لفت العلامة السيّد ​علي فضل الله​، إلى أنّ "الانسحاب الأخير للعدو الصّهيوني من قرى الشّريط الحدودي، كشف بوضوح عن مدى عدوانيّة هذا العدو وهمجيّته في التّدمير الهائل للمباني السّكنيّة والبنى التّحتيّة والمرافق الحيويّة، وصولًا إلى المقابر، وفي تجريفه للأراضي والمزروعات ما جعل البلدات والقرى غير قابلة للحياة".

وأشار، خلال إلقائه خطبتَي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامَين الحسنين في حارة حريك، إلى "مدى بسالة المقاومين حماة الأرض، الّذين ثبتوا ودافعوا واستشهدوا حبًّا لهذا الوطن الّذي يريدونه أن يبقى حرًّا عزيزًا كريمًا، ومنعًا لهذا العدو أن يعبث فيه".

وركّز فضل الله على أنّ "هذا العدو لم يرد لهذا الانسحاب أن يكون كاملًا، ببقائه في مواقع حدّدها، ضاربًا بعرض الحائط الإتفاق بينه وبين الحكومة ال​لبنان​ية، سعيًا منه لإبقاء سيطرته وتحكّمه في القرى الحدوديّة من المواقع الّتي يتواجد فيها، ولمنع عودة الأهالي إليها، ولابتزاز ​الدولة اللبنانية​ على الصّعيدَين الأمني والسّياسي، ودفعها لتقديم تنازلات في مقابل خروجه منها، وللإيحاء لمستوطنيه المتردّدين في العودة بأنّ يده لا تزال الطّولى؛ وهو الّذي فَشل بعد حرب همجيّة وتدمير غير مسبوق في التّقدّم أكثر من بضع كيلومترات في الأراضي اللّبنانيّة".

وهنّأ اللّبنانيّين على "الإنجاز الّذي تحقّق، والّذي ما كان ليحصل لولا التّضحيات الجسام الّتي بُذلت من قبل المقاومين حماة الأرض، وإصرار أهالي الشّريط الحدودي على العودة إليه، رغم التّدمير وعدم وجود سبل الحياة فيها"، مشدّدًا على أنّ "المسؤوليّة تبقى على الدّولة اللّبنانيّة في ممارسة كلّ وسائل الضّغط على الجهات الرّاعية لهذا الإتفاق، لإخراج العدو من التّلال والأراضي الّتي يصرّ على البقاء فيها، ولمنعه من التّمادي بخروقاته الّتي يعلن أنّه سيستمر فيها، وأن تستعين على ذلك بعناصر القوّة الّتي تمتلكها؛ والّتي هي أحوج ما تكون إليها وإلى الحفاظ عليها".

كما أكّد "أهميّة الموقف الرّسمي الموحّد بين الرّؤساء الثلاثة، الّذي تقرّر فيه اتخاذ كلّ الإجراءات على الصّعيد الدّولي، لفرض خروج العدو من النّقاط الّتي لا يزال يحتلّها، والتّأكيد على حقّ لبنان باتخاذ كلّ الوسائل الّتي تضمن تحرير كامل ترابه، وعدم بقاء العدو في هذه المناطق الّتي لا يزال يحتلّها؛ وبسط سيادة الدّولة اللّبنانيّة عليه".

وأفاد فضل الله بـ"أنّنا على هذا الصّعيد، كنّا نأمل ولا نزال أن يتضمّن ​البيان الوزاري​ وبكلّ وضوح هذا الحقّ، خاصّةً مع إمعان العدو في احتلاله، وهو من لم يعلن حتّى الآن إيقاف حربه على هذا البلد وأطماعه فيه، في الوقت الّذي نريد للشّعب اللّبناني أن يتوحّد في موقفه لمواجهة هذا التّهديد لسيادته وأمنه، لعدم إعطاء العدو أية ذريعة تبرّر استمرار احتلاله أو اعتداءاته".

وحذّر من "المحاولات الّتي جرت وتجري للمسّ بهذه الوحدة من العدو الصّهيوني أو ممّن لا يريد لهذا البلد الاستقرار واستعادة الدّولة لحضورها، ما يدعو إلى مزيد من الوعي والتّحصين على الصّعيد الأمني، وتجفيف كلّ ما يساهم في الاحتقان الّذي نخشى من تداعياته على صعيد وحدة هذا البلد وأمنه وسيادته".

إلى ذلك، لفت إلى "أنّنا سنكون بعد يومين على موعد مع التّشييع المهيب للأمينَين العامَّين السّابقين لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله والسيّد هاشم صفي الدين، اللذين بشهادتهما توجّا مسيرةً طويلةً من الجهاد والتّضحية والعمل من أجل حماية هذا الوطن ومنعته وكرامة أهله وتحرير أرضه، وانطلاقًا من وعيهما لخطورة هذا العدو على أمن هذا البلد وعلى سيادته وعلى الأمّة إن تمكّن العدو من تحقيق مخطّطاته وأهدافه، وإيمانًا منهما بضرورة نصرة القضيّة الفلسطينيّة الّتي هي قضيّة حقّ وعدل؛ وأنّ الأمّة كلّها ستكون في دائرة الاستهداف إن نجح العدو من القضاء على القضيّة الفلسطينيّة وتصفيتها".

ودعا فضل الله، اللّبنانيّين جميعًا بكلّ فئاتهم وتنوّعاتهم إلى "المشاركة في التّشييع وفاءً لهما ولكلّ هذه المسيرة، مسيرة الوعي والجهاد تعبيرًا عن التّمسّك بقيم الحرّيّة والاستقلال والكرامة لهذا الوطن، في مواجهة عدو متغطرس لا يفهم إلّا منطق القوة".