دخل رئيس الحكومة المكلف نواف سلام ومعه أدخل العهد الجديد في "نفق مظلم" يصعب عليه الخروج منه، فعلى عكس كلّ الكلام عن ولادة الحكومة في غضون أيام لا تتعدّى يوم الجمعة المقبل، جاء كلامه من القصر الجمهوري بعد لقاء مع رئيس الجمهورية جوزاف عون دام لساعة ونصف الساعة ليقطع الشكّ باليقين بأن هناك عثرات أمام ولادة سريعة للحكومة، إذ قال "أعمل ليل نهار وهذه الحكومة لن تستغرق أشهراً كما كان يحصل في الحكومات السابقة".

حين وصل نواف سلام الى رئاسة الحكومة ظنّ أن "التغيير المفاجئ" في المنطقة الذي أوصل عون الى سدّة الرئاسة وهو الى رئاسة الحكومة يمكن أن يكون مقدّمة لتغيير في الحكومة ويعطيه القدرة على نسف الأعراف والتوزيع الطائفي للحقائب أو حتى كيفية التشكيل، الى حدّ ظهر وكأنه ليس ضليعاً بالمشاكل الداخلية. على حدّ قول المصادر.

"أوّل مطبّ غرق به سلام كان وزارة المالية إذ ذهب الى إتفاق مع الثنائي الشيعي على هذه الحقيبة وهذه كانت الشرارة التي أغرقته بوحل السياسة الداخلي". وهنا تلفت المصادر الى أن "بقية القوى تريد مساواتها "بالشيعة"، وبالتالي لا يُمكن لسلام أن يقوم بالاتفاق معهم على حقائب معيّنة ويأتي الى بقيّة القوى السياسية ويتعامل معها على قاعدة "التغيير"، وتشير المصادر الى أن "تقاطعاً حصل بطريقة ما بين "القوات" و"التيار الوطني الحرّ" أفضى الى رفض بقاء حقيبة الماليّة مع الثنائي وهذا قد يؤدي الى مقاطعة الحكومة وبالتالي وضع رئيس الحكومة في مأزق".

وتضيف المصادر، أنه التزم مع "الشيعة" بإبقاء الماليّة معهم، وإذا بقي على التزامه فسيواجه مشكلة أكبر في حال حصلت مقاطعة "مسيحيّة" للحكومة وإذا عاد وإنقلب على الاتفاق فمشكلة أكبر بالنسبة له...

وإذا إفترضنا أنّ نواف سلام إستطاع بطريقة ما أن يجتاز عقدة "الثنائي"، فلديه مشاكل في الأسماء وتوزيع الحقائب والتوازنات وغيرها. وهنا تلفت المصادر الى أنه "لحقيبة الاعلام سمّى سلام الصحافي البير كوستانيان (أرمني) لتولّي هذا المنصب، وهنا وُوجه بالرفض من الطاشناق لأنه وبالنسبة لهم كوستانيان مقرّب من حزب "الكتائب" الذي لا يريده من حصّته تحت فرضيّة أنه بهذا الشكل قد يحصل على مقعدين".

"إحدى المشاكل أيضاً هي التوزيع الطائفي للحقائب". وتلفت المصادر الى أن "وجود عرفٍ في التوزيع الطائفي للحقائب السيّادية الأربعة أي حقيبة المالية (للشيعة)، حقيبة الدفاع (للموارنة)، حقيبة الداخلية (للسنة) وحقيبة الخارجية (للروم الارثوذوكس)"، وتشير المصادر الى أن "سلام سمّى الوزير السابق غسان سلامة (روم كاثوليك) لتولّي الخارجيّة وهذا الامر مخالف للأعراف القائمة التي تقول إن من يتولى حقيبة الخارجية يجب أن يكون من الارثوذوكس"، وتشير المصادر الى أنه "عندما سُئل رئيس الحكومة المكلّف عن الموضوع أجاب "طالعلن نيابة رئاسة الحكومة".

وبالتالي وإذا بقي مشهد التأليف على ما هو عليه فإن هناك رأياً، بحسب المصادر يقول إن "سلام يُمكن أن يعتذر في حين أن رأيًا آخرَ يرجّح أنه لن يفعلها ويريد أن يدخل إسمه في نادي رؤساء الحكومات في لبنان"، لتعود وتلفت المصادر الى أن "الحكومة وبالطريقة التي يريد تشكيلها على اعتبار أن هناك "جوّا مغايرا" في البلد، وعلى هذه القاعدة يمكن فعل كلّ شيء، هو عملياً "يأكل من رصيد" رئيس الجمهورية جوزاف عون في بداية عهده الذي بدأ بزخم ليتبيّن فيما بعد وحتى الساعة أن رئيس الحكومة المكلّف لا يدرك فعلاً المشاكل الداخليّة".

في النهاية يبدو أن المشاكل التي تواجه سلام في التأليف "معقّدة" أكثر مما نتصوّر، ويبدو أيضاً ونظراً للعقد التي تظهر أنّ عملية التأليف ستطول ولا أفق لمدّة زمنية محدّدة لولادة الحكومة العتيدة...