مع سيطرة الإيجابية على مسار تأليف الحكومة، واحتمال أن تبصر النّور في غضون أيّام قليلة، كشفت معلومات موثوقة لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "حركة الاتصالات والمشاورات التي أجراها رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام على خطّ التأليف، تؤشّر إلى أنّ مهمّته ميسّرة، حيث لا توجد في طريق الحكومة أيّ معوقات، أو حتّى تحفّظات، خصوصاً من جانب ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله".

وأكّدت مصادر قريبة من الثنائي لـ"الجمهورية"، أنّ "كلّ الإلتباسات التي رافقت استشارات الرئيس المكلّف، طويت واعتُبِرت غيمة صيفية عبَرت، وتبدّى ذلك جلياً في النقاشات التي جرت في ما بينهم ، واكّدت وجود رغبة مشتركة للإنفتاح والتفاهم والشراكة في ورشة العمل الحكومي"، مشيرةً إلى أنّه "يبقى امام الرئيس المكلّف جهد في أماكن اخرى، في ظلّ ما تردّد عن شهية مفتوحة للاستيزار، يجري التعبير عنها في مجالس بعض الجهات المصنّفة سيادية وتغييرية".

مرحلة اللمسات الأخيرة

وشدّدت مصادر مطلعة على أجواء التأليف لـ"الجمهورية"، على أنّ "التأليف دخل مرحلة وضع اللمسات الأخيرة، وانّ حجم الحكومة قد بات محسوماً لتشكيلة من 24 وزيراً من خارج مجلس النواب، يغلب عليهم الاختصاص، ولاسيما في المجالات المالية والاقتصادية، وتسمّيهم القوى السياسية".

وأوضحت أنّ "تشكيلة الـ24 ستتوزع كما يلي:

12 حقيبة وزارية للمسلمين: 5 حقائب وزارية من حصة الثنائي من بينها وزارة المال، 5 حقائب وزارية للسنّة موزّعة بين الرئيس المكلّف وسائر مكوّنات التمثيل السنّي في مجلس النوّاب ومن بينها وزارة سيادية يُرجّح انّها الداخلية، وحقيبتان للدروز أحداهما خدماتية.

12 حقيبة للمسيحيين: ستتوزع على رئيس الجمهورية، وعلى سائر أفرقاء التمثيل المسيحي، وفق نسبة تمثيل كل منهم في مجلس النواب".

ورجّحت المصادر أن "تكون لحزب "القوات اللبنانية" حصّة وازنة في الحكومة، من ضمنها حقيبة سيادية، أو نيابة رئاسة الحكومة، فيما يرجّح حصول "التيار الوطني الحرّ" على حقيبتين، الأرمن على حقيبة واحدة، حزب "الكتائب" على حقيبة واحدة؛ و"التغييريين" على حقيبة".

حسم الحصص والأسماء

وذكرت "الجمهورية"، بحسب ما رشح من أجواء اتصالات التأليف، أنّ "التصوّر الحكومي الذي وضعه الرئيس المكلّف يقترب من أن يصبح جاهزاً للبتّ به بصورته النهائية بينه وبين رئيس الجمهورية، وما يجري في الوقت الراهن هو عملية حسم الحصص والأسماء، وهو أمر يفترض أن يُبت به قبل نهاية الأسبوع الحالي، ويلي هذا الحسم اعلان الحكومة رسمياً، على أن تصبح مكتملة بكامل صلاحياتها وحائزة على ثقة المجلس النيابي في جلسة مناقشة عامة للبيان الوزاري والتصويت على الثقة؛ قبل نهاية شهر كانون الثاني الحالي".

لا خلاف على البيان

في السياق، أكدت مصادر مسؤولة لـ"الجمهورية"، أنّ "فريق التأليف يقارب المسار بحكم المنتهي إلى خواتيم إيجابية في وقت قريب جداً، ولاسيما انّ البحث ليس محصوراً بحصص الأفرقاء اوبالأسماء وكيفية إسقاطها على الحقائب الوزارية، بل إنّ البحث انتقل بصورة جدّية إلى رسم معالم البيان الوزاري الذي ستنال الحكومة الثقة على أساسه".

ولفتت إلى أنّ "جهات سياسية اقترحت مسبقاً أن يُصار إلى العدول عن إعداد بيان وزاري موسّع، ترسم فيه الحكومة خريطة طريق عملها وسلّم اولوياتها، والاكتفاء ببيان وزاري مختصر، تعلن الحكومة من خلاله تبنّي مندرجات خطاب القَسَم الذي أطلقه رئيس الجمهورية جوزاف عون بعد انتخابه".

وبينّت المصادر أنّ "التوجّه لدى هذا الفريق هو تجنّب أن يشكّل البيان الوزاري نقطة إشكال او خلاف، بل أن يكون محل قبول من كل الأفرقاء، ومنسجماً مع ضرورات ومتطلبات وتطورات الوضع اللبناني بكل مفاصله، وما تقتضيه موجبات ترسيخ الأمن والاستقرار في لبنان".

وإذ استبعدت "النص المباشر والصريح لثلاثية الجيش والشعب والمقاومة"، أشارت إلى انّ "مقاربة موضوع الاحتلال الاسرائيلي للأراضي اللبنانية لن تكون محل خلاف، حيث انّ النص الذي قد يُعتمد في البيان الوزاري، سيركّز على وجوب إزالة الاحتلال وعلى التزام لبنان الكلي بمندرجات القرار 1701، وعلى حق لبنان (أو حق اللبنانيين) في استرجاع الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها".

سلام أمام قطب مخفية وتحدّي طلب الرئيس حقّ الفيتو: حكومة إرضاء الجميع توزّع حقائبها على الجميع!

من جهتها، تساءلت صحيفة "الأخبار"، "هل تولَد الحكومة الجديدة بحلول نهاية الأسبوع الحالي، وتتفادى القوى المحلية تمديد البتّ فيها أسبوعاً، بعدَ آخر تُقتطَع من عمرها القصير حتى الانتخابات النيابية المقبلة؟".

وأفادت بأنّه "سؤال طبعَ المشهد السياسي، بعدما تبيّن وجود عناصر ثابتة تطبع عملية التأليف التي يُديرها الرئيس المكلّف نواف سلام وقد تؤخّرها، بمعزل عن "سوء التفاهم" الذي حصل مع الثنائي "حزب الله" وحركة "أمل"، إذ ستكون هناك مشكلة أخرى في حال أصرّ رئيس الجمهورية جوزاف عون على حقه في وضع "فيتو" على أي اسم لا يراه مناسباً في الحكومة، وهو أمر يتحسّب له الرئيس المكلّف الذي لا يريد مشكلة مع عون، لكنه يريد إظهار التزامه بنصوص اتفاق الطائف ودور رئيس الحكومة في وضع التشكيلة الحكومية؛ بعد التشاور مع القوى السياسية ورئيس الجمهورية".

وبموضوع الاجتماعات بين سلام والثّنائي، أوضحت مصادر مطّلعة لـ"الأخبار"، أنّ "اللقاءين اللذين عُقدا السبت والأحد الماضيَين، وضمّا سلام ورئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد والمعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل والنائب علي حسن خليل، أدّيا إلى حل غالبية المسائل المتعلقة بحصة الطائفة الشيعية في الحكومة، ولم يبقَ سوى تفاصيل صغيرة لن تؤدي إلى أي عرقلة".

وعلمت "الأخبار" أن "حزب الله وحركة أمل سلّما أسماء الوزراء لسلام، على أن يحصل تشاور للاتفاق عليها، وصارَ محسوماً أن وزارة المالية ستكون من حصة الثنائي، وجرى الاتفاق مع سلام على تسمية النائب السابق ياسين جابر وزيراً لها".

كما لفتت مصادر مطّلعة للصحيفة، إلى أن «"قيبتَي العمل والصحة ستكونان من حصة الحزب، بينما ستحصل حركة أمل على البيئة والصناعة إلى جانب المالية، وسطَ معلومات أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي سيسلّم الأسماء في القصر الجمهوري".

وذكرت "الأخبار" أنّ "حلّ غالبية المسائل المتعلقة بحصة الثنائي، لا يلغي أن الحكومة تواجه عقبات أخرى أبرزها:

- أولاً، الخلاف بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" التي تفاوض سلام وفق أولوية كسر رئيس "التيار" النائب جبران باسيل، إذ طالبت بحقيبة الطاقة ثم وزارة الخارجية، بينما طالب باسيل الذي التقى سلام في اليومين الماضيين بالاحتفاظ بالطاقة، إلا أن الأخير رفض ذلك، من دون أن ينفي نيّته إعطاءها لـ"القوات"..

- ثانياً، لا تزال حصة القوى السنية غير محسومة. فحتى يوم أمس، لم يكُن سلام قد تواصل مع كتلة "الاعتدال" أو مع كتلة "التوافق الوطني"، علماً أنه تواصل مع النواب السنّة المستقلين.

- ثالثاً، صارَ محسوماً أن وزارة الأشغال العامة والنقل ستكون من حصة كتلة "اللقاء الديمقراطي"، على أن تتم تسمية الوزير الدرزي الثاني بالتشاور مع النائب السابق وليد جنبلاط.

- رابعاً، يطالب رئيس الجمهورية بأن تكون وزارة الدفاع من حصته، على أن يسمي ضابطاً متقاعداً لتفادي المشاكل التي حصلت في السنوات الأخيرة في هذه الوزارة، كما يطالب بوزارة العدل.

- خامساً، لم تُحسم بعدَ آلية اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء، وهو أمر يثير هاجساً ولا سيما لدى حزب الله وأمل، خصوصاً أن الحكومة لا تعطي أي فريق الثلث المعطّل، والتوازنات الجديدة تفرض الاتفاق على آلية، كي لا تؤخذ القرارات بمعزل عن أي طرف، ولا سيما في الملفات الكبيرة مثل التعيينات.

- سادساً، بالنسبة إلى البيان الوزاري والنص المتعلق بالمقاومة، ورغم عدم وجود تعقيدات كبيرة بشأنه، إلا أن البحث والتشاور حوله لا يزالان مستمريْن، ومن المرجّح العودة إلى الصيغة المنصوص عليها في اتفاق الطائف".

تشكيل الحكومة الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان... فأحسنوا الاختيار

على صعيد متّصل، نصح مصدر دبلوماسي وثيق الصلة بسفراء "اللجنة الخماسية"، عبر صحيفة "الشرق الأوسط"، القوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة بـ"تسهيل مهمة الرئيس المكلف نواف سلام"، مؤكداً أن "هناك ضرورة لتوفير الأجواء لولادتها اليوم قبل غد، كونها تشكل فرصة أخيرة لن تتكرر، لإخراج لبنان من التأزم".

ودعا إلى "الإفادة من الاندفاع الدولي والعربي الذي قوبل به انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتكليف سلام رئاسة الحكومة"، محذراً من "إضاعة اللحظة لإدراج لبنان مجدداً على لائحة الاهتمام الدولي"، وناصحاً الكتل النيابية "بالتعاون وحسن اختيار الوزراء".

وركّز المصدر الدبلوماسي على أنه "يتوجب على القوى السياسية الإقرار بلا تردد، بأن التحولات التي شهدتها المنطقة أدخلت لبنان في مرحلة سياسية جديدة، غير التي كانت قائمة وأدت إلى انهياره"، سائلًا: "على ماذا تراهن؟ ألم يحن الأوان لتعيد النظر في مواقفها وتراجع حساباتها لاستخلاص العبر، بأن لبنان لن يُدار كما في السابق، وأنه بات مطلوباً منها بأن تقدّم، بملء إرادتها، التسهيلات الضرورية التي من دونها لا يمكن العبور إلى مرحلة التعافي؟".

ورأى أن "اندفاع الدول العربية وأصدقاء لبنان الدوليين لمساعدته لا يكفي، ما لم تبادر القوى السياسية للانتفاضة على نفسها وتحسّن سلوكها السياسي، لتكون مؤهلة لتوظيف هذه الاندفاعة في المكان الصحيح"، معتبرًا أنه "لم يعد من خيار أمامها سوى الاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة، مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها الاتفاق لتثبيت وقف النار وانسحاب إسرائيل من البلدات الجنوبية التي تحتلها، تمهيداً لتطبيق القرار 1701 الذي بقي عالقاً منذ أن صدر عن مجلس الأمن الدولي في آب 2006".