شكّل اتفاق وقف اطلاق النار في قطاع غزّة، نقطة تحوّل أساسية في الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، وهو يأتي عقب الاتفاق الّذي حصل في لبنان، وعلى بعد أيام من إنتهاء هدنة الستين يوماً. الواضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أراد أن يدخل البيت الأبيض وقد إنتهت كلّ الحروب، والأكيد أنه، قبل تسلمه رسمياً، رسم الخطوط العريضة للسياسات في الشرق الأوسط.

ولكن أمام مشهد وقف اطلاق النار في غزّة، تبقى أسئلة عديدة عالقة، أبرزها: ما هو مستقبل الفلسطينيين، وماذا عن مشروع "الترانسفير" الذي كان يسعى اليه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو؟.

"أهمّ نقطة أفشلها مشروع وقف اطلاق النار هي منع "الترانسفير"، إذ كانت الخطة أن يتم التهجير على مراحل". هذا ما يراه الكاتب والمحلل السياسي جمال واكيم، مشيراً عبر "النشرة" إلى أن "قصّة تفريغ الشمال هي لدفع الفلسطينيين بإتجاه الجنوب، ومن بعدها إلى سيناء، وهذا المشروع مطروح منذ العام 1967 وكان الدفع بهذا الاتجاه، ولو نجح بغزّة لكان الاسرائيلي فعل نفس الشيء بالضفّة الغربية". بدورها، تعرب استاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية ليلى نقولا عن اعتقادها بأنّ "مشروع الترانسفير لن يتم كما كان يطمح له نتانياهو، ولكنه مرتبط بإعادة الاعمار، وحتى الآن لا يوجد كلام عمّن سيفعل ذلك في غزّة وماذا سيتضمّن المشروع".

من وجهة نظر نقولا، "الخوف هو من دفع الفلسطينيين الى إستنزاف بشري، فغزّة مدمرة بنسبة 70% منها، وبظلّ التدمير إذا بقي هناك شروط وحصار غير معلن، فإن المشهد لن يعطي الكثير من الأفق للناس لتعيش، ما قد يدفعها إلى الهجرة، وبالتالي اضافة إلى موضوع اعادة الاعمار، هناك أيضاً أسئلة حول من سيحكم غزّة في المستقبل، وهل ستقبل حركة "فتح" بمشاركة "حماس" عبر لجنة الإسناد المجتمعي"؟ وتضيف: "حتى الساعة هي رافضة، وهنا يستمر الانقسام الفلسطيني حتماً، إضافة إلى الدول الداعمة للمشروع أيضاً". بينما يعود واكيم ليلفت إلى أن "منع "الترانسفير" إنعكس أزمة داخل الكيان الاسرائيلي، وكان هناك مسعى لتغييب حركة "حماس" بعد انهيار النظام بسوريا، وبعد قطع التواصل بين ايران والمقاومة في لبنان، كثر الحديث عن تغييبها، ويعتبر أن "مشهد البارحة، حين اجتاحت الحركة الطرقات كانت رسالة أنه لن يتم تغييبها".

"هناك مرحلة من العنف سبقت تولّي ترامب الرئاسة في أميركا". هذا ما يشدد عليه واكيم، مشيراَ إلى أنه "الآن ستكون الهدنة طويلة في جنوب لبنان وفلسطين، مع تصاعد للمقاومة بالضفّة الغربية، وبنفس الوقت سنرى صراعا بسوريا، ولن يستقر الوضع لقائد الادارة السياسية الجديدة أحمد الشرع المعروف بأبو محمد الجولاني". أما نقولا فترى أنه "ليس واضحاً مستقبل فلسطين أو المشروع الفلسطيني اليوم، وإذا كان ترامب يريد التطبيع بين اسرائيل والسعودية، فهو مضطرّ أن يعطي شيئا بالمقابل للشعب الفلسطيني". هنا يطالب واكيم الفلسطينيين أن يناضلوا لجيل آخر حتى يحققوا جزءًا من حقوقهم، فوضعهم يشبه وضع الجزائر بين 1830 و1962، والأكيد أن حلّ الدولتين أصبح مستحيلاً بسبب الاستيطان والتهجير".

إذا، حتى الساعة لا يزال مستقبل الفلسطينيين مجهولاً، وأيضاً صورة المشروع الأميركي للقضية الفلسطينية ليست واضحة، فهل سيكون هناك "ترانسفير" مقنّع" عبر فتح باب الهجرة، أم سينجح الفلسطينيون بتدمير المشروع الاسرائيلي المعدّ لهم؟!.