنجاح والتوفيق في السير لإنقاذ لبنان ولانتظام هيئاته الدستورية ولإرساء البسمة على وجه كل لبناني في عيشه بكرامة وإعادة أمواله المسروقة ومعالجة سائر القضايا التي يعاني منها لبنان. ندعو لكم فخامة الرئيس بالصحة والقوة. كما نهنئ جميع اللبنانيين.

ولفت في كلمة له في قداس الاحد في كنيسة الصليب المقدس - دمشق، الى اننا سمعنا اليوم أيها الأحباء المقطع الإنجيلي من البشير متى الذي يَذكر ما قاله إشعيا النبي عن ولادة السيد المسيح أن "الشعب الجالس في الظلمة أبصر نوراً عظيماً والجالسين في بقعة الموت وظلاله أشرق عليهم نور". نعم، بولادة السيد المسيح أطل الله علينا بمحبته وأشرق لنا هذا النور الإلهي ليضيء قلوبنا وحياتنا. وهذا ما يؤكده القرآن الكريم ففي: سورة النساء آية 171 يقول: "إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه". وفي سورة البقرة آية 253 يقول: "وأتينا عيسى ابن مريم البيِّنات وأيدناه بروحِ القُدُسِ". هذا وقد ورد اسم المسيح عيسى ابن مريم خمسة وعشرين مرة في القرآن الكريم. فالحديث إذاً أحبتي عن النور. والله هو النور. والنور يدحر الظلمة والظلام وظلال الموت. أوليس الله سبحانه تعالى هو: "الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، الغفار، الرزاق، الرؤوف، الغني، المُغني، النور، الهادي" (من أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم) هو الرب النور الهادي والرشيد الذي يَهدي ويُغني كل إنسان يعلي اسمه ويغنيه بسلامه وحقه. وهنا يأتي الكلام عن "الثورة". فالثورة الحقيقية هي انبلاج النور. الثورة الحقيقية هي انبعاث الكرامة الإنسانية وسقوط الذل والإهانة. الثورة هي اشتياق للنور والسلام وكسرٌ للظلمة والظلم وانتهاك الكرامات الإنسانية. والثورة تكون على صعيدين شخصي وعام. الثورة تكون في الإنسان في ذاته إذ يثور على ميوله وسقطاته وضعفاته لينهض إنساناً جديداً لا عتيقاً، إنساناً مزيناً بحلاوة وجمال خالقه ومبدعه معززاً مرفوعاً من ذاك العلي "الرافعِ والمعزِّ"، غنياً بالسلام والحكمة من ذاك "المغني والرشيدِ الوهّاب".

ولفت الى ان الثورة تكون على الصعيد العام أي في المجتمع والوطن والدولة. فينهض الناس لبناء الدولة القائمة على النور ومبادئ الكرامة الإنسانية التي تقوم على أساس المواطنة والمساواة بين الجميع على صعيد الحقوق والواجبات أمام القانون، وعلى أساس قيم الحرية والديمقراطية وحفظ حقوق الإنسان. ويأتي البعض ويسائلوننا: أين أنتم من الثورة! وجوابنا: "نحن في جذورها وعمقها وقلبها. ونحن أبناء الثورة ومن صنّاعها". فنحن طلاب الانبعاث والنور والحرية. هكذا كنّا في كنيسة أنطاكية وبهذا ثابتون ومتجذرون. فهنيئاً لنا اليوم في سوريا إذ نصبو ونتطلع إلى سوريا جديدة تقوم على هذه الأسس وتُبنى على أساس دستور وطني وحضاري ولامع يشارك الجميع في إعداده. هنيئاً لسوريا، لأمة تجمع أبناءها الثائرين ضد الباطل والرذيلة والسائرين للالتصاق بالخير والفضيلة واحترام الكرامة الإنسانية. هنيئاً لسوريا الغد التي علينا أن نبنيها بتكاتف أيدينا جميعاً في تعدد ألوان أبنائها وانتماءاتهم، الدينية كانت أو السياسية أو القومية وغيرها. هنيئاً لسوريا تلك الأمّة التي تجمع جميعَ أبنائها الذين يطلبون مرضاة العلي.

واردف "يا أيها السوريون، مسلمين ومسيحيين، لا تخافوا. هلم نُشبك أيادينا بعضنا ببعض لبناء "سوريتنا" بلد الحرية والكرامة والأمان والعيش الكريم. أما أنتم، يا أبنائي في الكنيسة الأنطاكية الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية فلكم مني كل بركة ودعاء بالتوفيق والصحة والعافية. أنا فخور بكم وبأصالتكم وغيرتكم على الكنيسة والوطن. تلك الأصالة القائمة على قول الإنجيلي يوحنا: "إن سلكنا في النور فلنا شركةٌ بعضنا مع بعضٍ، ودم يسوع المسيح ابنه يطهِّرنا من كل خطيئة" (1يوحنا 1: 7). أحييكم جميعاً في الوطن وفي بلاد الانتشار وأطمئنكم جميعاً أن كنيستكم الشهيدة والشاهدة لحقِّ الرب عبر الأيام كانت وما زالت وستبقى، بقدرة رب العالمين، ثابتةً وشاهدةً له. "فافرحوا (كما يقول بولس الرسول) في الربِّ كل حينٍ، وأقول أيضاً افرحوا... وسلام الله الذي يفوق كل عقلٍ، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (فيليبي 4: 4، 7). له المجد إلى الأبد، آمين".