رأى النائب نبيل بدر أن المشهدية اللبنانية ما بعد حرب الإسناد والمشاغلة، تحكمها ثلاثة مسارات منفصلة من حيث الضوابط والتحديات والغاية. وحدد بدر في حديث إلى "الأنباء" الكويتية، المسارات كالآتي:

1 - تطبيق القرار 1701 وتوقيع حكومة تصريف الأعمال بموافقة «حزب الله» على ملحقاته المدرجة في اتفاقية وقف إطلاق النار، وذلك نتيجة التغيير في موازين القوى التي كانت تتحكم بصواعق الصراع بين «حزب الله» والكيان الإسرائيلي وتضبط قواعد الاشتباك بينهما، وأبرزها اغتيال الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصرالله، وعدم قدرة الحزب عسكريا وماليا ولوجستيا على الاستمرار بالحرب، ونتيجة الضغوط الخارجية بالتوازي مع وساطات أميركية وعربية.

2 - انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية نتيجة الدعم الدولي والعربي لشخصه، ونتيجة مروحة واسعة من التوافق الداخلي عليه كمرشح توافقي.

3 - تسمية القاضي نواف سلام لتشكيل حكومة العهد الأولى، أولا نتيجة التقاطع في الرؤية المستقبلية للبنان بين المعارضة وعدد من الأحزاب والتكتلات النيابية.

وثانيا نتيجة رفض العارضة عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى ترؤس الحكومة بسبب أدائه وسلوكه السياسي على رأس السلطة التنفيذية، وبسبب ما كان يضمره من نيات مبيتة تقضي بإبعاد هذا الفريق وتلك الكتلة النيابية عن تشكيلته الحكومية حال تسميته وتكليفه.

وأضاف بدر: أما وقد اكتملت أطر المسارات الثلاثة المذكورة، ودخل لبنان في مرحلة جديدة عنوانها بناء دولة حقيقية، فيبقى المطلوب وبإلحاح تشكيلة حكومية غير تقليدية تنال ثقة مجلس النواب، خصوصا ان الرئيس المكلف أتى إلى رئاسة الحكومة من خارج النوادي السياسية والحزبية، ولا يرتكز بالتالي على كتلة نيابية خاصة به تحتم نيل حكومته الثقة. وبعد نجاح المعارضة والقوى السياسية المستقلة في إيصال العماد جوزف عون إلى سدة الرئاسة، ومن ثم في إبعاد الرئيس ميقاتي عن ترؤس الحكومة، لا بد من تهدئة اللعبة عبر تساهل الرئيس المكلف نواف سلام مع الثنائي الشيعي في عملية توزيع الحقائب منعا لأي صدام سياسي محتمل، شرط ان تسند الحقائب الوزارية وفقا للتوازنات الطائفية لا الحزبية والسياسية، إلى شخصيات مشهود لها بالعلم والكفاءة والنزاهة، ومن خارج الاصطفافات السياسية والالتزامات الحزبية والتكتلات النيابية. وهذا يعني حكومة يتناغم بيانها الوزاري مع خطاب القسم الذي صاغ الرئيس جوزف عون مضمونه من روحية وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف).

واوضح بدر بان الإصلاحات المطلوبة من الحكومة العتيدة تتطلب رؤية قابلة للتطبيق وخطة اقتصادية علمية كاملة متكاملة، على أن تتضمن الإصلاحات إضافة إلى الشق السياسي، المجال الإداري كالحوكمة في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة، وإعادة النظر في حجم الوظيفة العامة، والإصلاح النقدي بما فيه إعادة هيكلة القطاع المصرفي كونه الركيزة الأساس في بناء الدولة. وهنا لا بد ان تلاقي الدول العربية الشقيقة، لبنان وسط الطريق بناء على وعودها بدعم قيام لبنان من أزماته ومحنه. والحق يقال إنه لا قيامة للبنان بمعزل عن دعم أشقائه الخليجيين، وفي طليعتهم الكويت الشقيقة التي كانت ولاتزال تدعم لبنان بعيدا من الأضواء عبر صندوق التنمية الكويتي، وهي لم تتخل يوما عن وقوفها إلى جانبه.