في خطابه أول من أمس، تطرق أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم إلى ما أسماه مصارحة، حول ما حصل على المستوى العسكري خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، مشيراً إلى أن بعض جمهور المقاومة لديه تساؤلات وتفاجأ بما حصل، مؤكداً أن هذا حق مشروع.
في المصارحة التي قام بها، لفت الشيخ قاسم إلى أن الحزب أيضاً لم يتوقع "قتل القيادات بهذه الطريقة وبهذه الشموليّة"، معتبراً أن "الانكشاف المعلوماتي وسيطرة العدو على الاتصالات والذكاء الاصطناعي وسلاح الجو، الذي غطى لبنان بكامله"، من العوامل المؤثرة في الضربات التي وجهت، موضحاً أن الحزب يجري الآن تحقيقاً لأخذ الدروس والعبر واتخاذ الإجراءات اللازمة.
إنطلاقاً من أهميّة هذا النهج في التعامل مع الحدث الكبير، قد يكون من المفيد السؤال، بحسب مصادر متابعة، عما إذا كان "حزب الله"، في الفترة المقبلة، سيقوم أيضاً بمصارحة أو بمراجعة على المستوى السياسي، لا سيما أن غالبية المؤشرات تصب في إطار الحاجة إلى هذا الأمر، خصوصاً أن هناك الكثير من الأسئلة التي من الممكن أن تطرح في هذا المجال، سواء كان ذلك على مستوى العلاقة مع الحلفاء أو على مستوى العلاقة مع الخصوم أو حتى على مستوى أداء الحزب نفسه.
وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن الكثير من حلفاء الحزب يطرحون هذا الأمر من باب ما حصل على مدى الأشهر الماضية، لكن بعضهم يذهب أبعد من ذلك، للإشارة إلى أن الموضوع يجب أن ينطلق من مسار قائم منذ سنوات، تحديداً بعد فوزه صيغ11وحلفائه بالأكثرية النيابية في العام 2018، حيث السؤال الجوهري عن النموذج الذي من المفترض أن يقدم على المستوى السياسي الداخلي، بهدف إعادة الثقة مع مجموعات واسعة قد لا تكون بعيدة عنه في العناوين الكبرى.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، دور الحزب في المقاومة، لا يجب أن يتناقض مع المسار السياسي الداخلي، على إعتبار أن العامل الثاني يحصن الأول، وبالتالي هو أكثر من ضروري في المرحلة المقبلة، حيث من المفترض الإجابة على مجموعة واسعة من التساؤلات التي لا تزال حاضرة، حتى ولو كان الحزب يعتبر أنها بعضها من سردية غير صحيحة.
هنا، تذهب المصادر المتابعة إلى أن البداية يجب أن تكون، ربما، من سردية حماية الفساد مقابل حماية السلاح، على إعتبار أن هذا الأمر لا يزال حاضراً بقوة في الساحة السياسية، سواء كان ذلك صحيحاً أم لا، حيث ترى أنه يجب الإجابة عليه بشكل مفصّل، الأمر الذي يقود حكماً إلى مشروع بناء الدولة، تحديداً على المستويين الإقتصادي والمالي، نظراً إلى أن المقاومة لا تكون عسكريّة فقط، بل تتطلب العمل على أكثر من صعيد.
بالإضافة إلى ذلك، ترى هذه المصادر أن المطلوب أيضاً القيام بمراجعة حول العلاقة مع باقي المكونات في البلاد، حتى ولو كان الحزب يرى أن بعض القوى السياسية تتبنى خطاباً تحريضياً أو تشن حملة إفتراءات عليه، حيث تشدّد على أنه من الضروري أن يتنبه إلى هذا الأمر، وربما البداية تكون من خلال سلوك بعض المجموعات المحسوبة عليه، سواء كان على المستوى الإعلامي، أو على مستوى التحركات على أرض الواقع، كمسيرات الدراجات النارية التي اجتاحت بعض المناطق ليل الأحد الماضي.
في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أنّ الحزب، بالإضافة إلى دوره المقاوم، هو أيضاً حاضر في المجلس النيابي والحكومات المتعاقبة، وبالتالي عليه أن يولي هذا الأمر أهمية كبرى، سواء على مستوى أداء ممثليه الخاص أو على مستوى التحالفات التي يقوم بها، في ظل الإنعكاس الذي يترك ذلك على الموقف منه، لا سيّما عند المجموعات التي لا ترى نفسها بعيدة عنه في المشروع المقاوم.