نجح مجلس الوزراء، نتيجة الإتفاقات المسبقة بين رئيس الحكومة نواف سلام والثنائي الشيعي، في إنجاز البيان الوزاري خلال وقت قصير، حيث من المقرر أن تتوجه الحكومة، الأسبوع المقبل، إلى المجلس النيابي لنيل الثقة على أساسه، وهي مؤمنة بأغلبية وازنة نتيجة التوافق الذي حصل حول تأليفها، بين مجموعة واسعة من القوى الممثلة في المجلس النيابي.

على الرغم من سعي الكثيرين إلى تحقيق إنتصارات، من خلال الصيغة التي أقر بها البيان الوزاري، إلا أنه يبقى الأساس أن البيانات الوزارية في لبنان، في أغلب الأحيان، تبقى حبراً على ورق، وبالتالي لن يعود إليه أحد لمحاسبة الحكومة على أساسه، تحديداً في المجلس النيابي، خصوصاً أنها ستبقى مدعومة من كتلها في البرلمان، بينما تحويلها إلى حكومة تصريف أعمال، مرتبط بإستقالة رئيسها أو إستقالة ثلثي أعضائها.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن هذه الحكومة من المرجح أن تستمر حتى موعد الإنتخابات النيابية في العام 2026، قبل أن تتحول، بعد إشرافها على تلك الإنتخابات، إلى حكومة تصريف الأعمال، لتعود بعد ذلك الأمور إلى الآلية الطبيعية، أي تسمية رئيس حكومة مكلف جديد، بناء على التوازنات التي ستفرزها تلك الإنتخابات، التي ينظر إليها على أنها ستكون من الأهم في تاريخ لبنان، بسبب دقة المرحلة التي تمر بها البلاد، التي لا يمكن أن تفصل عما يحصل على مستوى المنطقة برمتها.

للوصول إلى تلك المرحلة، تلفت المصادر إلى نفسها إلى أن الحكومة سيكون عليها التصدي إلى مجموعة واسعة من الملفات الداخلية العادية، التي ستبرز بعض الخلافات عند طرح كل منها، لكنها تشدد على أن الأهم يبقى الملفات السياسية الأساسية، المرتبطة إلى حد بعيد بتداعيات المرحلة الجديدة التي دخلت فيها البلاد، في الأشهر الماضية، بناء على نتائج العدوان الإسرائيلي وسقوط النظام السوري السابق.

من حيث المبدأ، هذه الملفات لن تكون بعيدة عما سيحصل على مستوى المنطقة، بالدرجة الأولى، من الحوار الأميركي الإيراني وإمكانية الوصول إلى تسوية بين الجانبين من عدمها، على إعتبار أن ذلك قد يشمل بعض الملفات الإقليمية الأخرى، أبرزها الملف اللبناني في ظل الصراع المستمر حول كيفية التعامل مع "حزب الله" في المرحلة المقبلة.

في هذا الإطار، تكشف أوساط سياسية معنية، عبر "النشرة"، أن الأمور ستبقى مرهونة بآلية عمل مجلس الوزراء، بالإضافة إلى توجهات القوى الخارجية المؤثرة على الساحة المحلية، حيث من الممكن الذهاب إلى إدارة هادئة توافقية لمختلف الملفات، بناء على الظروف الداخلية التي يعرفها الجميع، لكن في المقابل من الممكن أن يكون التوجه هو الذهاب إلى مواجهة حادة، بين الحين والآخر، لا سيما أن الحكومة ستكون أمام واقع صعب، يتعلق بين ما هو مطلوب منها وما يمكن أن تقوم به.

في المحصّلة، ترى الأوساط نفسها أن الأساس يبقى المهمة الملقاة على عاتق الحكومة، حيث أن البيان الوزاري، الذي أقر أول من أمس، يغلب عليه الطابع الأمني، بالرغم من أنها تقدم نفسها كإصلاحيّة، في حين أن التحديات الأبرز التي تصطدم بها، تكمن بما هو مرتبط بالعدوان الإسرائيلي وإستمرار الإحتلال لبعض النقاط، بالإضافة إلى الإنعكاسات الأمنية لذلك على المستوى الداخلي.