شكلت الصدمة الشيعية المرافقة لتسمية القاضي نواف سلام رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الأولى بعهد رئيس الجمهورية جوزاف عون "سحابة" كبيرة غطّت كل الملفات الأخرى التي يمكن أن تعرقل عملية التشكيل، فما هو علنيّ اليوم هو موقف الثنائي الشيعي والمفاوضات التي يقوم بها مع رئيس الحكومة المكلف، لكن ذلك لا يعني أن سلام لن يُعاني لإيجاد المخارج لملفات أخرى قد تُعرقل التشكيل.
بعيداً عن خطابات الكتل النيابية بعد مشاورات المجلس النيابي، وترفّعهم عن المطالبة بحصص أمام الكاميرات، تكشف مصادر سياسية متابعة أن كل الكتل التي انتخبت جوزاف عون رئيسا للجمهورية وسمّت بعدها نواف سلام لرئاسة الحكومة تُريد المشاركة، لان الكل يعلم أهميتها، وبالتالي سنكون امام حكومة تمثل كل الكتل في المجلس النيابي، بحال شارك الثنائي الشيعي فيها، أو فضل مشاركة أحد جناحيه دون الآخر، مشيرة عبر "النشرة" إلى ان الكتل تقريباً تطالب بحقائب وازنة، لذلك ستكون خريطة التوزيع لدى نواف سلام متشعبة ليتمكن من تقسيم الحقائب على الجميع.
كذلك تكشف المصادر أن الحكومة المقبلة، التي ستكون الاولى بعد الحرب الإسرائيلية الكبرى على لبنان، وتبدل وجه المنطقة، يُفترض أن تُقارب المستجدات بنظرة مختلفة، فعلى سبيل المثال لا يمكن للبنان في العام 2025 ألاّ يكون فيه حكومة معنيّة بالتكنولوجيا، وقد لمسنا في هذه الحرب اهميّة هذا القطاع، إن لم يكن للهجوم فللدفاع عن لبنان وخصوصيات شعبه والداتا الخاصة باللبنانيين.
كذلك في مرحلة التفكير بإعادة الإعمار فلا مشكلة بأن يكون هناك وزارة لذلك، معنية بهذا الملف تحديداً، ناهيك عن الحديث الدائم عن ضرورة العودة إلى وزارة التخطيط التي كانت أساسية ومن أهم الوزارات في لبنان، حتى ولو كان البعض يعتبر أن لا حاجة للتخطيط في لبنان لأن هناك في الخارج من يخطّط نيابة عن اللبنانيين المعنيين بالتنفيذ فقط.
إلى جانب مسألة الحقائب وتوزيعها، يبدو لافتاً بحسب المصادر كثرة الراغبين بالتوزير، منهم نواب أيضاً، مشيرة إلى أن شهية المستوزرين مفتوحة اليوم، ومنهم من يتعمد تسريب اسمه من خلال لوائح تنتشر لتشكيلات حكومية، ومنهم من يعتقد أن تكتب لقب "مرشح وزير" قد يكون كافياً خلال هذه المرحلة لكي يكون اسمه بالتداول حتى ولو بسياق الإشاعات.
وهنا تدعو المصادر رئيس الحكومة المكلف لأن يكون حريصاً على دراسة كل إسم سيتم اقتراحه عليه من قبل القوى السياسية، لأنّ بعض الأسماء التي يتم اقتراحها لها تاريخ سيء داخل الدولة، ومنهم إسم مطروح لتولي وزارة كان له دور بارز في حماية من سرق سيارة تعود ملكيتها لإحدى الوزارت منذ 4 سنوات، وساهم بتغطية هذا السارق ومنع ملاحقته، علماً أنه كان مسؤولاً عن البرنامج الذي يعمل فيه هذا السارق.
يسعى نواف سلام لأن يكسر أرقاماً قياسية عديدة من خلال التأليف السريع للحكومة، وهو الذي يعتبر في كتابه أنه من الضروري ألاّ تكون المدة مفتوحة أمام رئيس الحكومة المكلّف لتأليف الحكومات، ونفس الأمر بالنسبة لرئيس الجمهورية المعني بالتوقيع على التشكيلة المعروضة أمامه، فهل ينجح سلام بتجاوز كل الألغام بسرعة؟ الأكيد أنه يرغب بذلك.