في ظلّ اتجاه الأنظار إلى 18 شباط الحالي حيث من المقرّر أن تستكمل إسرائيل انسحابها كليًّا من الأراضي اللّبنانيّة بموجب اتفاق وقف إطلاق النّار مع لبنان، وعقب تصريح رئيس مجلس النّواب نبيه بري بأنّ "الأميركيين أبلغوني أنّ الاحتلال الإسرائيلي سينسحب في 18 من الشهر الجاري من القرى التي ما زال يحتلها، ولكنه سيبقى في 5 نقاط، وقد أبلغتهم باسمي وباسم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة رفضنا المطلق لذلك"، أشارت مصادر مطلعة لصحيفة "الجمهوريّة"، إلى أنّ "بري اعلن هذا الموقف بعد اتصال جرى بينه وبين رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي أكّد أمام مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي أن "أمامنا صعوبات سنعمل على تذليلها، وفي مقدمها الوضع في الجنوب، لا سيما إنجاز الإنسحاب الإسرائيلي في 18 شباط الجاري. ونحن نتابع الاتصالات لإلزام إسرائيل على الانسحاب، ونتواصل مع الدول المؤثرة، ولا سيما منها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا للوصول الى الحل المناسب".

ذرائع واهية

وأعربت أوساط سياسية مواكبة لملف التطورات الجنوبية، عبر "الجمهورية"، عن قلقها من "احتمال عدم اكتمال الإنسحاب الإسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة مع حلول التاريخ المعدّل لإتمامه، وهو الثلاثاء المقبل في 18 شباط"، مبديةً خشيتها من أن "يواصل العدو الإسرائيلي سيطرته على بعض التلال الحاكمة او المواقع الاستراتيجية على الحافة الأمامية، بذرائع واهية لا يمكن قبولها". وأكّدت أنّ "لبنان الرسمي يضغط بكل الوسائل الدبلوماسية الممكنة، لضمان إنجاز الإنسحاب في الموعد المحدّد".

وشدّدت على "ضرورة أن تؤدي الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، خصوصاً الولايات المتحدة، الدور المطلوب منها لإلزام الكيان بالانسحاب، وعدم منحه أي اسباب تخفيفية او فرص إضافية لإطالة أمد احتلاله"، منبّهةً إلى أنّ "تهرّب تل أبيب من إتمام انسحابها، سيترك تداعيات سلبية على الوضع في الجنوب، وعلى زخم الحكومة الجديدة التي تحتاج إلى أن تنطلق في مهمّة "الإنقاذ والإصلاح" من أرضية نظيفة". واعتبرت أنّ "كل ما يمكن أن تفعله هذه الحكومة، سيبقى ناقصاً إذا لم تستعد السيادة أولاً".

اتصالات دولية لتفادي الانفجار

في السياق، كشفت مصادر وزارية لصحيفة "الأخبار" أنّ الحكومة ستناقش ملف الانسحاب الإسرائيلي "في جلسة لها مطلع الأسبوع"، مركّزةً على أن "الموقف الإسرائيلي مقلق، ويؤشر إلى تصعيد غير معروف النتائج".

ورأت أن "موضوع الجنوب هو من الامتحانات الصعبة التي تواجه الحكومة، وهي معنية بمعالجته انطلاقاً من موقعها ودورها، علماً أننا لا نزال مشغولين الآن بصياغة البيان الوزاري، الذي يفترض أننا أصبحنا في نهاية صياغته، وننوي عقد جلسة الأسبوع المقبل لمناقشته في الحكومة". وأشارت إلى "وجود وساطات دولية لمنع الانفجار وتدخّلات لضبط الوضع، خصوصاً أن الداخل اللبناني قابل للانفجار في أي لحظة بسبب الاحتقان الموجود".

البيان الوزاري

من جهة ثانية، ذكرت معلومات "الجمهوريّة"، "بعد اجتماعين للجنة صياغة البيان الوزاري في السراي الحكومي، اتخذ الثاني منه طابعاً جدّياً بعد 3 ساعات من نقاش المسودة التي وضعها رئيس الحكومة نواف سلام بشكل مفصّل"، أنّ "الاتفاق طاول معظم الفقرات، من ​سياسة​ الحكومة العامة إلى الإصلاحات إلى مقاربة موضوع الجنوب ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي وملف النازحين وإعادة الإعمار. وستجتمع اللجنة اليوم في لقاء اخير لإجراء قراءة نهائية، قبل إحالته إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وإدراجه على جدول جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد بعد ظهر الاثنين لمناقشته وإقراره".

وعلمت "الجمهورية" أنّ "الفقرة المتعلقة بالجنوب تمّت صياغتها بنص غير مستفز لأي جهة. وحضرت فيه المقاومة للاحتلال بروحيتها من دون ان ترد لفظياً، إذ نصّ البيان الذي تمّ الاتفاق عليه بين الرئيس عون وسلام على تعابير تؤكّد حق الشعب اللبناني والجيش في الدفاع عن الأرض، من دون تحميل الدولة مسؤوليات اكبر منها، وهي مقاربة متواضعة تتحدث عن الحق في اتخاذ الإجراءات والوسائل المتاحة كافّة لتحرير الأرض المحتلة، وتعزيز دور الدولة في هذه الإجراءات".

على صعيد آخر، علمت "الجمهورية" أيضًا أنّ "الولايات المتحدة استثنت لبنان من قرارها منع المساعدات للدول الخليجية والعربية، وقرّرت صرف هبة 95 مليون دولار للجيش اللبناني لتعزيز مهماته ودوره، خصوصاً في الجنوب اللبناني".

العدو يتجسّس على جمعيّات مسيحيّة: عميل عين ابل زوّد الإسرائيليّين بصور عبر "البث المباشر"

من جهة ثانية، أفادت "الأخبار" بأنّ "التحقيقات مع متّهم، اعترف بالتعامل مع العدوّ الإسرائيلي، كشفت أن الموساد الإسرائيلي كان مهتماً خلال العدوان الأخير بالحصول على معلومات حول جمعيات ومجموعات دينية مسيحية تجهر بعدائها لحزب الله، وتنشط في المناطق "الشرقية"، بقصد اختراقها، إضافة إلى معلومات حول مركز لإيواء النازحين في منطقة الدكوانة؛ كانت القوات اللبنانية قد زعمت بأن "تحصينات" تُبنى داخله!".

وذكّرت بأنّ "المديريّة العامّة لأمن الدولة كانت قد أعلنت في بيان في 23 كانون الثاني الماضي، أنها أوقفت في 21 منه علي أنطانس صادر (والدته ماري مارون، مواليد 1982/ عين ابل)، في منطقة سعسع في خراج بلدة رميش، "أثناء عودته من الأراضي المحتلّة، التي كان قد دخلها خلسةً"، وأنه "اعترف بتعامله مع العدوّ الإسرائيليّ منذ بداية حرب غزة، وقيامه بالمهام التي كُلّف بها". وعُثر بحوزته على "جهاز متطور يُستخدم لمراقبة وتصوير بعض المراكز المهمّة، ويتيح تواصلاً مباشراً بينه وبين العدوّ"، إضافة إلى 3000 دولار".

وأوضحت الصحيفة أنّه "تبيّن في التحقيق مع صادر لدى أمن الدولة، أنه أثناء حرب الإسناد وخلال العدوان، زوّد مشغّليه الإسرائيليين بناءً على طلبهم، بفيديوات لطرقات محددة، من بينها طريق بيروت - الجنوب، مروراً بصيدا والزهراني وبرج رحال وصور، إضافة إلى مسالك ومواقع محددة في القرى والبلدات المؤدية إلى بلدته عين ابل. وأوضح أنه زوّد استخبارات العدو بهذه الفيديوات عبر تطبيقَي "واتساب" و"gmail"، وبواسطة تطبيق آخر تم تنزيله على جهاز هاتف يمكنه التصوير وإجراء عمليات مسح أثناء إقفاله".

ولفتت إلى أنّ "مشغّليه طلبوا منه أيضا التجوّل في مناطق محددة داخل بعض القرى، بعد تثبيت كاميرا على سيارته يمكنها إرسال بث مباشر للفيديوات إلى استخبارات العدوّ عبر الـ"واتساب". واعترف الموقوف بأن جيش العدو قصف مواقع وأماكن بناءً على معلومات زوّد الإسرائيليين بها، من بينها مقام النبي الخضر بين الحارتين المسيحية والإسلامية في بلدة يارون وحارة المسيحيين في البلدة".

كما بيّنت أنّ "المشغّلين الإسرائيليين طلبوا من صادر معلومات مفصلة حول مراكز وحواجز محدّدة للجيش اللبناني، بما فيها تحديد مواقعها على الخريطة بدقة والإجراءات الأمنية المتخذة داخلها، وعدد العناصر العاملين فيها، وما إذا كانت لأيٍّ من الضباط والعناصر علاقة بحزب الله، إضافة إلى معلومات حول قياديّين وعناصر ينتمون إلى حزب الله وحركة أمل في بعض القرى والبلدات الجنوبية وأماكن إقامتهم".

وأضافت "الأخبار": "اعترف الموقوف بأن مشغّليه طلبوا معلومات مفصلة عن مركز إيواء النازحين في مهنية الدكوانة، وهو المركز الذي أثار نائب "القوات اللبنانية" رازي الحاج، في نهاية تشرين الأول الماضي، إشكالاً حوله، مشيراً إلى إدخال شاحنتين تحملان أكياساً من "الترابة" إلى المهنية، ومتسائلاً عن "حاجة المركز إلى بناء تحصينات"، علماً أن مخابرات الجيش كشفت يومها على الأكياس، التي تبيّن أنها تقدمة من إحدى الجمعيات لرفع خزانات المياه وتثبيتها. كما طلب المشغّل الإسرائيلي من الموقوف، دراسة مفصلة عن جمعيات ومجموعات مسيحية في شرق بيروت والمراكز التابعة لها وأسماء الفاعلين فيها، إضافة إلى دراسة مفصلة حول ترددات المحطات الإذاعية اللبنانية".

وركّزت على أنّ "صادر، الذي أوقف أثناء عودته على دراجة نارية من لقاء مع مشغّليه الإسرائيليين داخل الأراضي المحتلة، في 21 كانون الثاني الماضي، قال إنّه جُنّد عن طريق أحد العملاء الذين فرّوا إلى إسرائيل عام 2000. وأوضح أن الأخير تواصل معه بعد أيام من عملية "طوفان الأقصى"، في 7 تشرين الأول 2023، وعرض عليه العمل لمصلحة الإسرائيليين. وبعد موافقته، أمّن له تواصلاً "تجريبياً" مع ضابط إسرائيلي، تبيّن أنه يعرف الكثير عن حياته منذ الطفولة".

وذكرت أنّ "بعد وضع الموقوف تحت الاختبار لفترة قصيرة وتنفيذه مهمات كُلّف بها، جرى نقله للعمل تحت إشراف ضابط آخر كان يكلفه بما هو مطلوب منه حتى توقيفه الشهر الماضي، علماً أن صادر سُلّم إلى مديريّة المخابرات في الجيش اللبناني للتوسع في التحقيق ومتابعة التحريات".