أكّد رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل، في كلمته بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار، أنّ "كلّ ما سيُقال هو من باب الايجابية ويأتي في سياق حرص التيار على حسن تأليف الحكومة ونجاح العهد"، مشيرًا إلى "أننا قرّرنا أن نتكلّم اليوم لأن لدينا خوف من التعثّر بالتأليف لأسباب ممكن تخطّيها وكي لا يفسّر سكوتنا اننا موافقون. نحن قدّمنا كل التسهيلات، ولكن هذا لا يعني ان نقبل ببعض التجاوزات والعثرات، وهدفنا من الكلام هو تصحيح المسار والوصول الى تشكيل حكومة فاعلة قادرة تنفّذ خطاب القسم".
ولفت باسيل إلى خمسة نقاط أولها وظيفة الحكومة، حيث اعتبر أن هذه الحكومة ليست حكومة عادية وامامها تحديّات كبيرة، وهي "تطبيق القرار 1701 واتفاق وقف اطلاق النار في مواجهة اسرائيل التي لا تزال معتدية وغير ملتزمة"، و"التعاطي الحكيم والاستقلالي السيادي مع سوريا ونظامها الجديد بدءًا من حسن العلاقات على اساس النديّة، وتسوية موضوع الحدود البرية والبحرية، وضبط الحدود ومنع التهريب، والعلاقات الثنائية والاقتصادية، والأهم هو العودة السريعة النازحين السوريين التي لا زالت على مسار غير جدّي بتحقيقها. وما الأحداث الأمنية الأخيرة الاّ تأكيد على موقفنا الأساسي من وجوب قيام الحكومة اللبنانية باتخاذ الاجراءات للعودة السريعة".
كما أشار إلى أنّ من هذه التحديات "تسوية علاقات لبنان مع المجتمع العربي والدولي على قاعدة ابعاده عن المحاور والصراعات أي اعتماد تحييد لبنان"، و"الاصلاح المالي والاقتصادي والاداري والسياسي ومعالجة مسائل مثل القطاع المصرفي والتدقيق الجنائي واموال المودعين وصندوق النقد، وانفجار المرفأ، وملء الادارة وغيره"، و"اجراء الانتخابات البلدية والنيابية".
وأكّد باسيل أنّه "هذا يعني انّه على الحكومة ان تحظى اولاً بثقة المجلس النيابي وثانياً بتعاون ايجابي وبنّاء معه لكي تستطيع تمرير سياساتها وقوانينها واصلاحاتها، وان تكون الحكومة مبنية على اسس تمثيل سياسية ومجتمعية صلبة، وهذا يعني ان تكون مدعومة من الكتل النيابية الأساسية والثابتةوليس من جماعات وافراد متحرّكة ومتحوّلة ومتلوّنة".
وأوضح أنّ "الحكومة وبحسب الطائف، هي مركز القرار السياسي في البلد، على اساس النظام الديمقراطي البرلماني الطائفي، وهي ليست مركز دراسات مؤلّفة من باحثين وتقنيين، بل من وزراء يتمتعون بالتمثيل والدعم السياسي والنيابي المطلوب ويكونون اصحاب كفاءة ونزاهة واختصاص، والأهم خبرة وفاعلية لكي يتمكّنوا خلال عمر الحكومة القصير (15 شهر) من انجاز المهمّات المطلوبة منهم. واعتبر أنه لا يجوز لأحد ان يتنكّر للتجربة المرّة للحكومتين الاخيرتين بموضوع التكنوقراط، ما يعني معرفة الجمع بين الدعم السياسي والاختصاص والأهم الخبره في الشأن العام في الشخص الواحد . وشدّد على انّ التمسّك بالتمثيل السياسي لا يعني تسمية وزراء غير كفوئين".
وشدد باسيل على أنّ "الحزبي لا يعني الميليشياوي بالضرورة، فالحزبي هو شخص ملتزم بحزب وسياسة ومبادئ ونظام؛ وبالتالي هي فضيلة وليست تهمة"، مضيفًا: "نحن في التيار، غير مستعدّين للتنكّر لهويّتنا السياسية ولا نقبل ان تتم شيطنة النضال الحزبي وان يتحوّل الانتماء للتيار او لأي حزب آخر الى عبء وعقبة تمنع الطموح السياسي للحزبيين"، كما أوضح أنّ "هذا امر حصل مرّتين، ولا يمكن ان تكريسه كعرف، وخاصةً انّه مناقض للطائف الذي اناط السلطة التنفيذية بمجلس الوزراء مجتمعاً برئيسه واعضائه الوزراء الذين يمثلون طوائفهم وكتلهم السياسية والنيابية التي تعطي الثقة للحكومة. واذا كان هناك تنكّر او رفض للأحزاب، فلا يمكن ان يقتصر فقط على تسمية الوزراء، فيما يتمّ القبول بانتماء النواب الحزبي او السياسي عند تسمية الرئيس المكلّف او عند اعطاء الثقة بالحكومة، أي يتم القبول بهم أولًا لتسمية رئيس الحكومة وآخرًا عند اعطاء الثقة للحكومة، ولكن يتمّ رفضهم في منتصق الطريق عند تسمية الوزراء في الحكومة".
وكشف باسيل أنّه "تمّ بحث هذا الموضوع من قبل التيار مع رئيس الحكومة المكلّف قبل تسميته وتم التفاهم عليه على اساس ان يكون الوزراء اصحاب اختصاص وكفاءة وخبرة، وان يكونوا ممثلين فعليين لمن يسّميهم، لكي يتحمّل هو وهم المسؤولية السياسية في آدائهم الوزاري. وأضاف أنه مت من احد لا في المنطق ولا في الدستور، لا في التسمية ولا في الثقة، ولا حتّى بالفعل والواقع يقدر أن يتخطى الكتل النيابية".
وأبدى باسيل استعداد التيار لـ"تحمل المسؤولية السياسية والوطنية بقدر ما يملك من قدرة على التأثير حيث لا محاسبة من دون مسؤولية ولا مسؤولية من دون قدرة على التأثير"، واضاف: "لا نريد أن يأتي اشخاص بإسمنا فنحمل مسؤوليّة افعالهم من دون تمكّننا من التّأثير عليهم".
هذا، وأشار رئيس التيار إلى "وحدة المعايير المطلوبة"، حيث أكد باسيل: "قدّمنا التسهيلات اللازمة لتأليف الحكومة بعدم تمسّكنا او اصرارنا على حقيبة معيّنة او على اسم معيّن او حتّى على عدد معيّن ولكن لسنا في وارد التنكّر لذاتنا وتهميش حضور ما ومن نمثّل"، وتابع: "لذلك، طالبنا بأمر اساسي يغطّي كل ما سبق وهو وحدة المعايير وعدم الاستنسابية في استعمالها بين فريق وآخر او بين مكوّن وطائفة او اخرى. وهنا تحصل مخالفات كثيرة لا يمكن تأليف الحكومة في ظلّها، ولا يمكننا القبول بها، أما سكوتنا جاء لمدة ثلاث اسابيع افساحاً في المجال للتصحيح على الرغم من اعتٌباره من قبل البعض ضعفاً وأُشيع ان التيار يقبل بأي شيء يُعطى له أو لغيره، وهذا غير صحيح والمعنيين يدركون هذا الأمر منذ اليوم الأوّل".
وأكّد باسيل أنّ "موقف التيار معروف في موضوع المداورة الذي يقضي بأنه مع عدم احتكار اي مكوّن او فريق لوزارة وتحديداً ليس مع تكريس اعطاء وزارة المالية للطائفة الشيعة، خاصةً في ضوء الممارسة السيئة التي شهدناها"، وقال: هذا كان "موقفنا الشخصي" منذ عام 2014 عند تأليف حكومة رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام. أما "السكوت على هذا الموضوع يأتي طالما قبل الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام بالأمر لعدم عرقلة تأليف الحكومة على قاعدة انّه تم تثبيت، لمرة اخيرة، الوزارات السيادية الأربعة على اربع مكوّنات، السني والشيعي والماروني والارثوذكسي، فلم يعد هناك استثناء لمكوّن واحد بل لأربعة، مع ان هذا الأمر فيه اجحاف للمكوّنات الأخرى ولا يمكن تثبيته والقبول به دائمًا".
أما في احجام التمثيل داخل الحكومة، فقد أشار باسيل الى أنه "قبلنا عندما قال رئيس الحكومة المكلّف انه يريد الاعتماد اولاً على الكتل الاساسية بتمثيلها، وليس على عددها بالتناسب، مع العلم اننا خرجنا من الانتخابات بأكبر كتلة نيابية عددها 21 نائباً"، موضحًا أنّه "اذا خرج احد منها لاحقاً فهذا لا يعني اننا خسرنا صفتنا التمثيلية؛ قبلنا على اعتبار ان لا يعني ذلك تجميع بعض النواب من هنا وهناك دون ان يجمعهم سوى الرابط المصلحي الآني، ودون ان تجمعهم حتّى وحدة التصويت، فبتنا بعدها نرى كتلة بحجم مضاعف عن كتلة اخرى تأخذ نفس عدد الوزراء. هنا نقول فقط لا يجوز تجاوز مكوّنات اساسية بحجم تمثيلها".
وشدد باسيل على أنّه "في موضوع التسمية لا يمكن القبول بالتفاوت أو التمييز بين مكوّن وآخر"، وأنّ "التيار مع عدم عزل او الانتقاص او استهداف اي مكوّن، وتحديداً الشيعة، واشعارهم ان هناك محاولة لتخسيرهم سياسياً نتيجة الحرب، ولكن هذا لا يعني اعلاءهم عن غيرهم بالتسمية، واعطاءهم ما لا يعطى لغيرهم تعويضاً لهم".
وأضاف أنه "اذا لم يسمّى حزبيون او مسيّسون فهذا ينطبق على الجميع، واذا كانت التسمية حق لكل فريق والحق ايضاً للرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف بقبول او رفض هذه التسمية، فهذا لا يعني ان يٌعطى حق التسمية لرئيس الحكومة المكلف عند باقي المكوّنات، اي أن مكوّنات يعطون الاسماء وتتم الموافقة عليهم، فيما مكوّنات اخرى يتم اختيار الاسماء عنهم ولا يحق لهم حتى الرفض".
وأكّد أنه "لا يمكن في مطلع عهد واعد عدم ممارسة العدالة"، سائلًا: "كيف يطلب الاصلاح من حكومة لا عدالة في تأليفها بل تمييز وتفرقة؟".
وفي موضوع الحقوق الميثاقية، اعتبر باسيل ان "مرحلة 90-2005 انتهت، وتمت معالجتها بحسن التمثيل في مجلس الوزراء ابتداءاً من العام 2008 عند "دخولنا" في اوّل حكومة، وتمت معالجتها لاحقاً في مجلس النواب ورئاسة الجمهورية وفي الادارة، ولا يمكن العودة اليها"، وأكد: "لا نقبل بذلك على انفسنا، ولا نقبل به على غيرنا، يعني لا نقبل على المسيحيين وعلى السنّة".
وشدّد باسيل على أنه "لا يمكن أن نقبل بأن يسّمي أحد عنّا في التيار الوطني الحرّ، ولا عن غيرنا من الاحزاب، ولا يمكننا ان نقبل لأحد، غير رئيس الجمهورية، ان يسمّي الوزراء المسيحيين وان يأخذ حصّة وازنة من المسيحيين لأي اعتبار".
وتابع باسيل: "طبعاً يمكن لرئيس الحكومة المكلف أن يكون عنده مسيحي في عداد من يسمّي ولرئيس الجمهورية ان يكون عنده مسلم في عداد من يسمّي، وحقّهم الدستوري ان يرفضوا اي اسم لا يعجبهم ولو كان مسمّى من كتلة او من طائفة، ولكن لا يمكن التحيّز بأن تٌعطى مكوّنات ما تريد ويمنع ذلك عن مكوّنات اخرى"، مؤكدًا أنّ "هذا ناضلنا سنوات لوقفه، ولا يمكننا القبول به الآن تحت ذريعة تغيير ما كان، فالتغيير يكون نحو الأفضل وليس الأسوأ، يكون على الجميع وليس على فئات هذا دون ان نتطرّق الى سوء توزيع الحقائب بين المكوّنات، هناك توازن يجب احترامه بين الطوائف ولا يمكن الاخلال به بهذا الشكل الفاضح".
وفي مسألة الثلث المعطّل، أشار باسيل إلى أنّ "هناك من يهمس سرّاً انّه يجب منع اعطاء التيار الوطني الحرّ مع اي فريق آخر امكانية الحصول على الثلث المعطّل"، وقال: "هذا امر خبيث غايته امّا تصغير حجم التيار او منعه من دخول الحكومة، وهو امر غير صحيح اولاً لأن التيار لا يبتغي ابداً استقالة الحكومة بل يريد للعهد ولها النجاح ولا مصلحة للتيار باستمرار الانهيار في البلد".
وأضاف: "لأننا بوضوح لسنا حلفاء للثنائي الشيعي لكي نعمل معهم على تطيير الحكومة، ولسنا كذلك حلفاء مع ما بقي من المعارضة لكي نعمل معها على ذلك، نحن لسنا حلفاء مع احد ولسنا اعداء مع احد؛ واذا كان هناك من موقع حالي يمكن احتسابه علينا، فهو موقع الداعم لرئيس الجمهورية وعهده وبالتالي للحكومة ورئيسها ولا يمكن لنا ان نطيّر حكومة العهد الأولى، وهذا التزام علني بأننا لا ننوي ابداً ذلك تحت اي ظرف وان كان الحق الشخصي لأي وزير بالاستقالة مصان في الدستور، دون ان يكون ذلك بإطار تطيير كل الحكومة".
وأكّد باسيل أنّ "تأليف هذه الحكومة هو سهل جداً ويمكن اصدارها خلال يومين من العمل الجدّي ان اعتمد حسن التدبير وحسن التعامل السوي مع الجميع، لأن لا مصلحة لإنتكاسة من الداخل في وقت هناك دعم من الخارج، وتمنى على الرئيس المكلّف وهو رئيس محكمة العدل الدولية ان يعمد الى العدل فتتألّف حكومته سريعاً".
ولفت إلى "أننا لا نبحث عن سلطة او مركز بأي ثمن، ولا نتمسّك بأي شيء ولكن لا نقبل بأي شيء. كذلك نحن لسنا هواة معارضة شعبوية، لذلك نحمل المسؤولية عندما يكون هناك فرصة للبلد، ولكننا لا نريد ان نحمل مسؤولية فشل متجدّد. فلنتعلّم كلّنا من تجارب الماضي".