عندما أعلن حزب الله عن اغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله كانت الحرب قائمة، وكان التعبير عن الحزن محدوداً لدى بيئة كانت نازحة، في مراكز الإيواء والشوارع، أصوات صُراخ وبكاء، وتعبير عن فقدان، ولكن الحزن الحقيقي لهذه البيئة سيكون في يوم التشييع 23 شباط، والذي يُريده الحزب يوماً وطنياً جامعاً.

خلال الحرب اتّخذ القرار داخل حزب الله بأن يُصار إلى دفن السيد نصر الله وديعة، لأن رجلاً بحجمه يستحق تشييعاً مهيباً، وحضوراً لافتاً، سيكون بلا شك التجمع البشري الأكبر في تاريخ لبنان، وهذا ما يفرض تحديات ضخمة على المشاركين وعلى اللجنة المنظمة، والحزب المعنيّ.

من خلال اختيار المكان والمسار، وتوزيع الدعوات، كان واضحاً أن الحزب، بحسب مصادر اللجنة المنظمة للتشييع، يسعى لتحويل المناسبة من شيعية إلى مناسبة وطنية، فالسيد نصر الله لم يكن قائداً شيعياً وحسب بل لبنانياً عربياً أممياً، وتشييعه سيكون على هذا الأساس، تقول المصادر.

تكشف المصادر أن الترتيبات انتهت ليوم الأحد، مع العلم أن تشييع السيد هاشم صفي الدين سيكون نهار الإثنين في بلدته الجنوبية دير قانون النهر، وبالتالي فإنّ النعشين سيفترقا في مكان قريب من مكان دفن السيد نصر الله، حيث سيُنقل جثمان السيد صفي الدين إلى بلدته لدفنه فيها في اليوم التالي.

التحدي الأساس خلال التشييع سيكون الحفاظ على سلمية التجمع وتقديم صورة مشرقة لمناسبة ستبقى في الأذهان طويلاً، لذلك سيكون هناك جهد كبير جداً من قبل الحزب لتأمين سلامة التجمّع، وهنا تطلب المصادر من كل المشاركين ومحبي السيد نصر الله الإلتزام المطلق والكامل بتعليمات المنظّمين، والإمتناع عن أيّ عمل من شأنه أن يُضر بالصورة العامة، لأنّ العالم يُراقب، وهناك من سعى للتشويش على المناسبة في الداخل والخارج ولا يجب إعطاء أي ذريعة لهؤلاء.

وتدعو المصادر إلى التزام المسارات المرسومة من قبل المنظّمين لأنّه على الأغلب لن يكون هناك حاجة لكثير من المشي بسبب الجموع الغفيرة، والمشاركة بالتشييع ستكون في كل المسار من المدينة الرياضية حتى المرقد، لذلك لا حاجة للتدافع والأهم أيضاً ألاّ يكون هناك أيّ إطلاق للنار.

صحيح أن مسؤولية نجاح هذا الحدث التاريخي والوطني ستكون على عاتق المنظمين، ولكن سيكون لكل مشارك دوره في إنجاحه أيضاً، لذلك المطلوب التسلح بالوعي والحكمة والهدوء والإلتزام، وهذا ما تشدد عليه اللجنة المنظمة.

بالنسبة إلى الحضور فكانت واضحة الدعوات الرسمية من قبل أصدقاء وحلفاء الحزب للمشاركة الشعبيّة الكثيفة، وبعض من قدّم اعتذاره كان له مواقف مشرّفة ويمكن تفهم هذه المواقف، إنما ما لا يمكن تفهمه هو إصرار البعض على الخصومة حدّ العداوة، والشماتة وتوزيع الإتهامات، وهذا ما سيكون له تأثيره السياسي في مرحلة ما بعد الأحد.

لن يُبالي المشاركون بوضع الطقس يوم غد، ولن يُبالوا بمحاولات التشويش الصادرة من الخارج أو محاولة البعض الحديث عن مخاطر إسرائيليّة قد تتدخل لتخريب هذا النهار، علماً أن الحزب أكد مراراً أنه لم يأخذ ضمانات من الإسرائيليين بخصوص هذا اليوم، ولكن المشاركين لن يُبالوا بهذه المخاطر وهم مدركين لها، على أمل أن يمرّ على خير.