شكلت الاستشارات النيابية التي جرت في القصر الجمهوري في بعبدا مفاجأة أفضت الى تسمية القاضي نواف سلام ليترأس الحكومة بعد نيله 84 صوتاً مقابل حصول رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على 9 أصوات و34 لا تسمية. هذه النتيجة جاءت مغايرة لكل التقديرات التي كانت ترجّح كفة ميقاتي مع عدم حسم تكتل لبنان القوي واللقاء الديمقراطي قرارهما حتى بعد ظهر اليوم.

الحقيقة أنّ الجو الدولي الذي بدأ مع التغيير في المنطقة بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان وصولا الى سقوط النظام السوري ليأتي بعده إنتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيساً للجمهورية ترجم أيضاً بترشيح نواف سلام رئيساً للحكومة.

اللافت في الاستشارات كان الخطاب الذي ألقاه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد الذي أكد أن "لقاءنا كان من أجل أن نعرب لمن يريد أن يخدش اطلالة العهد التوافقية. البعض يكمن من اجل التفكيك والشرذمة تعنتاً وكيدية وتربصاً... نحن خطونا خطوة ايجابية عند انتخاب رئيس الجمهورية، وكنا نأمل بأن نلاقي اليد التي طالما تغنّت بأنها ممدودة، ونقول بكل بساطة انه من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقنا أن نقوم بمراقبة الخطوات ونترقب، وسنرى أفعالهم من أجل اخراج المحتل وجودهم من اجل استعادة الاسرى واعادة الاعمار وجهود التنفيذ الصحيح للقرار 1701".

هذا الكلام لرعد جاء بعد أخذ ورد حول طلب كتلة الوفاء للمقاومة ارجاء الموعد الى يوم غد، هذا ما عكس دليلاً واضحاً على عدم رضا الكتلة المذكورة على نتائج التسمية التي رجّحت كفّة سلام بعد ما سرى من كلام سبق الاستشارات عن رغبة الثنائي الشيعي بعودة ميقاتي الى الحكومة، والحديث ذهب أبعد من ذلك الى حدّ الوصول الى اتفاق على أن ترشيح رئيس حكومة تصريف الأعمال كان من ضمن الضمانات التي طلبها الثنائي عند انتخاب الرئيس وهذا ما لم تترجمه الاصوات في يوم الاستشارات.

كتلة اللقاء الديمقراطي التي ترأسها تيمور جنبلاط سمّت السفير نواف سلام بعد ما أبلغ رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط ميقاتي نيّته بالتسمية لصالح من. بدوره النائب جبران باسيل اكد تسمية تكتل "لبنان القوي" للسفير سلام، مشيرا الى أننا "نرى فيه وجها اصلاحيا وهو خيارنا الطبيعي، وقد تابعت مواقفه عن قرب عن قرب فيما خص لبنان والقضية الفلسطينية والـ1701 وقناعته الكبيرة بحماية لبنان، وايضا بما عرف عنه في التعاطي مع الملفات الاصلاحية كقانون الانتخاب. باسيل لفت الى اننا اخترنا سلام لاننا نرى فيه استكمالا للتعاون مع رئيس الجمهورية.

اللافت ايضاً هو تغيير الموقف في كتلتي الاعتدال الوطني والتوافق الوطني بعد اعلانهما سابقا لترشيح ميقاتي بينما قامتا اليوم بتسمية السفير سلام، هذا التغيير في القرار برّره النائب فيصل كرامي بأنه "تماشياً مع الأغلبية التي تريد السير بنواف سلام رئيساً للحكومة".

والختام كان مع كتلة التنمية والتحرير التي ترأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يحضر صباحا الى القصر الجمهوري وحصر حضوره بالموعد مع الكتلة. واشار أيوب حميّد الى ان "الكتلة لم تسمِّ اياً من الاسماء المطروحة انطلاقا من مبدأ أنه لا يجوز ان يكون هناك تناقض بين الميثاق والعيش المشترك".

وفي هذا الاطار علمت "النشرة" أنه "خلال اللقاء بين الرئيس جوزاف عون وكتلة الوفاء للمقاومة كان العتب كبيرا انطلاقا من أنه كان هناك اتفاق حصل ولم يتم احترامه". وهنا تشير مصادر مطلعة الى أنه "علينا انتظار الايام المقبلة لمعرفة ما سيحصل في التمثيل الشيعي في الحكومة فهل يعود الثنائي ليتمثل بالحكومة أم سيذهب الى المقاطعة، وبالتالي سيخلق مشكلة سُمِّيَت بالميثاقية".

في المحصّلة انتهت الاستشارات التي افضت الى تسمية السفير نواف سلام لتفتح غدا مرحلة جديدة عنوانها مرحلة تأليف الحكومة فهل يكون رئيس الحكومة الجديد أمام مشكلة ما اصطلح على تسميته بميثاقية التأليف أم ينجح في تجاوز هذا المطبّ؟!.