عشية الانسحاب "الإسرائيلي الموعود" من لبنان، تبدو تل أبيب مُستفيدة من الدعم الأميركي إلى أقصى الحُدود:
فالسبت 15 شباط 2025، وصلت شُحنة من القنابل الثقيلة الأميركية إليها، بموجب وعد أميركي مُسبق، ذي صلة بالاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
وبحسب "وكالة الأنباء الألمانية" (د ب. أ)، ونقلا عن "وزارة الدفاع الإسرائيلية"، فإن شحنة من القنابل الثقيلة من الولايات المتحدة، كانت مُحتجزة من الإدارة الأميركية السابقة، وصلت إلى "إسرائيل".
وأضافت "الوزارة": "تم تفريغ سفينة تحمل كميات كبيرة من القنابل طراز (إم.كيه-84" التي يبلغ وزن الواحدة 2000 رطل في ميناء أشدود".
وهذا ما أكدته، الأحد، صحيفة "تايمز أُوف إسرائيل"، التي أوردت أن الوزارة الإسرائيلية، "تابعت تحميل القنابل في عشرات الشاحنات، ونقلها إلى قواعد جوية إسرائيلية".
ورأى "وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس"، أن هذه القنابل "تُمثل... رصيدا مُهما لسلاح الجو والجيش الإسرائيليين. وهي تُمثل أيضا دليلا آخر على التحالُف القوي بين إسرائيل والولايات المتحدة".
وتوازيا، بدا كُل شيء في مدينة جنين ومُخيمها، "في مُتناول القبضة الفولاذية الإسرائيلية المنفلتة"... وفي صباحات الاجتياح اليومية، يُطل الأطفال والأُمهات الذين يعيشون تحت وطأة حصار جائر، على الشوارع المُدمرة والخالية إلا من الآليات العسكرية، من وراء النوافذ، فيما يجتهد الآباء لتحسين ظُروف اعتقالهم داخل السُجون الكبيرة وغير الآمنة. و"الجيش الإسرائيلي" لا يفارق الأحياء والأزقة، ويفرض العُقوبات الجماعية على نحو 20 ألف فلسطيني، عُقوبات تُحوّل المنازل والمُمتلكات إلى حطام.
وفي لُبنان انكشاف ميداني كامل، واعتداءات إسرائيلية ليل نهار...
غير أن "إسرائيل" تستفيد أيضا من الأخطاء اللبنانية والفلسطينية لمصلحتها!.
وفي هذا السياق يأتي "الاستثمار السياسي الإسرائيلي" لأحداث محيط مطار بيروت، التي حصلت، قبل ثلاثة أيام فقط، من الموعد المضروب للانسحاب الاسرائيلي المُفترض من القرى الجنوبية المُحتلة، في 18 شباط الجاري...
ومع الإشارة إلى أن "إسرائيل"، تبدو حتى الساعة مُصرة على مُواصلة احتلال خمس تلال لُبنانية، فإن هذه الاعتداءات تصب حتما في مصلحتها!.
فبنصف ساعة فقط، تحول الاعتصام الذي كان "ضد أميركا وإسرائيل"، إلى مُواجهة مع الجيش اللُبناني الذي حاول منع المُتظاهرين من إقفال الطريق والقيام بأعمال شغب ارتكبها عدد من الشبان. وقام عدد من المُتظاهرين - في المُقابل - برمي الحجارة على عناصر الجيش وآلياته، فعمت الفوضى!.
وهُنا يُسجل خطأ لـ "حزبُ الله"، بتنظيمه تظاهرة تولى أمنها، وكادت أن تزج المؤسسةَ العسكرية في حرب مطاردة مع المتظاهرين.
ويأتي الاعتداء على الـ "يونيفيل" لـ "يزيد الطين بلة"!. فموقف الأُمم المُتحدة الذي يعتبر الهجمات على حفظة السلام بمثابة انتهاك للقانون الدولي، "قد يصل إلى درجة جرائم الحرب".
ولقد أُهديَت "إسرائيل" ما تريده تماما، وهو إظهار ضعف القُوات الدولية المُفترض بها ضبط وقف النار، والاشراف على تطبيق القرار ١٧٠١.
وإذا كان ثمة "مدسوسون" نفذوا الاعتداء، فهؤلاء يُمكن تصنيفهم بالـ "عُملاء"، وفي مُطلق الأحوال يستفيد العدو!.
وأما إذا كان "حزب الله"، فَقَد مع استشهاد السيد حسن نصر الله، قدرتَه على ضبط شارعه، فانفلتت الأمور من يده، فتلك مُصيبة أُخرى!.
ومن الأسئلة المُثارة في هذا الإطار: هل أصبحت طريق المطار البديل من ساحة الجنوب الممنوعة على الحزب؟...
إن قصة الطائرة الإيرانية، الممنوعة من أن تحط في المطار بـ "قرار أُممي"، قد استُخدمت لتفليت "أزلام والصِبية" على الأرض، بقصد توجيه رسالة مُزدوجة إلى رئيس الجمهورية وإلى الحكومة، ولكن لمصلحة مَن؟.
وقد تكون الرسالة التفلُتية الغوغائية تلك، سابقة في زمانها البيان الوزاري الذي قد يخلو من كلمة "مقاومة"!.
ويبقى أن ما جرى في طريق المطار، كان معاقبة للناس والمارة والمُسافرين وقُوات الطوارىء وصيت لبنان، وسُمعة أهم مَرافقه الاقتصادية والسياحية...
وما جرى معاقبة أيضا للطائفة الشيعيةِ الكريمة التي "راح مذهبها يلاطم الهتافات والشعارات الطائفية"!.