أكّد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل "أهمية اعادة تمكين القدرات وبناء الكفاءات والنهوض بإدارات ومؤسسات دولة قادرة على مواكبة عملية الإصلاح"، معتبرا أن "الالتزام بادارة مالية رصينة مبنية على تمكين القدرة التمويلية للخزينة، من خلال تعزيز الواردات و الإنفاق بحسب الأولويات يدعم الاستقرار وسبل العيش مهما كانت الظروف، هذا هو المنهج الذي اتّبعناه في وزراة المالية، ما ساهم في امكانية مواجهة التحديّات العديدة التي واكبت العمل الوزاري في ظلّ الازمات العصيبة التي مرّت بها البلاد خلال هذه الفترة، لاسيما جراء الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان. وتمنّى "استكمال هذا المسار وتطبيق الإصلاحات الجوهرية التي باشرت بها الوزارة، سواء على صعيد الإدارة الضريبية و تفعيل الجباية، أو على صعيد الموازنة العامة و عملية تحضيرها و صرف اعتماداتها، و تمكين ادارة السيولة ورصد التمويل".
وأكد بعد اجتماع مع القائم بأعمال صندوق النقد الدولي في لبنان Frederico Lima، تمحور النقاش فيه حول وضع المالية العامة، ان "الجهود التي بذلت خلال الأعوام الثلاثة الماضية منذ توليه حقيبة المالية، من توحيد لسعر صرف على صعيد الموازنات، وإزالة التشوهات الناتجة عن تعدّده، وتصحيح الأثر السلبي للتضخم، وتعزيز الإيرادات وتمكين إدارة السيولة، ساهمت ليس فقط بازالة التقلّبات الحادة على صعيد الاقتصاد الكلّي وبالاستقرار المالي والنقدي، فحسب بل بتكوين ارصدة ايجابية في حسابات الخزينة"، كاشفا عن أن "الملاءة المالية اليوم وبحجمها التي وصلت إليه، يشكل ضمانة لدعم الاستقرار في المرحلة الانتقالية القادمة".
و شدّد الخليل على "أهمية التقيّد بالمهل الدستورية في ما خصّ تحضير الموازنات العامة لما في ذلك من أبعاد على الانتظام المالي"، متمنيا "إقرار مشروع موازنة 2025 ضمن المهل الدستورية. لان اقرار مشروع موازنة 2025 ضمن المهل له جوانب أساسية في تمكين تسيير المرفق العام وعدم إحداث أي انعكاس سلبي على عملية تمويل القطاع وتسديد الرواتب والأجور تفاديا لأي تعطيل أو خلل في العمل الاداري والمؤسساتي، حتى وإن كان مشروع موازنة 2025 قد افتقر للاعتمادات الكافية لتغطّية تكلفة الحرب والدمار"، مشددا على "وجوب بلورة مشروع قانون لفتح اعتمادات اضافية في هذا الخصوص بعد ان تجهز التخمينات بصيغتها النهائية".
ولفت الى "الأوضاع التي كانت عليها المالية العامة، من الأثر السلبي للانهيار جرّاء الأزمات الحادّة التي شهدتها البلاد في الأعوام 2019-2021 والتي أدّت إلى الركود والتعطيل في كافة مفاصل الدولة". ورأى أن "إصلاح القطاع العام وتصحيح الرواتب والاجور اليوم يبقى حجر الأساس لبناء إدارات و مؤسسسات دولة فعّالة لمواكبة متطلّبات المرحلة القادمة"، لافتا الى أنّ "التقديمات والمساعدات الاجتماعية التي اعطيت تدريجيا وعلى عدّة مراحل خلال السنوات الثلاث الماضية، تماشياً مع الإمكانيات التمويلية المتاحة، أدّت الى تفادي المسّ بالاستقرار والأمن الاجتماعي، وتلافي تداعياته على أكثر من صعيد".
وإذ أسف الخليل لـ"عدم إنجاز استراتيجية إعادة هيكلة الدين العام خلال تولّيه حقيبة المالية لغياب الفرص المؤاتية لنقاش بنّاء مع حاملي السندات في اطار اصلاح مالي ومصرفي متوسّط الاجل"، آملا أن "يكون تمديد مهل مرور الزمن التي أقرّت في آخر جلسة لمجلس الوزراء، قد أفسحت المجال لإعادة هيكلة محفظة اليوروبوند بطريقة منتظمة، تنصف الدائنين، تفاديا لخيار اللجوء إلى دعاوى قضائية". كما أمل "من العهد الجديد استكمال النقاش الذي بدأ وتخطّي العوائق كافة ورسم استراتيجية استرجاع الودائع وإصلاح القطاع المصرفي، بعيدا عن التجاذبات السياسية والشعبوية، لان لا نهوض باقتصاد فعّال دون انصاف لحقوق المودعين وإعادة هيكلة قطاع مصرفي بنّاء، يعيد تفعيل عمليات التسليف و الإقراض".