اجتمعت كنائس زحلة في كاتدرائية سيدة النجاة، تجاوبًا مع دعوة مجلس أساقفة زحلة والبقاع، للصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، تحت عنوان "أتؤمنين بهذا؟"، في الأسبوع المخصَّص للصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، الّذي دعت إليه اللّجنة الأسقفيّة للعلاقات المسكونيّة في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان ومجلس كنائس الشرق الأوسط.

شارك في الصّلاة رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، راعي أبرشيّة زحلة المارونيّة المطران جوزف معوض، راعي أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصّوري، راعي أبرشيّة زحلة والبقاع للسّريان الأرثوذكس المطران بولس سفر، رئيس اللّجنة الأسقفيّة للعلاقات المسكونيّة المطران يوسف سويف، قائد منطقة البقاع في قوى الأمن الدّاخلي العميد نديم عبد المسيح، العميد إدوار القسيس، عدد من ممثلي الطوائف، رؤساء الأديار الرّاهبات والرّهبان وحشد كبير من المؤمنين.

وأشار المطران سويف في كلمة له، إلى أنّ "زحلة بادرت منذ عقود بأن تصلي معًا، وأصبحت رمز العمل بالرّوح القدس لوحدة المسيحيّين، من خلال لقاء الكنائس مع بعضها البعض سنويًّا للصّلاة مع بعض، والتّعبير أمام كلّ أوجاع الإنقسام الموجودة في هذا العالم، الموجودة في جسم المسيح، أنّه أوّلًا وأخيرًا نحن نؤمن بمسيحٍ واحد، بالله الآب الواحد وبالرّوح القدس الواحد؛ وبمعموديّة واحدة وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة ورسوليّة".

ولفت إلى أنّ "عنوان الصّلاة عالميًّا هذه السنة هو السّؤال الّذي وجّهه الرّبّ يسوع إلى مرتا وبقربها مريم، اللتين كانتا تعيشان اختبارًا مؤلمًا في حياتهما لفقدانهما شقيقهما لعازر. يسوع كان يقول لمرتا "أتؤمنين بهذا"؟ هذا هو عنوان الأسبوع عالميًّا وهذا هو العنوان، وهذا هو السّؤال الّذي يوجّهه الرّبّ يسوع لكل شخص منّا، ليس فقط في هذا الأسبوع ولكن كلّ يوم من أيّام حياتنا "أنؤمن بهذا؟".

وسأل سويف: "ما هو هذا الهذا؟ إنّه يسوع الطّريق والحقّ والحياة، هو الّذي بموته وقيامته يعطي الحياة الجديدة للعالم. لذلك العزاء الّذي دخل إلى قلب مرتا ومريم، والعزاء الّذي يدخل إلى قلب الكنيسة، اي نحن، هو أنّ يسوع انتصر على الموت بقيامته من بين الأموات وأعطانا الحياة الجديدة، ودعا لنعيش إيماننا العميق فيه. هو الألف والياء، هو المسيح الإله الحيّ الّذي انتصر على كلّ عتمة وكلّ ظلم، وهو الّذي يداوي جراح الإنقسام الّذي هو انعكاس للضّعف البشري".

وركّز على أنّ "التّحدّي الموجود في العالم اليوم هو تحدٍّ كبير جدًّا اسمه اللامبالاة. لا مبالاة بالإيمان، بالرب، بالله بحياتنا المسيحيّة. الإنسان الموجود أمامي مجروح ومثقل بالوجع والألم من جراء الحروب واللا إنسانيّة، لا يعني لنا شيئًا"، مبيّنًا أنّ "لذلك اليوم الخطيئة الكبرى الّتي يقول عنها البابا فرنسيس خطيئة العصر، هي اللامبالاة".

كما شدّد على أنّ "التّحدّيات الموجودة في بلدنا وفي الشّرق الأوسط، وكلّ صلواتنا كانت متوجّهة لكي يتجدّد وينعم بالغفران والمصالحة والسّلام، هي تحدّيات الحروب والصّراعات والتّهجير والتّحوّلات الكبرى الّتي تحصل في المنطقة. لذلك أمام هذه التّحدّيات، علينا أن نجدّد ثقتنا بالرّبّ، هو الثّابت هو القدوس هو النتصر على كلّ شرّ وكلّ حرب".

أمّا المطران ابراهيم، فاعتبر أنّ "المحبّة هي طريق الوحة، دون محبّة لا يمكن للوحدة أن تتحقّق، ويسوع صلّى لأنّه كان يعرف أنّ المحبّة تنقصنا، يريدنا أن نكون واحدًا كما هو والآب واحد، لأنّ الرّوح القدوس يجمع الآب بالإبن هو محبّة أزليّة لا بداية ولا نهاية لها".

وأشار إلى "أنّنا مدعوون لعيش هذه المحبّة، وخصوصًا نحن كمسيحيّين في هذا الشّرق مدعوّون لكي نتخطّى الجهد العادي والدّعوة العاديّة للصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، إلى عيش هذه الوحدة واستباقها، أي علينا ان نعيشها حتّى لو لم تحضر بعد، ونعيشها قبل وقتها".

وأكّد ابراهيم أنّ "المسيحيّين في الشّرق متعَبون، وكثيرون منهم يقولونها لنا مباشرةً انه شبعنا صلاة، شبعنا كلامًا، نريد أفعالًا ونريد أن تتحقّق الوحدة"، لافتًا إلى أنّ "لديهم حقّ في هذه المشاعر وهذه الرّغبة العميقة، والله كان يقدر أن يحقّق هذه الوحدة بأعجوبة وبقوّة من العلاء، لكنّه أراد أن نحقّقها نحن من خلال طريق المحبّة".

وأضاف: "أدعوكم اليوم ألّا تنتظروا الوحدة وتمامها، عيشوها قبل الأوان، استبقوها، عيشوها من اليوم من خلال الإنفتاح على الآخر والمحبّة، ولا تتعبوا من الصّلاة، صلّوا ولا تملّوا، هذه هي وصيّة الرّبّ يسوع، ولولا معرفته بأنّ الصّلاة هي ضرورة من أجل إتمام الوحدة؛ ما كان دعانا لنصلّي الصّلاة من أجل الوحدة".