لفت عضو تكتّل "الجمهوريّة القويّة" النّائب ​غسان حاصباني​، إلى أنّ "التّدقيق في حسابات ​مصرف لبنان​ الّذي صدر، كان محصورًا بحركة حسابات مصرف لبنان كمؤسّسة، ولم يدخل في تفاصيل الوزارات، وهو عبارة عن دراسة عامّة لوضعيّة مصرف لبنان وليس تدقيقًا جنائيًّا كاملًا للدّولة"، مبيّنًا أنّ "التّقرير الّذي صدر عن شركة "ألفاريز أند مارسال" لا يمكن استخدامه في المحاكم القضائيّة للمحاسبة، هو تقرير توجيهي يمكن الاستناد إليه كدليل من قبل المحقّقين، للتّحقيق المباشر في الملفّات وإعادة تكوين الأدلّة".

وبالنّسبة إلى ركيزة الدّعاوى الّتي رُفعت على مصرف لبنان، أوضح في حديث لصحيفة "نداء الوطن"، أنّها "قد تأتي من عدّة جهات متضرّرة، داخليّة وخارجيّة، ولم تستخدم التّقرير في الدّعاوى القضائيّة. فشركة "الفاريز أند مارسال" وضعت شرطًا في تقريرها، هو عدم إمكانيّة استخدامه في المحاكم، ما يترتّب ضرورة إعادة تكوين الأدلّة المذكورة في التّقرير من قبل المحكمة".

وركّز حاصباني، على أنّ "التّدقيق هو عمليّة مراجعة الدّفاتر والحسابات الماليّة، للنّظر بقانونيّة وصحة السجلّات فيها، ومطابقتها لعمليّات الصّرف وأصول إجرائها". أمّا التّدقيق الجنائي فهو نوع من التّدقيق الّذي يدخل بتفاصيل أكبر حول حركة الأموال ويتتبّعها عبر الحسابات المختلفة، ليربط جميع أصحاب العلاقة مع بعضهم البعض".

وشدّد على أنّ "انطلاقًا من هنا، يبرز ​التدقيق الجنائي​ الخطوة الأولى في أيّ إجراء للمحاسبة ولاستعادة الأموال المنهوبة، لذلك أعادت "​القوات اللبنانية​" التّذكير والمطالبة بضمانات لحصوله مع أيّ وزير يستلم ​وزارة المال​، كخطوة أساسيّة في الإصلاح، خاصّةً إذا أتى هذا الوزير ليمثّل جهةً سياسيّةً كانت جزءًا أساسيًّا في هذه العمليّات لسنوات عديدة".

كما فسّر أنّ "إجراء التّدقيق الجنائي يشمل التّهرّب الضّريبي، ويمكن إجراؤه في مصلحة الضّرائب. أما على مستوى الوزارات، فيتطلّب القيام به فتح الملفّات داخل الوزارات وفي وزارة المال، لتتبّع عمليّات الصّرف والحسابات الّتي دخلت الأموال إليها التّابعة لمقاولين ومتعاقدين مع الدّولة وموظّفين، وربط هؤلاء بالعقود مع الدّولة وآليّة إجراء هذه العقود".

وذكر حاصباني أنّه "يُستكمل بتتبّع حركة حسابات المقاولين والمدفوعات ذات الصّلة لأيّ مسؤولين قد يكونون مرتبطين بالعمليّة أو بالمقاول أو المورّد، فيتّضح ما إذا كان هناك أي نوع من الرّشوة أو المفاضلة غير القانونيّة أو غير المشروعة لأي جهة".

وشرح أنّه "يمكن للتّدقيق الجنائي مثلًا أن يكشف عن بعض المقاولين الّذين كانوا يحظون بعدد غير طبيعي من العقود، والعقود الممنوحة بشكل غير قانوني وأصحاب المصالح في هذه العقود، وارتباطهم المباشر أو غير المباشر بأصحاب نفوذ أو قرار مرتبط بهذه العقود".

وأكّد أنّ "التّدقيق الجنائي في الوزارات يتطلّب تعاونًا كبيرًا من قبل وزارة المال حيث تحصل الصرفيّات، ورفع السرّيّة المصرفيّة عن حسابات موظّفي القطاع العام والمقاولين المتعاملين معه، للوصول إلى المعلومات. وقد يتطلّب تعاونًا مع جهات خارجيّة في حال تحويل الأموال إلى خارج لبنان".

إلى ذلك، أشار نائب رئيس مجلس الوزراء السّابق إلى أنّ "كلّ هذا يتطلّب وقتًا طويلًا وتعاونًا وثيقًا من قبل الوزارات، وتحديدًا وزارة المال المسؤولة عن الصرفيّات وتحريك الحسابات، لذلك فإنّ المطالبة بضمانات حول قيام ذلك، ومن ثمّ تنفيذه هي الخطوة الأولى في المحاسبة واسترداد أموال نُهبت من الدّولة، في إطار مقاربة التّعافي".

وأفاد بأنّه "يمكن استخدام هذه الأموال لتغذية الخزينة، ممّا يعزّز ماليّة الدّولة، ويتيح لها تغطية نفقاتها وديونها بطريقة أفضل والمساهمة جزئيًّا، إضافةً إلى المصارف أيضًا، في حلول إعادة أموال المودعين".

وعن كلفة التّدقيق الجنائي، لفت إلى أنّ "هناك شركات عالميّة عديدة يمكنها القيام بتلك العمليّة، وكلفتها قليلة بالنّسبة إلى الأموال الّتي يمكن استردادها. كما أنّ هذا التّدقيق يفرز المسؤولين المرتشين من الصّالحين، وإذا اقترن بمبدأ "من أين لك هذا؟"، حيث على المسؤول تبرير مداخيله وثروته خلال فترة خدمته العامّة، فيمكن إعادة انتظام العمل بشكل شفّاف وتحقيق المحاسبة".

وحول الوقت الّذي ستستغرقه عمليّة التدّقيق الجنائي للبدء بعدها بالمساءلة والمحاسبة، ركّز حاصباني على أنّه "لا يمكن حرق المراحل، وعمليّات المساءلة والمحاسبة تحتاج إلى وقت طويل لكنّها ليست مستحيلة. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المحاسبة تبدأ بإيقاف استمرار الممارسات الخاطئة وغير القانونيّة، بدءًا بتطبيق قانون المحاسبة العموميّة بشكل صحيح، وزيادة الشّفافيّة والرّقابة في القطاع العام".

وردًّا على سؤال "عمّا إذا كان إصرار "حزب الله" على حقيبة المال يطمس ما ارتكبه الوزراء التّابعون له في السّابق؟"، أجاب: "أي جهة تتولّى وزارة المال بإمكانها كشف الحقائق أو طمسها، بناءً على أهدافها إن كانت إصلاحيّة أم تهدف إلى الاستمرار بالنّهج القديم".

وشدّد على أنّ "وزارة المال لها دور أساسي في مواضيع متعدّدة، مثل: التهرّب الجمركي والضّريبي، ⁠عقد النّفقات والصّرف في كلّ الوزارات، ⁠حسابات الدّولة، و⁠التّوقيع على المراسيم الّتي لها أثر مالي من قبل وزير المال، حيث يفسّر الأثر المالي استنسابيًّا، فينسحب تقريبًا على كلّ المراسيم، خاصّة التّعيينات منها، أو المشاريع الكبرى؛ فيمكن لوزير المال أن يخضعها للمحاصصة إذا أراد".