يشكّل ملف النزوح السوري المشكلة الأكبر، لا بل الأخطر، على الساحة اللبنانية اليوم، في ظلّ الضغط الدولي لإبقاء النازحين في لبنان. وفي ظلّ "المعمعة" الأوروبية لترحيل النازحين لديها، وفي وقت سقط النظام السوري وإستلمت إدارة جديدة زمام الحكم، خرج إلى العلن تعميم صادر عن الأمن العام اللبناني وموقّع من رئيس دائرة الأمن العام في المطار، بتاريخ 17/02/2025، موجّه إلى جميع شركات الطيران يتحدث عن الموضوع.
يتضمن التعميم ما يلي: "يطلب من جميع شركات الطيران السماح بنقل السوريين إلى لبنان الذين كانوا قد دخلوا بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، والذين يرغبون بالعبور ترانزيت إلى سوريا، وتلغى التعاميم السابقة المتناقضة بهذا الخصوص".
في الشكل، يبدو التعميم بسيطاً ولكن في طياته يحمل الكثير، خصوصاً وأننا ندرك المساعي الدولية لتوطين وإبقاء النازحين في لبنان وعدم إعادتهم الى بلادهم، رغم أن أغلب المناطق هناك أصبحت آمنة. "النشرة" تواصلت مع جهات عدّة، من وزارة الداخلية إلى رئاسة الحكومة، ولم تلقَ أي جواب حوله، حتى إن وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد أكدت لـ"النشرة" أنه "وحتى الساعة لا علم لها بهذا الموضوع"... ولكن مهلاً ماذا يعني هذا التعميم؟.
لا يخفي وزير الشؤون الاجتماعية السابق هكتور حجار أن هناك أسئلة عديدة حول التعميم، ولو أنه يتحدث عن الترانزيت إلى سوريا. ويشير إلى أن "أوروبا تقوم بترحيل كلّ من دخل اليها بطريقة غير شرعيّة، فهل لدى لبنان القدرة على ذلك، في ظل وجود رئيس الجمهورية والحكومة يعملان من أجل السيادة، لترحيل كل من دخل الينا بطريقة غير شرعيّة، أيّ هل يستطيع البلد أن يحذو حذو أوروبا في هذا المجال"؟.
يذهب حجار أبعد من ذلك، ويلفت إلى أنهم يريدون أن نكون بلد ترانزيت، أي عبور من أوروبا إلى سوريا، وهنا التعميم ليس واضحاً، فإذا كنّا فقط بلد "ترانزيت" فأين هي الآلية لترحيلهم إلى سوريا؟ فهل يصلون إلى مطار بيروت ومن ثم ينتقلون بالطائرة إلى بلادهم أو ينتقلون بالآليات إلى هناك؟. معتبراً أن "هذه كلها أسئلة من واجب الحكومة والأمن العام الإجابة عليها".
"أوروبا تقوم بما يناسبها وعلى لبنان أن يقوم أيضاً بما يناسبه". هذا ما يشدّد عليه حجار، لافتاً إلى أنه "إذا لم تكن الالية واضحة فهذا يعني أننا سنكون أمام موجة نزوح جديدة من كل بلدان العالم"، وأضاف: "لماذا يعتبر لبنان بلد ترانزيت ولا تحط الطائرة في المطار بسوريا مباشرة عوضاً عن استعمال ارضنا؟"، وأكد أننا "نرفض بشكل كامل زيادة عدد السوريين أو بقاءهم أو حتى الترحيل من سوريا إلى الاراضي اللبنانية، وإذا كان لبنان بلد "ترانزيت" فيجب وضع آليّة"، داعياً الحكومة اللبنانية إلى العمل مباشرة للتصرف بطريقة مشابهة لأوروبا، ويجب معالجة هذا الملف بطريقة شرعية، كما ووضع خطة متكاملة لعودتهم الى بلادهم".
في المحصّلة، لا يمكن المرور على هكذا تعميم مرور الكرام، في ظلّ المتغيرات في المنطقة والرغبة الدوليّة في ابقائهم في لبنان، وبعد تصريح وزيرة الشؤون الاجتماعية التي تحدثت فيها عن عودة طوعيّة لهم، هل ما نشهده اليوم هو محطّة في مشروع طويل معروف إلى أين سيؤدّي؟!.