عاد الزعيم الأشقر الى البيت الأبيض، بعد عهد رئاسي فائت سُلب منه حسب تعبيره، بسلسلة من القرارات الجديدة من نوعها، وقّع عليها ليلة تسلُّمه الحكم للسنوات الأربع المقبلة. وبين حرائق كاليفورنيا والغلاء المشتعل في كل أنحاء الولايات الأميركية، يجد نفسه امام مرحلة تتطلب منه ان يطلب المال... ولو من السعودية، التي وجدت في وصول حليفها الى البيت الأبيض سنداً لمواجهة المنافس التركي الجديد على ساحة الشرق الأوسط. الرئيس ترامب عاد لينتقم من كثيرين، في طليعتهم السياسيّون والقضاة الأميركيّون بمزاعم الاساءة اليه، وحاكوا لهم التُّهم، وسمّى علناً مجموعة من الأشخاص، وحدّد ما يعتقد انه يجب ان يحدث لهم. كذلك يضمر ترامب الانتقام من محاميه السابق مايكل كوهين، الذي شهد ضده في المحاكم الجنائية المتعلقة بأموال الصمت، والذي ساهم في إدانته في 34 تهمة جنائية.
في موضوع الهجرة غير الشرعية، شهَرَ ترامب سيف الترحيل الحادّ، فأعلن حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية، وقام بترحيل 500 لاجئ من غواتيمالا في يوم واحد، في صورة عنصريّة بشعة لم تشهدها أميركا من قبل. كما سمح لدائرة الهجرة والجمارك بدخول الكنائس والمدارس والمستشفيات لتنفيذ عمليات الترحيل.
في عالم التجارة والمال، عزم الرئيس على "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى" -حسب شعاره- وراح يحاسب القاصي والداني على كل فلس اكتسبوه على حساب قوانين الحكومة الأميركية. بدت كندا الدولة الضحية الأولى في سياسة ترامب التجارية الجديدة. هددها بفرض رسوم جمركية عقابية لأنها تستغل الولايات المتحدة؛ وقد ذهب طموحه الاستيطاني الى ضمّها لتصبح ولاية أميركية. كذلك أكد أنه "واثق" من ان الولايات المتحدة ستسيطر على جزيرة غرينلاند، بعد إظهار اهتمام متجدد بضم الإقليم الدانماركي المستقل خلال أسابيع. واستفاق الرئيس ترامب في موضوع قناة باناما، محاولا انتزاع سلطتها المالية من الصين واستعادتها الى اميركا التي بَنَتها وروتها بدماء الآلاف من جنودها. استنفرت حكومة باناما قواها الدبلوماسية، واشتكت وبكت في المنظمة الدولية، مستعينة بمادةٍ من ميثاق الأمم المتحدة تحظر على أي عضو "التهديد باستخدام القوة" ضد سلامة أراضي دولة أخرى. وصار على طاولة مجلس الأمن ملف جديد، وڤيتوات حاضرة، واصطفافات دولية، من أجل وقف طموحات الفاتح "جينكيز خان الأشقر" الاستيطانية تحت مُسَمّى "أميركا العظيمة".
وفي كواليس البيت الأبيض، مشاريع في الغرف السوداء تُعَدُّ لتأسيس منظمة جديدة، على غرار المنظمات الماسونيّة العملاقة، مثل " إللوميناتي" و"عائلة روتشيلد" و"منظمة العظام والجمجمة"، هدفها تنفيذ خرائط العالم الجديد. وعلمت "النشرة" ان مؤسسي هذه المنظمة هم أثرياء العالم: مالك الفضاء إيلون ماسك، الملياردير مارك زوكيربرغ الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، الملياردير الهندي ساندرو بيتشاي صاحب شركة غوغل، والثري الهندي الآخر موكيش أمباني، ومجموعة أخرى من الأثرياء العالميين؛ وهم تجار العالم الجديد، على الأرض وفي الفضاء، الذين سيحكمون العالم من خلال نظام جديد يضعون قوانينه وأسسه وخرائطه.
الرئيس ترامب يجازف، هكذا قال السيد م. أحد المسؤولين في الحزب الجمهوري. سوف يتحدّى الرئيس كل رؤساء الولايات المتحدة السابقين، وقد أعلن انه سيفضح ويكشف كل الملفات السابقة ومصدر إصابة 4000 عنصر عسكري على متن حاملة الطائرات روزفلت بجرثومة كورونا القاتلة، وكيف خسرت الولايات المحتدة عام 2020 عدداً من الضحايا جراء الجائحة، إذ تجاوزت خسائرها البشرية ما وقع في الحرب العالمية الثانية.
وفي تفاصيل المباحثات في عملية كشف هذه الأسرار السياسية، تقول المصادر الأميركية لـ"النشرة" إن التّهم الموجهة في هذه الملفات تمخر الأطلسي باتجاه الدول الغربية الحاضنة للمنظمات السرية مثل فرنسا وهولندا والسويد وبريطانيا. وسوف يعمل النظام العالمي الجديد المنطلق من الولايات المتحدة على معاقبة هذه الدول بالطرق التجارية، من أجل كشف الحقائق للعالم، ومن أجل بسط سلطة جديدة بواسطة التجارة والاستثمارات بدون استعمال آلة القتل، كتلك التي عمدت اليها دول اوروبا الغربية، في عملية الاستعمار في أفريقيا ونهب خيرات دولها تحت مسمّى التعاون الاقتصادي ومدّ جسور العلم والنهضة في القارة الأفريقية. وتشمل العقوبات قطع شريان المساعدات الأميركية من تريليونات الدولارات عن الدول المذكورة، الأمر الذي يعرّض هذه الدول لوابلٍ من الاضطرابات وانهيار في تجارتها ومصانعها ومصارفها.
ترامب الحاكم العالمي الجديد بلغة سياسية ذكورية خاطب الولايات المتحدة بشخصين لا ثالث لهما: رجل وامرأة، لاغياً مصطلح "الجندر"، والعديد من إجراءات الحماية القانونية لمجتمع "ميم-عين"، كذلك ألغى السماح للمتحولين جنسيا بالخدمة في الجيش، وأصدر أمراً بقطع التمويل الفيدرالي عن المدارس التي تتبنى ما وصفه بـ"الآيديولوجية الجندرية الراديكالية".
ترامب وأميركا الجديدة مشروع مغامرة كبرى لا تشبه ما قبلها، وليس لها حدود، لا على الأرض ولا في الفضاء. فور وصوله البيت الأبيض، بدأ يؤسس لما يشبه منظمات تعود الى القرن السادس عشر، ولم يأخذ بنصائح أصدقائه الذين وصفوا عمله بأنه أصبح يدقّ التوتر العالي، داعين اياه للحَذَر.
أميركا المحتاطة منذ يوم التنصيب في العشرين من الجاري، نشرت 40 ألف شرطي في واشنطن دي-سي، بعد ان اعتادت على نشر أربعة آلاف في حفلات العهود الماضية. أميركا متيقظة، وترامب لم يعد يخشى شيئاً.
سمر نادر
الأمم المتحدة - نيويورك