رأى النائب إلياس جرادي أن "مجريات حرب الإسناد، وما سبقها وتبعها من أحداث في لبنان والمنطقة، أثبتت بالوقائع والحيثيات أن لإسرائيل أطماعا جيوسياسية ومشاريع أيديولوجية تهدد بشكل دائم ومتواصل استقرار المنطقة من المحيط إلى الخليج بما فيها لبنان".

ولفت جرادي في حديث إلى "الأنباء" الكويتية، الى ان "اللحمة الوطنية التي أظهرها المجتمع اللبناني عبر احتضانه النازحين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، بالتوازي مع الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي على حكومة الحرب الإسرائيلية، والتي ترجمت بتسطير المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين في 24 تشرين الثاني 2024، شكلتا أبرز عوامل التصدي للعدوان الإسرائيلي، وأجبرتا بالتالي حكومة بنيامين نتنياهو على توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار مع الحكومة اللبنانية السابقة".

واعتبر جرادي بناء على ما تقدم أن انسحاب الجيش الإسرائيلي الثلاثاء الماضي من القرى الحدودية اللبنانية تنفيذا لاتفاقية وقف إطلاق النار، لا يعني تنازل الكيان الإسرائيلي عن أطماعه في لبنان. وراى بان بقاء الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط، تعتبرها قيادة الأخير إستراتيجية من حيث إشرافها على الداخل الشمالي لفلسطين المحتلة، ينم عن ترجمة واقعية لأطماعه ولو بالحد الأدنى المطلوب إسرائيليا، إلا ان البيان الصادر عن الاجتماع الثلاثي الاستثنائي في قصر بعبدا، بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام كان بالمرصاد. وصوب سبل المواجهة الديبلوماسية عبر اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي والمحافل الدولية، لإجبار المحتل الإسرائيلي على تنفيذ ما تعهد به في اتفاقية وقف إطلاق النار".

وذكر بان المنطق الإسرائيلي المتعنت في التعاطي مع السيادة اللبنانية، والذي يدعي إرساء هدنة دائمة مع لبنان، يشجع في حال عدم توصل مجلس الأمن والدبلوماسية الدولية الى إجبار إسرائيل على الانسحاب من التلال اللبنانية الخمس (العويضة، الحمامص، العزية، اللبونة وجبل بلاط)، على استمرار العمل المقاوم كحق وطني مشرع بموجب المعاهدات الدولية.

واردف جرادي: "أعتقد أن العهد الجديد بقيادة عون وسلام، والذي كان خيارنا منذ بداية الشغور الرئاسي في 30 تشرين الاول 2022، قادر من خلال حكمته وبصيرته وعبر الطرق الديبلوماسية، على تحرير التلال الخمس المذكورة من الاحتلال الإسرائيلي. والمطلوب بالتالي التفاف كل الأفرقاء اللبنانيين من دون استثناء حول العهد لدعمه وإعطائه الدفع الشعبي اللازم باتجاه لبنان الجديد، خصوصا انه العهد عبر خلال الأسابيع الماضية عن احتضانه للجميع. وأشير إلى أن مبدأ الاحتضان السياسي والاجتماعي لا يقتصر فقط على مهمة العهد رئاسة وحكومة، انما أيضا على كل الأفرقاء اللبنانيين، لاسيما القوى السيادية المدعوة اليوم إلى ان تكون على مستوى المسؤولية لحماية لبنان، عبر النأي بنفسها عن التعاطي مع حزب الله كفريق مهزوم".

وعن مقاربته لما جاء في البيان الوزاري المرتقبة مناقشته يومي الثلاثاء والأربعاء من الاسبوع المقبل، قال جرادي: "كنا نتمنى لو أتى البيان الوزاري الذي نؤيده بمجمل مندرجاته، أكثر اقتضابا نظرا إلى انتهاء عمر الحكومة بإنجاز الانتخابات النيابية في ربيع 2026، وأكثر تركيزا على الإنتاج المحلي، أي التنمية الاقتصادية الذاتية للدولة اللبنانية، بدلا من اللجوء إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتمويل مسار قيام الدولة ببضعة مليارات، ديونا مستحقة سرعان ما تصرف وتتلاشى في معركة الإصلاحات والإنجازات المطلوبة، إضافة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي بالتوازي مع تفعيل استقلالية عمل القضاء، وإخراج مجلس النواب من حالة الشلل المصاب بها والعمل المؤسساتي الصحيح وتطبيق كامل اتفاق الطائف. كل ذلك لاستعادة الثقة المحلية والدولية بلبنان الوجه الشهابي المنشود. لكن وعلى رغم ملاحظاتنا التي سنثيرها في جلسة المناقشة، لا بد من القول إننا محكومون بإعطاء الثقة لحكومة الإصلاح والإنقاذ".