الأحداث التي تجري اليوم عندنا وقربنا مع ما يظهر منها من ظلم وقساوة ولا انسانية، مخجلة ومذلة للكرامة ولاحترام الشخص البشري وحريته وقيمته الالهية تجعلني اصرخ وأقول: اللهم اجعل حظي مع الضحايا وليس مع الجلادين.
هذا هو ثمن كرامة اي شخص بشري دون النظر الى دينه او لونه أو عرقه أو طائفته. هذا الموقف الانتربولوجي العميق لاحترام الشخص البشري هو الموقف الاساسي للفكر الوجودي الشخصاني المسيحي.
في تراث الفكر التأسيسي للوجود اللبناني بالاستناد الى الميثة، ميثة طائر الفينيق وميثة ادونيس، تكمل بالايمان، بالحقيقة، بموت وقيامة المسيح التي هي تتويج لحياة المسيحيين.هذه هي التيولوجيا والانتربولوجيا الخلاصيّة الالهية التي تسير تاريخ البشرية، وهذه هي شريعة الزمن والتاريخ. كل شيء يتحول ويتبدل وينتهي ويتغير ولا ثابت ولا دائم الا الدائم الدائم، الذي هو الله وهو الالف والياء والبداية والنهاية، حيث عنده وفيه تنتهي معطوبيتنا وفنائيتنا.
في البدايات اللبنانية كانت ثنائية تواجد البحر والجبل، ثم تبعهما السهل، ركائز أساسية للانتروبولوجيا الوجوديّة اللبنانية في تكوين الشخصية اللبنانية المميزة. لكن يجب أن نميز ونعرف أن البحار والجبال والسهول وحتى الصحارى والثلوج موجودة في كل جغرافية العالم. لكن الذي يميز الوجود اللبناني ويجعله فريدا من نوعه هو قرب هذه المكونات الكبيرة من بعضها البعض، وكل محيطه لا يملك هذه الخصائص، لكننا كنا نرقب فجر الخلاص والحرية والفرح. وكما كتبت عن تدخل العذراء في التاريخ في اليوم الثامن من كانون الاول عيد الحبل بلا دنس حدثت هذه التحولات الكبيرة حولنا مبشرة بفجر حرية وسلام واحترام لكرامة الشخص البشري،
كما في الميتة الطوطامية le repas totemique لقد ثار الابناء على آبائهم ونهشوهم وأكلوهم واقتسموهم ليملكوا حريتهم وكرامتهم وقوتهم وينتهوا من عهد احتكارهم للنساء وللسلطة واللّذة في العشيرة، واقاموا بينهم عهدا بعدم الاعتداء على الاملاك ومجتمع بعضهم البعض عهد سلام وحرية ومساواة ونحن اليوم أمام هذا الفجر الجديد.