منذ ما قبل نهاية العدوان الإسرائيلي على لبنان، كان السؤال الأساس، في الأوساط اللبنانية، يتعلق بالتداعيات الداخلية لهذا العدوان، خصوصاً في ظل توجه مجموعة واسعة من القوى السياسية إلى فتح ملف سلاح "حزب الله"، على إعتبار أنه، من وجهة نظرها، يتحمل مسؤولية ما حصل، لا سيما أنه كان المبادر إلى فتح جبهة إسناد قطاع غزة، في الثامن من تشرين الأول من العام 2023.

إنطلاقاً من ذلك، كانت التوقعات تصب في إطار السعي إلى تحويل سلاح الحزب إلى مشكلة داخلية، تحت عنوان دعوته إلى تسليم سلاحه إلى الدولة، طالما أنه فشل في إثبات النظريات التي كان يدّعيها، خصوصاً لناحية القدرة على ردع إسرائيل من الذهاب إلى أيّ عدوان شامل.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ السلوك الإسرائيلي الحالي، بالنسبة إلى عدم الإنسحاب من بعض النقاط بالإضافة إلى إستمرار الإعتداءات اليومية، يمثل أكبر خدمة لسرديّة "حزب الله"، لا سيما إذا لم تنجح الولايات المتحدة في الضغط على تل أبيب لدفعها إلى الإنسحاب، بعد أن قررت الدولة سلوك الخيار الدبلوماسي في المرحلة الحالية.

وتوافق هذه المصادر على إعتبار أن ما يحصل يمثل عامل إحراج لكل من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى جانب القوى السياسية المعارضة لـ"حزب الله"، بغض النظر عن إستمرار الإتهامات التي توجه إلى الحزب بأنه المسؤول عن ذلك، خصوصاً أن البعض يذهب إلى الحديث عن أنه لم يلتزم، حتى الآن، بما ينص عليه الإتفاق، حيث تشدد على أن السؤال يبقى حول إمكانية فتح النقاش حول السلاح، أي الإستراتيجية الدفاعية، التي كانت من أهم بنود خطاب القسم.

في الأيام الماضية، طُرحت الكثير من علامات الإستفهام حول المسار السياسي العام، في المرحلة المقبلة، الأمر الذي لا يمكن أن يفصل عما يحصل على مستوى المنطقة من تحولات، خصوصاً بالنسبة إلى الطروحات التي تقدم حول مستقبل قطاع غزة، على إعتبار أنه مقابل طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهجير الفلسطينيين، برزت أخرى منها دعوة حركة "حماس" إلى التنحي، بالإضافة إلى ربط عملية إعادة الإعمار بمسار يؤدي إلى السلام الشامل، في حين تل أبيب، إلى جانب واشنطن، تدعو إلى نزع سلاح الحزب.

بناء على ما تقدم، من الممكن التطرق إلى ما يُطرح، في السياق الداخلي، حول الضغط على "حزب الله" من بوابة ملف إعادة الإعمار، بالإضافة إلى تحدي الإنتخابات النيابية، حيث تلفت أوساط سياسية، عبر "النشرة"، إلى أن الواقع الحالي، على عكس ما يظن البعض، يخدم الحزب على المستوى الشعبي، وبالتالي هو لن يساعد في تحقيق أي نتيجة تذكر، لا بل قد يمثل عامل إحراج لكافة القوى والشخصيات الشيعية المعارضة.

في المحصّلة، تلفت الأوساط نفسها إلى أن المعادلة واضحة: إستمرار الإحتلال يعطي الحزب مبررات شرعيّة المشروع المقاوم، بينما إستمرار الضغوط عليه، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار، ستزيد من الإلتفاف الشعبي حوله، على قاعدة إستهداف المكوّن الطائفي الذي يمثله، وتسأل: "هل تصبح الإستراتيجية الدفاعية مرتبطة بالإنسحاب الإسرائيلي ووقف الإعتداءات وإعادة الإعمار، في مقابل سعي البعض إلى ربطهم بتسليم السلاح أو نزعه"؟.