بعد تشكيل الحكومة الجديدة، كان "التيار الوطني الحر" الجهة السياسية الوحيدة التي أعلنت الإنتقال إلى صفوف المعارضة، في حين لا تزال الكتل النيابية السنية، المعترضة على آلية تأليفها، تنتظر البيان الوزاري لحسم موقفها، إلا أنه في المقابل لا يمكن تجاهل أن البلاد ستكون، خلال فترة قصيرة، أمام تجمّعين شعبيين، سيكون لهما تداعياتهما على المسار السياسي العام، خصوصاً بالنسبة إلى ما يُحكى عن مرحلة جديدة، بدأت مع إنتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتسمية رئيس الحكومة نواف سلام.
التجمع الأول سيكون اليوم، في ذكرى اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، أما الثاني فسيكون في 23 شباط الحالي، خلال تشييع أمين عام "حزب الله" السابق السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، حيث ستكون الرسائل الشعبية، بالإضافة إلى السياسية، هي العنوان الأبرز.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه منذ فترة طويلة كان تيار "المستقبل" يعد العدة لتأمين حشد شعبي كبير، في ذكرى إغتيال الحريري، يراد من خلاله توجيه رسالة إلى من يعنيهم الأمر، في الداخل أو في الخارج، بأن نجله لا يزال هو الزعيم الأول على الساحة السنية، بعد أن كان قد قرر، قبل الإنتخابات النيابية الماضية، تعليق عمله السياسي، وبالتالي لا يمكن الإستمرار في تجاهل موقعه.
بالنسبة إلى "حزب الله"، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ الحزب، بعد تداعيات العدوان الإسرائيلي، يريد أن يثبت حجم حضوره الشعبي، خلال تشييع أمينه العام السابق، كي يكون ذلك رسالة إلى من يعنيهم الأمر، في الداخل والخارج أيضاً، بعد أنّ ظن الكثيرون أنه إنتهى نتيجة الضربات العسكريّة التي تعرض لها، وتشدّد على أنّ نجاحه في هذا الأمر يشكل أهمية كبرى بالنسبة إليه، خصوصاً في ظلّ المؤشّرات التي تصبّ في إطار أن الضغوط عليه ستزداد في المرحلة المقبلة.
منذ إنتهاء العدوان الإسرائيلي، باتت العديد من القوى تتعامل على أساس أن البلاد دخلت مرحلة جديدة، دفعت البعض إلى الرهان على أن الإنتخابات النيابية المقبلة، في العام 2026، ستكرس هذا المسار، خصوصاً أنّ تركيبة الحكومة الحاليّة تعكس ذلك، لكن من الناحية العملية لا يمكن الحديث عن أيّ توازنات جديدة، ما لم يتم تكريس ذلك شعبياً في صناديق الإقتراع.
في هذا الإطار، ترى المصادر السياسيّة المتابعة أنّه بغض النظر عن الموقف الذي سيعلنه الحريري اليوم، ليس هناك من هو قادر على رفض معادلة أنه لا يزال الزعيم الأول على الساحة السنية، الأمر الذي يمثل تحدياً لمختلف الشخصيات التي إستفادت من تعليق مشاركته في الإنتخابات الماضية، وتعتبر أنه في حال قرر أن يشارك، في الإنتخابات المقبلة، سيعيد تكريس حضوره في المجلس النيابي، بوصفه زعيم الكتلة النيابية السنية الأكبر.
وتشير المصادر نفسها إلى أنّ مشهد تشييع نصرالله وصفي الدين، في 23 شباط الحالي، سيمثل الرد الأكبر، من جانب "حزب الله"، على المشكيين بحضوره الشعبي، خصوصاً في ظل الحملات التي تخاض ضده، سواء من جهات خارجية وداخلية، بالإضافة إلى إستمرار الإعتداءات الإسرائيلية، التي تصب في إطار عدم رغبة تل أبيب في الإنسحاب من الأراضي اللبنانية، في الموعد المحدد يوم 18 الشهر الحالي.
في المحصلة، ترى هذه المصادر أنه، بالرغم من أن الموعد لا يزال بعيداً نسبياً، إلا أن التجمعين سيكونان نقطة الإنطلاق نحو الإنتخابات النيابية المقبلة، لا سيما إذا ما أعلن الحريري اليوم رسمياً العودة عن قرار تعليق عمله السياسي، في حين ستسعى القوى المنافسة لكل من الحزب والتيار، في الفترة الفاصلة، إلى الحد من نفوذهما.